هذا وشكلت عملية اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشيخ صالح العاروري ورفيقيه سمير فندي «ابو عامر» وعزام الاقرع « ابو عمار» والشهيدين الكادرين محمد الريس واحمد حمود فيما نعت الجماعة الاسلامية شهيدين سقطا في الانفجار هما محمد بشاشة ومحمود زكي شاهين، ضربة موجعة لمحور المقاومة وخرقا امنيا خطرا يتطلب المزيد من الاجراءات والجهد لكشف الفاعلين وحماية قيادات المقاومة، في ظل قرار نتنياهو وفريقه المجنون باغتيال القادة المقاومين مهما كانت العقبات وردود الافعال، خصوصا ان قادة العدو لا يعترفون بالخطوط الحمراء والصفراء والمواثيق الدولية وشرعة حقوق الانسان، وقتلوا 25 الف فلسطيني بدم بارد وبغطاء عربي واوروبي واميركي وصمت عالمي.
وفي المعلومات، ان عملية الاغتيال شكلت خللا امنيا، لجهة وصول مسيرة الى اجواء بيروت واطلاقها عدة صواريخ على مكتب لحركة حماس في الضاحية، بغض النظر عن مكان انطلاق المسيرة وطول المسافة او قصرها، رغم المعلومات التي اشارت، الى ان المسيرة التي نفذت الهجوم متطورة جدا ولا يمكن كشفها، وهي من نوع» براديت» اميركية الصنع واستخدمها الجيش الاميركي في افغانستان، وكان هناك قرار اميركي بعدم تصديرها الى الخارج، ومن الممكن ان «اسرائيل» حصلت على مثل هذه المسيرات مؤخرا او انها ادخلت التقنيات الاميركية على مسيراتها، لان الصواريخ التي اطلقت من الاحجام الكبيرة والمدمرة ولايمكن للمسيرة العادية حمل مثل هذه الصواريخ التي احدثت دمارا في الطبقات الاربع من المبنى المستهدف، وهذه المعلومات كشفتها وسائل اعلام اجنبية لكنها قد تكون غير صحيحة في ظل الغموض المحيط بعملية التنفيذ، ومن المؤكد ان الايام المقبلة ستكشف كيف تمت العملية وكيف نفذت؟ علما ان الجيش اللبناني قام باجراء التحقيقات وعاين مكان الانفجار وكشف عن حجم الاضرار.
وفي المعلومات ايضا، ان عملية كهذه مهما بلغ حجم تطور المسيرة، تحتاج لتنفيذها الى تعاون وتنسيق مخابراتي على الارض وربما بين اكثر من جهة، ولا شك في انها نفذت بقرار واشراف اميركي – اسرائيلي – اوروبي – عربي وتعاون واسع، وهكذا عملية تتطلب حسب مصادر فلسطينية في بيروت جهودا ومتابعة ورصدا ومراقبة دائمة وعملاء واتصالات وحركة طيران تجسسية لدول عديدة لم تغب عن اجواء العاصمة والضاحية طوال الاسابيع الماضية، وهكذا عملية لا يمكن انجازها من فريق واحد، خصوصا ان الشهيد العاروري كان على راس قائمة المستهدفين من هذه الدول، والشهيد سمير فندي بعد العاروري مباشرة على لائحة الاغتيالات، فالشهيد فخري كان المسؤول الامني والمالي لحركة حماس، اما الشهيد الاقرع فكان المسؤول العسكري للقسام في لبنان، وبالتالي فان عملية الاغتيال جرى التحضير لها منذ فترة طويلة، مهدت لها المخابرات الاميركية منذ عام 2018 بالاعلان عن تقديم جائزة مالية بقيمة 5 ملايين دولار لمن يدلي باي معلومات عن الشهيد العاروري، كما ركزت الصحف الاسرائيلية منذ اشهر على العاروري ورفاقه ووجودهم في الضاحية الجنوبية وممارسة حرب نفسية والادعاء بتحديد اماكن وجودهم، كما شاركت وسائل اعلام عربية ومحلية في الحملة والتحريض على وجود العاروري ورفاقه في الضاحية واسباب هذا الوجود، وان من شان ذلك تعريض لبنان لمخاطر جمة من قبل العدو الاسرائيلي، وطالبوا بترحيلهم، حتى ان موفدين اجانب سألوا مسؤولين لبنانيين عن اسباب اقامة العاروري في الضاحية وضرورة ترحيله تجنبا للرد الاسرائيلي، وحملوا حزب الله المسؤولية كونه يؤمن الغطاء والحماية لهؤلاء القادة في بيروت.
