تحليلات على ” مدّ عينك والنظر”، وسط مستجدات استثنائية لا تمر في حياة الشعوب وتاريخها الا كل ٤٠٠ و٥٠٠ سنة كالمستجدات الحالية، وسط كباش طاحن على حد السيف بين محورين لا يلتقيان، وليس هناك من تقاطعات مشتركة بينهما، من اليمن الى لبنان وفي كل الساحات.
ومن يظن ان الاحداث في غزة تنتهي باشهر او سنة وسنتين واهم، ولا يعرف الف باء السياسة، والانكى وسط المعممة الكبرى التي تهدد الكيان اللبناني ووجوده، كما قال الرئيس السابق للحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، سائلا “اذا في انتخابات بعد”، محذرا من خرائط جديدة ترسم للمنطقة، وهذا ما يستدعي الحوار ووحدة الصف.
ويروج هذا البعض ان هذا الطرح تتبناه الخماسية، واثاره الموفد الفرنسي جان ايف لودريان مع القيادات اللبنانية، محذرا من انتقال الحرب الى لبنان بعد القضاء على غزة وخلق معادلات جديدة، تنهي دور حزب الله وتسمح بتطبيق اتفاق ١٧ ايار، واللافت ان هناك من يعيش نشوة النصر مع كل تقدم للعدو في غزة.
لكن في المعلومات المؤكدة، ان لودريان لم يتطرق الى تعديل الـ ١٧٠١ وتطبيق الـ ١٥٥٩ في لقاءاته في بيروت، وتحديدا مع الرئيس نبيه بري، ولو قال هذا الكلام لسمع جوابا على مستوى الطرح . بالمقابل، تهيّب المندوب الفرنسي لقاء حارة حريك لانه يعرف ان ما سيسمعه في الحارة لن يسمعه في اي لقاء . فقد شرح لودريان موقف بلاده من التطورات واسدى النصائح، فيما رد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد بتقديم عرض شامل للتطورات، وانتقادات للمواقف الفرنسية من عزة وتراجع دورها في المنطقة، واستمع لودريان للملاحظات جيدا وسجلها، بعد ان قدم التعازي لرعد باستشهاد نجله، موحيا بانه يتحدث باسم الخماسية وسها عن باله، بحسب مصادر متابعة، ان باريس والرياض والدوحة والقاهرة وانقرة لا لون ولا رائحة لهم في لبنان، وادوارهم غير تقريرية، بل هم ” كومبارس” حاملو رسائل وعروضات فقط، والكلمة الاخيرة لمن يصمد في الميدان، ولذلك ستبقى معادلة حزب الله “جنوبا در جنوبا سر وانتصر”، نصرة لغزة وفلسطين ودفاعا عن لبنان، هي الاساس.
واشارت المصادر الى ان الملفات الداخلية قابلة للنقاش، والقرار فيها لبري بتفويض شامل من حارة حريك، ولذلك فان موضوع التمديد لقائد الجيش لم يحسم بعد، وتم تأجيل الجلسة التشريعية المطروح على جدول اعمالها ١٧ مشروع قانون، من ضمنهم التمديد لقائد الجيش لسنة، كما قدمته “القوات اللبنانية”.
ورأت المصادر ان البعض يتعاطى مع المرحلة “بوقاحة” لافتة، محاولا القفز فوق الدماء وعذابات الجنوبيين وهز الوحدة الداخلية، بالمقابل فان قرار حزب الله واضح وحاسم لجهة الابتعاد عن السجالات ومد اليد لجميع اللبنانيين، الذين قابلوا السياسات الواعية للحزب بالثناء والاشادة. وقد ترك استشهاد عباس محمد رعد التفافا شعبيا واسعا حول الحزب ومقاوميه في كل المناطق والطوائف وعلى امتداد الاراضي اللبنانية، وصولا الى الدول العربية، وهذا سبّب نقمة وانزعاجا عند البعض في الداخل، الذين بادروا الى حملات مضادة مدفوعة الاجر لم تحقق مبتغاها، وقد ترك تصريح البعض عن رفضه التعويض على اصحاب المنازل المتضررة في الجنوب جراء الاعتداءات الاسرائيلية، انزعاجا ورفضا عند كل الناس.
ولذلك، وامام التطورات التاريخية والاحداث الكبرى، يبدو مشهد المنطقة لـ٥٠ سنة المقبلة، وهذا المشهد تحسمه غزة والصمود الاسطوري وليس مشاريع البعض، ومن ينتصر سيحكم المنطقة لاجيال واجيال.
المصدر:”الديار – رضوان الذيب”
**