تكتّم الذين التقوا الموفد الاميركي اموس هوكشتاين على ما دار في الخلوات التي عُقدت بينه وبينهم، قبل انتقالهم الى الاجتماعات الموسّعة التي ضمّت اليهم المستشارين والمعاونين. ولم يشأ احد من المسؤولين الذين اختلوا بالموفد الاميركي الكشف لـ»الجمهورية» عمّا دار في هذه الخلوات، وكذلك لم يكشف عمّن طلب هذه الخلوات، أهو هوكشتاين نفسه أم المسؤولون أنفسهم.
إلّا أنّ التكتم على طبيعة هذه الخلوات، وتأكيد بعض المعنيين بها أن ليس في إمكانهم كشف ما أُثير خلالها، يدلّان إلى جدّية القضايا التي طُرحت فيها وحساسيتها، وكذلك يدلان إلى حرص المعنيين على نجاح مهمّة الموفد الاميركي التي جاءت من طبيعة مزدوجة عسكرية ـ حدودية، تتعلق بالوضع المتفجّر على الحدود الجنوبية، وسياسية ـ رئاسية تتعلق بما يمكن الولايات المتحدة الاميركية القيام به للمساعدة في تحقيق حلّ سياسي للأزمة اللبنانية، بدءاً بإقامة سلطة جديدة برئاسىة رئيس جمهورية جديد.
وكان هوكشتاين زار لبنان أمس لساعات، ناقلاً اقتراحاً بإيجاد حل مؤقت لتهدئة الجبهة الجنوبية إن لم يكن في الإمكان التوصل الى اتفاق مع اسرائيل على حل مستدام، وقد غادر بيروت عصراً عائداً الى واشنطن، إن لم يكن قد انتقل الى تل ابيب.
وفي معلومات لـ»الجمهورية» من مصادر موثوقة اطلعت على اجواء محادثاته، انّ هوكشتاين نقل الى لبنان رسالة اسرائيلية مفادها «انّها ليست هي من بدأ الحرب في الشمال بل «حزب الله» وعلى عاتقه يقع الحل، وعلى الحكومة اللبنانية إيجاد الحل مع حزب الله».
وأوضحت هذه المصادر، انّ هوكشتاين لم يتبنَ الكلام الاسرائيلي بل كان ناقلاً لما سمعه في تل ابيب، لذلك طرح التوصل الى الحل المؤقت او المرحلي، تبدأ المرحلة الاولى منه بتبريد جبهة الجنوب، داعياً الى ايجاد مقاربات جديدة طالما يتعذّر التوافق الآن مع اسرائيل الى حين انتهاء الحرب على غزة، ويبدو انّها طويلة ولن تنتهي قريباً.
ونبّه هوكشتاين الى «ضرورة ايجاد الحل حتى لا تتوسع الحرب ويحصل دمار كبير في لبنان»، داعياً الى «عدم ربط الحل بوضع غزة».
وعلمت «الجمهورية» ايضاً، انّ الموقف اللبناني كان واضحاً لجهة عدم جدوى الحل المؤقت، بل انّ الحل المستدام هو المطلوب، وذلك عبر تنفيذ اسرائيل كل الاتفاقات والقوانين الدولية، بدءاً من اتفاق الهدنة لعام 1949، وتثبيت الحدود اللبنانية البرية مع فلسطين المحتلة المرسّمة منذ العام 1926، وصولاً الى تطبيق القرار 1701 وما قبله.
وعلى هذا ستُجري الحكومة تقييماً لما حمله هوكشتاين ومن ثم ستجري مشاروات مع المعنيين، ولا سيما منهم رئيس مجلس النواب نبيه بري و»حزب الله»، لتحديد الخيارات التي يمكن اعتمادها. في حين سيبقى هوكشتاين على خط التواصل المباشر مع لبنان والكيان الاسرائيلي.
**