يبدو ان المقاطعة الانفصالية التايوانة عالقة في لعبة اميركية خطيرة بعد أن تعمدت ادارة الرئيس الاميركي بايدن على ارسال
إشارة خاطئة إلى القوى الانفصالية المطالبة باستقلال تايوان والتي تمثلت بتهنئة لاي تشينج – تي المؤيد للانفصال على فوزه في الانتخابات الرئاسية في الجزيرة التي تحظى بحكم ذاتي.
يحبس العالم أنفاسه، من حين لآخر، كلما توترت العلاقات بين الولايات المتحدة الاميركية من جهة، وكل من جمهورية الصين الشعبية من جهة أخرى، خوفاً من اندلاع حرب عالمية شاملة، خاصة بسبب تفاقم الأحداث حول جزيرة تايوان حيث تصر بكين على إعادة ضم جزيرة «تايوان» إلى الصين الأم، لأسباب منطقية. بينما تمانع واشنطن بشدة استعادة الصين لتايوان، لأسباب استراتيجية خطيرة. هذا الخلاف العميق الحاد، جعل من تايوان نموذجا عن السياسة الخارجية الاميركية في عدم احترام سيادة الدول والتدخل بشؤونها الداخلية وتهديد الامن والسلم الدوليين وذلك لأن حرباً عالمية شاملة (ثالثة) قد تنشب، لا سمح الله، بسبب الصراع، الأمريكي – الصيني، على هذه الجزيرة.
لعقود من الزمان اعترفت الولايات المتحدة الاميركية بموقف جمهورية الصين الشعبية بأن هناك حكومة صينية واحدة فقط، هي تلك الموجودة في البر الرئيسي. وقد حافظت الادارات الاميركية المتعاقبة على علاقات رسمية مع تلك الحكومة، وليس مع حكومة تايوان منذ عام 1979، الأمر الذي ساعد في الحفاظ على السلام في المنطقة على مدار الأربعين سنة الماضية.
تتعامل الصين مع تايوان كمقاطعة، كما تُظهر الخرائط الصينية مدن وقرى وشوارع تايوان على هذا النحو، وتعتبر بكين عودة تايوان لها حتمية تاريخية “لتجديد شباب الصين الوطني “على حد قول الرئيس شي جين بينغ.
بالمقابل تتبنى واشنطن مبدأ «صين واحدة» أى إنها تعترف أن تايوان دولة غير مستقلة، وترفض واشنطن أى إعلان لاستقلال تايوان بشكل دائم عن الصين. فى الوقت ذاته، تؤيد الحل السلمى للخلافات بين تايبيه وبكين، وتعارض أى تغييرات انفرادية فى الوضع الراهن من جانب الصين.
وكانت العلاقات الثنائية بين الجانبين قد شهدت تطورات تمثلت بالزيارة التي قام بها ليو جيان تشاو، رئيس الدائرة الدولية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، على رأس وفد رفيع المستوى إلى الولايات المتحدة في الفترة من 8 إلى 13 كانون الثاني/يناير 2024 حيث التقى الموفد الصيني خلال الزيارة، وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، والنائب الرئيسي لمستشار الأمن القومي جون فاينر، وأعضاء من مجلس الشيوخ ومجلس النواب من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وعمدة سان فرانسيسكو لندن بريد، ومهنيين من قطاعات أميركية تشمل المالية والصناعة والتجارة والمراكز البحثية والإعلام.
وأجرى الوفد تبادلا معمقا لوجهات النظر مع مختلف الأطراف بشأن آفاق التنمية في الصين، والعلاقات الصينية الأمريكية، والحوكمة العالمية.
وقال الجانبان الصيني والأمريكي إنهما سيواصلان تنفيذ التوافقات الهامة التي توصل إليها الرئيس شي جين بينغ والرئيس جو بايدن واتخاذ إجراءات ملموسة لتعزيز التنمية المستقرة والصحية والمستدامة للعلاقات الصينية الأميركية.
لا شك أن زيارة المسؤول البارز بالحزب الشيوعي الصيني لواشنطن كانت في غاية الأهمية، خصوصا وأنها جاءت وسط حروب وأزمات عالمية متأججة وخطيرة ويمكن أن تتفاقم وتخرج عن السيطرة واشارت مصادر مطلعة الى انه جرى خلال اللقاء بحث مواضيع متعددة أهمها الحرب الدائرة في كل من غزة وأوكرانيا، وكذلك العلاقات المتنامية بين كوريا الشمالية وروسيا، وقضية تايوان، والعلاقات الاقتصادية بينهما، والتعامل التجاري “المنصف”، إضافة إلى مواضيع أخرى منها استخدامات الذكاء الاصطناعي وتأثيراته المحتملة، ومكافحة المخدرات.
اليوم تعود حدة التوتر بين الصين والولايات المتحدة بعد انتخابات تايوان في محاولة اميركية واضحة في استخدام بطاقة تايوان لاحتواء الصين في حين ان مطالب جمهورية الصين الشعبية باستعادة تايوان، تشكل إكمالاً للوحدة والكرامة الوطنية الصينية عامة. إضافة لما لهذه الجزيرة من أهمية اقتصادية، واستراتيجية، هائلة. وأصبح لهذه المطالب الصينية تأثير كبير متصاعد، لتصاعد قوة الصين، والقفزة النوعية الاقتصادية والتقنية التي حققتها في نصف القرن الماضي، التي جعلتها تتبوأ مكانة الدولة العظمى، وتنافس على قمة العالم الاقتصادية – السياسية.
ان تايوان تعيش على «الحماية» الأمريكية في ظل وجود قاعدة عسكرية أمريكية تؤمن الدعم الكافي لما يسمى ب ” قوى استقلال تايوان “وهو ما يؤثر على طبيعة “الديمقراطية التايوانية” وعلى نتائجها من خلال سياسة التهديدات والترهيب التي تمارس على سكان الجزيرة فضلا عن ضغوط دبلوماسية وعسكرية مارستها اميركا وهو ما كشف عنه مسؤول كبير في الإدارة الاميركية، عن توجه وفد اميركي بتكليف من الرئيس جو بايدن، إلى تايبيه للقاء شخصيات بارزة والبحث في ملفات عديدة بين الطرفين مما يؤشر الى كتابة فصل جديد من العلاقات الاميركية -الصينية .
أن جمهورية الصين الشعبية تخوض لعبة صبر إستراتيجي طويلة تقوم على حنكة عالية في التعاطي مع حل المشاكل والازمات الاقليمية والدولية لذلك لا تبدو نتائج الانتخابات التايوانية بالنسبة لبكين محطة قد تعيق التوجه الحتمي لاعادة تايوان الى الصين الأم انطلاقا من رغبة صينية واضحة في الالتزام بـ”توافق عام 1992 الذي يكرّس مبدأ الصين الواحدة ومعارضتها بشدة الأنشطة الانفصالية الرامية إلى استقلال تايوان وكذلك التدخل الأجنبي وعلى اعتبار تايوان جزءاً من أراضيها، ويجب إعادتها إلى كنفها، بالقوة إن لزم الأمر.
**