فالشهيد العاروري، وحسب المصادر الفلسطينية في بيروت، كان من اوائل العاملين على فتح صفحة جديدة بين حماس ومحور المقاومة وعودة العلاقات الطبيعية مع سوريا، حتى انه لم ينقطع عن زيارة دمشق في اوج الخلاف بين سوريا وحماس، وعمل ايضا على تمتين التحالف وتعزيزه مع حزب الله ويرتبط بعلاقة اخوية مع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ويلتقيان بشكل دائم، ووقف بقوة ضد بعض الانتقادات التي وجهت لحزب الله من قبل قيادات حماس ومطالبتهم بضرورة الانخراط بشكل اقوى في المعركة، وعمل اثناء وجوده في بيروت على وحدة الموقف الفلسطيني وازالة التباينات، ويحظى باحترام كبير بين جميع الفصائل الفلسطينية، ونسج علاقات ممتازة مع معظم القيادات الفلسطينية في السجن حيث قضى 15 سنة وخرج عام 2007 ثم اعتقل بعد 3 اشهر وقضى في السجن 3 سنوات وتم ترحيله الى تركيا، وبعد مقتل 3 مستوطنين عام 2012 تم ترحيله من تركيا الى قطر بطلب اسرائيلي، ثم انتقل الى بيروت، كما انه من اشد العاملين على تعزيز العلاقات بين حماس وايران وارتبط في السجن ايضا بعلاقات نضالية مع القائدين يحيى السنوار ومحمد الضيف وساهموا في ولادة كتائب القسام وتعزيزها وتطويرها وتدريبها، ويعتبر العاروري المسؤول العسكري الاول عن القسام وبناء الجيل الثاني، كما ساهم في انتشار القسام في الضفة ولبنان كما يرتبط بعلاقات مع قادة عرب الـ 48، و شكل مع السنوار والضيف ومروان عيسى وابو عبيدة حلقة واحدة في التخطيط لعملية طوفان الاقصى وادارة غرفة العمليات المشتركة، كما مثل الشهيد العاروري حركة حماس في غرفة عمليات محور المقاومة.
وحسب المصادر الفلسطينية في بيروت، فان القيادة الاستثنائية للعاروري ودوره في الضفة وغزة ولبنان وسوريا والعراق واليمن ومع جميع حركات التحرر جعلاه هدفا دائما للمخابرا ت الاسرائيلية والدولية، ووصفته الصحف الاسرائيلية بانه « مهندس الساحات لمحور المقاومة والرجل الاستراتيجي «وباستطاعة نتنياهو التباهي بهذه العملية وهذا الانجاز للتعويض عن هزائمه على ابواب غزة، ولذلك سارع الى استقبال رئيس الموساد بعد العملية وهنأه، والكشف عنها، رغم ان الموساد لا يعلن مباشرة عن هكذا عمليات الا بعد مدة، وهذا ما يؤكد مدى حاجة نتنياهو الى انجاز كهذا، واعلانه امام جيشه ومعارضيه والرأي العام بعد اخلاء المواقع وسحب الالوية، الى خارج القطاع، فيما كان شعاره تدمير غزة وسحق حماس وتسليمها الى ادارة جديدة تحت اشراف الموساد.
وكان نتنياهو توعد العاروري في اكثر من مناسبة بالاغتيال، ورد على ذلك بان «هذه التهديدات لن تغير مساره قيد انملة « كما وصفته الصحف الاسرائيلية بانه « من يمسك الخيوط في الضفة الغربية، وان معظم القادة العسكريين الاسرائيليين كانوا يدعون دائما لاغتياله لانه اخطر واهم شخص لدى حماس، وهو المطلوب رقم واحد في اسرائيل».