يفتح الاسبوع الطالع على محاولات متجددة لإعادة انعاش الحياة السياسية المفقودة، تبدأ مع تسيير الدم في العروق السياسية الجافة، لعلها تؤسس لاختراقات في جدران الملفات المسدودة. في وقت تتكوّن في الافق اللبناني غيوم حربية يراكمها، ما تحذر منها مراجع مسؤولة، نوايا “اسرائيلية” واضحة بتوسيع متعمّد من قبل “اسرائيل” لدائرة الصراع في المنطقة وإشعال جبهة الحرب مع لبنان.
والحدث الابرز سيتبدّى غداً، في حضور لافت في توقيته، للجنة الخماسيّة في الملف الرئاسي في بيروت، للدفع بهذا الملف الى الامام. حيث انه في الوقت الذي تتوالى فيه الاشارات الايجابية عبر القنوات الديبلوماسية حول حراك فاعل هذه المرة للجنة، ربطاً بالضرورات التي ناقشها ممثلوها في عواصم دول اللجنة، والتي باتت توجب التعجيل في حسم الملف الرئاسي في لبنان وستتوج الاجتماعات المتفرقة التي تسارعت في الايام الاخيرة بين سفراء دول اللجنة الخماسية في لبنان، في الساعات المقبلة في حراك مباشر، يقوم به السفراء اعتباراً من يوم غد، حيث من المقرر ان يلتقي السفراء رئيس مجلس النواب نبيه بري.
واكدت مصادر مواكبة لهذا الحراك المتجدّد لـ«الجمهورية» أنّ التوجّه الذي تسير بموجبه اللجنة الخماسية ينطلق من مسألة اساسية جوهرها فصل الملف الرئاسي في لبنان عن سائر القضايا الاخرى، وارتكازاً الى الحاجة الملحة للبنان لإعادة انتظام الحياة السياسية، بالتزامن مع التطورات المتسارعة في ساحات المنطقة.
واشارت الى أنّ تحرّك سفراء دول الخماسية يأتي استكمالاً للاتصالات التي تكثفت في الآونة الاخيرة ما بين عواصم دول اللجنة، لا سيما باريس والريّاض والدوحة والقاهرة، على ان يكون هذا التحرّك، الذي قد يشمل مسؤولين آخرين وممثلين عن المكونات السياسية، مقدمة تمهيدية لزيارة موفد اللجنة الوسيط الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت خلال الاسبوعين المقبلين».
واستفسرت «الجمهورية» من مسؤول كبير حول مهمة اللجنة، فقال: «ليس في الامكان الحديث عن اي تفاصيل قبل ان نعرف مضمون مهمة اللجنة هذه المرة، ولكن في كل الاحوال، في هذا التحرّك علامة ايجابية، واشارة متجددة الى انّ الملف الرئاسي في لبنان، وخلافاً لما يُقال، أُعيد إدراجه في خانة اولويات الدول. لكن الحكم النهائي على هذا التحرّك مرتبط بما ستطرحه اللجنة في هذا الحراك.
وكشف المسؤول عينه لـ«الجمهورية»، انّ الحراك المنتظر لسفراء الخماسية في بيروت، سَبقته اشارات ايجابية حول الملف الرئاسي. وقال: بحسب ما لمسنا، فإنّ هناك إيجابيات في الموقف الاميركي، ويمكن القول إنّه موقف مشجع حيال اتمام الاستحقاق الرئاسي في المدى المنظور، وسمعنا هذا الكلام مباشرة من السفيرة الاميركية الجديدة ليزا جونسون، وكذلك من الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، وكما سبق وقلت، فإنّ الامور في خواتيمها».
وفي السياق ذاته، توقفت مصادر سياسية وسطية عند الحراك المتجدد للجنة الخماسية بوَصفه «فرصة مهمة للبنان في هذه الظروف، لإعادة إحياء نفسه»، وقالت لـ«الجمهورية»: اعتقد انّ اللجنة تسابق التطورات التي يمكن ان تحصل، كنت وما زلت أخشى من توسّع الحرب في قطاع غزة الى لبنان، واعتقد ان كمّ المخاطر المُحدقة بنا، يوجِب على عباقرة التعطيل أن ينزلوا عن أعمدتهم، وينخرطوا في مسار توافقي على انجاز الانتخابات الرئاسية».
ولفتت المصادر الى «أنّ البعض في الداخل بات «مقرفاً» في سلوكه العدائي، الذي يؤكد في تشبّثه بشروط التعطيل والتعجيز، رهانه على متغيرات اعتقاداً منه انّها سستتولّد عن تطورات الحرب الجارية، فيما هذه الرهانات توازي الرهان على الدمار، هذا تفكير خفيف، فما نفع تلك الرهانات بعد خراب البصرة. ومن هنا فإنّ حراك الخماسية، وكما اكد لنا بعض السفراء، يرتكِز على محاولة بلورة حلّ رئاسي توافقي على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، واعتقد انّ هذا هو المطلوب، وهو أمر في رأيي لا يختلف عليه اثنان في لبنان، الا اذا فضّل البعض الاستمرار في مغامرة المكابرة.
وخلصت المصادر الى القول: بتنا قريبين جداً من آخر الخط، والعالم كلّه يرسل اشارات متتالية حول حجم الخطر المحدق بلبنان، لا سيما مخاطر الانزلاق إلى الحرب، وهو أمر محتمل في ظل العدوانية الإسرائيلية التي تعكس توجّهاً “اسرائيلياً” لإشعال حرب شاملة، وهو ما تشير اليه بوضوح التهديدات المتتالية التي تصدر عن المستويين الامني والسياسي في اسرائيل، وأخطرها ما نشر بالأمس عن استطلاع للرأي في بعض جامعات “اسرائيل” بفيد بأنّ 65% من المستطلعين يؤيدون عملا عسكريا ضد لبنان لإبعاد «حزب الله» عن الحدود، بما يضمن توفير الامن للمستوطنات».