11 كانون الثاني /يناير من عام 2024 هو يوم تاريخي في مسار العدالة الدولية بحيث شاهد العالم بأسره دولة جنوب افريقيا وهي تقدم في مرافعة تاريخية امام محكمة العدل الدولية ضد “اسرائيل” واتهمتها بارتكاب اعمال ابادة في غزة . وهكذا ،لأول مرة ” تكون “اسرائيل” عرضة للمساءلة عن جرائمها الوحشية المرتكبة بحق الفلسطينيين بعد ان قامت الولايات المتحدة الأميركية ومعها الغرب باستخدام قوتهم ونفوذهم لمنح الكيان الصهيوني حصانة سياسية وقانونية لم تتمتع بهما دولة عبر التاريخ.
قدّمت جنوب أفريقيا، فى 29 ديسمبر/كانون الأول 2023، طلبا إلى محكمة العدل الدولية لبدء إجراءات ضد “إسرائيل”، لما وصفته بأنه «أعمال إبادة ضد الشعب الفلسطينى» فى قطاع غزة، وأنها تقوم باستخدام القوة من دون تمييز، وبتهجير الناس بالقوة، وبارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وبتنفيذ أعمال ينطبق عليها تعريف جريمة الإبادة الجماعية.
وتعرّف المادة 9 من اتفاقية الإبادة الجماعية»، لعام 1948، بأنها «أفعال ترتكب بقصد التدمير، كليا أو جزئيا، لمجموعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية، وهذه الأفعال تشمل قتل أعضاء من الجماعة، وإلحاق أذى جسدى أو روحي خطير بأعضائها، وإخضاع الجماعة عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادى كليا أو جزئيا، وفرض تدابير تستهدف الحول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة، ونقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى». وتطالب جنوب أفريقيا بأن تعلن المحكمة أن “إسرائيل” ترتكب أعمالا يمكن اعتبارها إبادة جماعية فى غزة، وأن تُصدر أمرا يُلزمها الامتناع من الاستمرار فى هذه الجرائم، واتخاذ الخطوات اللازمة لمنع الإبادة الجماعية. مع العلم ” إسرائيل” كانت قد وقّعت على وثيقة ضد الإبادة الجماعية التى بموجبها، تستمد محكمة العدل العليا صلاحيتها، من أجل النظر فى الشكوى المقدمة من جنوب أفريقيا ضدها. وبموجب قوانين المحكمة، من حق أى دولة موقّعة للمعاهدة التقدم بشكوى ضد دولة أُخرى، حتى لو لم تكن هى نفسها المتضررة.
بالفعل انها قضية القرن امام محكمة العدل الدولية في الدعوى المؤلفة من 84 صفحة والتي تثبت من خلالها جنوب أفريقيا إلى أن إسرائيل فشلت في تقديم الأغذية الأساسية والمياه والأدوية والوقود وتوفير الملاجئ والمساعدات الإنسانية الأخرى لسكان القطاع، مشيرة أيضا إلى حملة القصف المستمرة التي دمرت مئات الآلاف من المنازل واضطرت نحو 1.9 مليون فلسطيني إلى النزوح، وأسفرت عن مقتل 23 ألف شخص وفقا لبيانات السلطات الصحية في غزة.
آلاف الأرواح من أطفال وشيوخ ونساء ممن قتلتهم آلة الاجرام الإسرائيلية، يحلّقون اليوم في سماء مدينة لاهاي الهولندية، حيث محكمة العدل الدولية، متسائلين أما حانت بعد لحظة القصاص العادل من دولة الاحتلال التي مارست كل فنون الارهاب والبطش والقتل والتدمير و الانتهاكات منذ 75 عاما، عبر استهداف مدارس فلم ترحم أطفالها، والمستشفيات فلم تشفق على مرضاها، بل ووضعت النساء هدفا لها، وداست المقدسات، بينما لم يراعي الغرب المتشدق بحقوق الانسان مآسيهم على مدار عقود، في ظل انحياز اميركي صارخ لكيان عنصري فاشي وقادته الذين باتوا يشربون دماء البشر كالمياه، لتتجه أنظار الفلسطينيين ومعهم كل المتشبثين بما تبقى من قانون دولي وعدالة دولية في العالم إلى القضاء الدولي لعله يكون منصفا في عالم افتقد أدنى معايير العدالة والكرامة الانسانية.
“اسرائيل” في قفص الاتهام وأمام محاكمة تاريخية تفضح الاحتلال وحلفاءه ، لتقف العدالة الدولية امام اختبار حقيقي بانتظار قرار عاجل من “محكمة العالم” يفضي بوقف فوري للعدوان على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة استنادا الى المادة 41 من النظام الاساسي للمحكمة والتي تخولها سلطة اصدار اوامر باتخاذ تدابير مؤقتة لحماية حقوق اطراف النزاع ، من بينها الاوامر التي تهدف الى منع وقوع الضرر بصورة لا رجعة فيها لحماية المدنيين العزل وصون كرامتهم الإنسانية وفق مبادئ القانون الدولي.، واقرارها بعدالة قضية فلسطين وبحق شعبها بالعيش بحرية وسلام في أرضه.
هذه فلسطين لا تعرف الركوع. طوّعت الموت الذي صار خبزا يوميا. وفلسطين التي لا تعرف اليأس ايضا ايقظت من جراحها اصوات بلغت آذان الله وهي تنادي بالعدالة كرمى لوجوه ملطخة بدماء اطفال ونساء وشيوخ وشهداء دماءهم تملأ تاريخنا.
**