اليوم، هناك نقاش في احتمال إصدار تعميم بديل. ويبدو انّ مصرف لبنان يريد ان يتمّ السحب بالدولار، وفق سقف شهري لا يتجاوز الـ150 دولاراً من كل حساب. لكن الإشكالية في هذا الموضوع، تكمن في النقاط التالية:
ثالثاً- اصبح اي اجراءٍ ترقيعي خارج إطار الخطة الشاملة، لا يخلو من الاضرار الجانبية الجسيمة، وبالتالي، اذا لم تواكب «الدولة» الإجراءات الاستثنائية الناتجة اصلاً من استمرار غياب دورها، لن تكون النتائج ايجابية في المحصلة.
في موضوع تغيير سعر الصرف الرسمي للدولار، واعتماد دولار منصّة صيرفة، اصبح واضحاً انّ مصرف لبنان ينتظر صدور موازنة العام 2024، لكي يتبنّى واقع تغيير وتوحيد سعر الصرف. وهذا الامر مطلوب من قِبل صندوق النقد الدولي. لكن الإشكالية هنا تكمن في زيادة الضغط المعيشي على المواطنين، بسبب ارتباط بعض الضرائب والرسوم بسعر الصرف الرسمي. بالاضافة الى ذلك، لا بدّ من اجراءات تمنع حصول ثغرات في ميزانيات الشركات والمؤسسات المالية. وهناك من يسأل عن جدوى رفع سعر الصرف في هذا التوقيت، إذا كان الاتفاق مع صندوق النقد مؤجّلاً، بما يعني انّ الخطة الاقتصادية الشاملة لن ترى النور قريباً. وبالتالي، ليس مفيداً ان تتعرّض المؤسسات لأي خلل بنيوي يعيق استمرارها.
في المحصّلة، لا تكمن المشكلة في الإجراءات التي قد يتخذها مصرف لبنان، بل في تقاعُس الدولة عن القيام بدورها. وبعد 4 سنوات على الانهيار، لم يعد ممكناً اتخاذ اجراءات مجتزأة، بل صار المطلوب صدور سلّة متكاملة تشمل كل الخطوات التي ينبغي ان تواكب الخطة الشاملة. وبعد تقرير «الفاريز» الجنائي، وبعد الدراسة الصادرة عن جامعة «هارفرد»، وبعد البيان الاخير لمصرف لبنان في شأن تبيان وضعه المالي حتى نهاية العام 2023، لم يعد متاحاً صدور اية خطة لا توضح فيها الدولة قرارها في شأن كيفية التعاطي مع ديونها ومع المستحقات المتراكمة عليها لمصرف لبنان، لأنّه في ضوء هذا القرار يمكن تحديد مصير الودائع والمودعين، ومصير الاقتصاد في السنوات المقبلة.
المصدر:”الجمهورية – انطوان فرح
**