علينا أن نشتري ورداً، لنضعه على قبور أنظمة عربية .الكرامة لم تولد بعد في جغرافيا الخونة والمتخاذلين. علينا أن نسأل من أفسد القضية الفلسطينية مهبط الوحي والإيمان. لا تنقصنا الأدلة:
الخطاب العربي مشبع بالكذب و”اسرائيل” لا تشبع من الدماء. التكاذب العربي يتشابه مع الاجرام الاسرائيلي.. السؤال التافه والبسيط: هل الكذب مقدس؟ هل الإبادات شرعية؟ هل التذابح والتقاتل مأمور بالآيات؟
لا حديث يدور في شوارع بيروت سوى حديث ” طوفان الأقصى”وسط أزمة معيشية خانقة يعيشها الشعب اللبناني، وقبل انجاز الاستحقاق الرئاسي بسبب تلكؤ المنظومة الحاكمة ، طغى الحديث عن آلة العدوان الاسرائيلية على كل ما عداها من هموم اللبنانيين؛ عادت القضية الفلسطينية إلى قلب الهم اللبناني وما رحلت، لكنها خلف غبار الهموم اليومية توارت، فإذا بها تنهض كالعنقاء في 7 أكتوبر!
في مواقف التاكسي والباصات يُمكنك أن تُطالع طلاب جامعات يُتابعون الأخبار على منصات التواصل، تقرأ ملامح وجوههم المتأثرة بمشاهد القصف العدواني وتدمير المنازل وقتل الاطفال، وآخرين يختلسون ابتسامة، لربما قرأوا خبراً عن صواريخ المقاومة، وهي تدافع عن الأرض والعرض والمقدسات. في المنازل، يعلو صوت المحطات الإخبارية، التي توثق بالصوت والصورة مشاهد الخيانة العربية امام الاجرام الصهيوني بحق المدنيين في غزة ومشاركة الدول الغربية وتغطيتها لآلة التدمير الاسرائيلية وبربريتها ودمويتها.
في الشارع، يتبادل الناس الأخبار، يتساءلون عن مصير الكيان الغاصب بعد ان انكسرت هيبته على ايدي الغزاويين ،وعن السبب الذي منع الملوك والرؤساء العرب من الانخراط في هذه الملحمة البطولية التي ستعيد كتابة التاريخ من جديد، على وقع زلزال “طوفان الأقصى “.
خرج الشارع اللبناني، في بيروت، كما في ضواحيها وسائر المدن والمناطق اللبنانية مُستعيداً ذكريات الشارع؛ لأجل فلسطين غامروا، خرجوا يهتفون للمقاومة وفلسطين .في قلب العاصمة بيروت ، هتف اللبنانيون ضد التطبيع ليعلنوا لا شرعية للأنظمة العربية التي كانت قد وقعت اتفاقيات الاستسلام مع “اسرائيل”وعدم إلزامها للجماهير العربية ، هتفوا ضد قطار التطبيع القادم على المنطقة، هتفوا ضد بلطجة الادارة الاميركية ، طالبوا بطرد سفراء الصهيونية من الدول العربية، وعن رفضهم القاطع لكل مسارات التسوية وحل الدولتين. الأطفال في لبنان ، يسألون بشكل عفوي عن الجهة التي ستحاسب “اسرائيل” عن جرائمها المنظمة بحق اطفال غزة وكأنما راية العداء للصهيونية تنغرس جيلاً بعد جيل في بلد أراد له أعداؤه أن يخرج من الصراع وأن يطرد من وعيه القضية، فإذا بها متراس هذا الوعي، ومحوره الذي يأبى الانكسار؛ إذا بالصهيونية التي أرادت مسخ الوعي اللبناني، تُواجَهُ بجيلٍ وراء جيل يتشرب معاداة وجودها فطرياً قبل أن يُدرك ارتباطها بمعاناته اليومية.
يمد الشعب اللبناني بجيشه وشعبه ومقاومته يديه لينخرط في المعركة المصيرية، من دون أن تزول من حلوق اللبنانيين غصة وشعور مبطن بالخذلان من انظمة عربية لطالما كانت تهيئ المسرح لإعلان موت القضية الفلسطينية فإذا بمقاومة الشعب الفلسطيني في 7 أكتوبر يعيد كتابة تاريخ المنطقة، وإذا بالشارع اللبناني يستعيد راية المقاومة وتحن يداه لسلاح العزة والكرامة.
فمن بيروت، وكل شارع وحارة وزقاق في بر لبنان كاملاً، من كل زفرة في صدرٍ لبناني، من كل دمعة في المآقي، من كل بسمة على الشفاه، من كل قوة في زند، وهمة في روح، من المقاوم العدو الشرس للصهيونية، من لبنان .. هنا القدس.
**