توتّر متصاعد
كتبت صحيفة الجمهورية” بأن التصعيد متصاعد على حدود لبنان الجنوبية وهو يعزّز المخاوف من انفلات الامور في اي لحظة، حيث ان الوقائع الامنية تتلاحق بوتيرة متسارعة، مُرخية حالاً من التوتر الشديد على امتداد الحدود، ومولّدة حالاً من النزوح، الذي بَدت معه منطقة جنوبي الليطاني شبه خالية من سكانها.
على انه بالرغم من اجواء التوتر القائمة، فإنّ العمليات العسكرية والقصف المتبادل على جانبي الحدود تبدو وكأنها ما زالت محصورة في نطاق محدود، ومضبوطة حتى الآن بقواعد الاشتباك المتبعة بين «حزب الله» والعدو الاسرائيلي منذ العام 2006.
القواعد تحكم الحدود
وقالت مصادر امنية لـ«الجمهورية»: حتى الآن يمكن القول انّ قواعد الاشتباك التي تحكم الجبهة الجنوبية ما زالت مستقرة ولا تخرج عن الفعل ورد الفعل المتوقع. بدليل ان العمليات التي تحصل في هذه الجبهة، والتراشق الذي يواكبها، تحصل في اطار محدّد ومحدود في آن معاً على جانبي الحدود، تسود بعده حال من الهدوء، وهو ما شهدناه في الايام الاخيرة، ما يعني ثبات قواعد الاشتباك من دون أي تغيير فيها. لكن هذا لا يمنع إمكانية تطوّر الأمر أكثر تِبعاً لتطورات الميدان، وتبعاً لحصول ما سمّاه المتحدث باسم قوات اليونيفيل «سوء فهم» قد يتطوّر إلى تسخين الجبهة الجنوبية.
وبحسب معلومات موثوقة لـ«الجمهورية» في هذا السياق، فإنّ الجانب اللبناني رد على هذه الرسائل بتأكيد الالتزام بمندرجات القرار 1701، وانّ مصدر الخطر على المنطقة الجنوبية ليس من لبنان بل هو من جانب اسرائيل، وهو ما أبلغه رئيس مجلس النواب نبيه بري بشكل مباشر الى السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا خلال زيارتها الى عين التينة ظهر امس الاول».
وقال الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش امس: من الضروري تجنّب امتداد الصراع إلى الجوار، وقلقون من تقارير الهجمات من جنوب لبنان.
الحرب الواسعة مستبعدة
وقال خبير عسكري لـ«الجمهورية»: ان العمليات العسكرية بالشكل الذي تجري فيه من استهداف لبعض المواقع والنقاط العسكرية ضمن الاراضي اللبنانية المحتلة، وما يليها من تراشق مدفعي وصاروخي ضمن ما تسمّى «المناطق المفتوحة» على جانبي الحدود الجنوبية لا يَصِل الى القوى والبلدات اللبنانية او المستوطنات الاسرائيلية، تؤكد بما لا يقبل ادنى شك ان لا اسرائيل ولا «حزب الله» معنيان بإشعال هذه الجبهة والدخول في حرب على نطاق واسع. وتبعاً لذلك فإنّ اتساع الحرب الراهنة لتشمل جبهة لبنان هو أمر غير وارد الحدوث».
ولفت الخبير عينه الى انّ كل الدلائل تؤكد ان اداء «حزب الله» ومنذ عملية «طوفان الاقصى» لا يخرج عن ضوابط قواعد الاشتباك بينه وبين اسرائيل، وينم عن ادراك كامل بأنّ الصدمة التي تلقّتها اسرائيل اكبر من ان تستوعبها، وأسّست لتغيير المعادلة القائمة في الداخل الفلسطيني، وفرض معادلات جديدة.
الوضع الميداني
ميدانياً، عاشت المنطقة الحدودية حالاً من التوتر الشديد في فترة ما قبل ظهر امس، ترافقَ مع قصف اسرائيلي لخراج بعض البلدات في القطاع الغربي، شمل محيط بلدتي الضهيرة ومروحين، حيث شاركت بالقصف مسيرات اسرائيلية. وأفيد عن اصابة ثلاثة اشخاص بجروح، كما ألحَقَ القصف أضراراً كبيرة في المزروعات واصاب بعض المنازل. كما أصاب الخزان الرئيسي الذي يغذّي بلدة يارين بالمياه، وسط تحليق مكثف لطيران الاستطلاع الاسرائيلي.
واعلنت قيادة الجيش، في بيان، انه «بعد عملية مسح وتفتيش للمناطق الحدودية، عثرت وحدة من الجيش في سهل القليلة على المنصة التي أطلِق منها عدد من الصواريخ يوم أمس الاول، وكانت تحمل صاروخًا عملت الوحدة المختصة على تفكيكه».
الحزب يرد
وكانت «المقاومة الاسلامية» قد اصدرت بياناً أعلنت فيه انه: «في ردٍّ حازم على الاعتداءات الصهيونية يوم الاثنين الموافق في 09/10/2023، والتي أدّت إلى استشهاد عدد من الأخوة المجاهدين وهم الشهداء: حسام ابراهيم، علي فتوني، علي حدرج. قام مجاهدو المقاومة الإسلامية صباح اليوم الأربعاء 11/10/2023 باستهداف موقع الجرداح الصهيوني قبالة منطقة الضهيرة بالصواريخ المُوجّهة، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من الإصابات المؤكدة في صفوف قوات الاحتلال بين قتيل وجريح. إنّ المقاومة الإسلامية تؤكد مُجدّدًا أنها ستكون حاسمة في ردها على الاعتداءات الإسرائيلية التي تستهدف بلدنا وأمن شعبنا خاصة عندما تؤدي هذه الاعتداءات إلى سقوط الشهداء».
ونشر الحزب شريط فيديو يُظهر استهداف المقاومة لمجموعة من الجنود الاسرائيليين في تلة الجرداح.
واثناء القصف، دوّت صافرات الإنذار في مراكز «اليونيفيل» في البلدات التي يطالها القصف الاسرائيلي. واعلن الجيش الاسرائيلي انه تمّ «استهداف أحد مواقعنا في الجبهة الشمالية بصاروخ مضاد للدبابات أطلق من لبنان»، وأضاف أن هناك امكانية «الاشتباه في عملية تسلل في منطقة رأس الناقورة الحدودية مع لبنان». وافادت وسائل إعلام إسرائيلية انه «طُلب من السكان في رأس الناقورة الدخول إلى الأماكن المحصنة».
وقال الناطق الرسمي بإسم اليونيفيل أندريا تيننتي، في بيان: «تواصل اليونيفيل حضورها ومهامها العملياتية. عملنا الأساسي مستمر وقيادة اليونيفيل على اتصال دائم مع السلطات على جانبي الخط الأزرق وتَحضّ على ضبط النفس».
وأفيد في فترة المساء انّ اجواء التوتر عادت لِتخيّم على المنطقة الحدودية، حيث اعلنت اسرائيل انّ صفارات الانذار دَوت في كل مستوطنات الجليل الاعلى والغربي بسبب خرق جوي من جهة لبنان. وذكرت وسائل اعلام اسرائيلية ان صاروخا سقط في مستوطنة المطلة.
واعلن المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي عن شبهات تسلل من لبنان في المجال الجوي الاسرائيلي، فيما انطلقت صفارات الانذار في المدن والبلدات في المنطقة الحدودية الشمالية وطلبَ الجيش من سكان بلدات بيت شان وصفد وطبريا الاختباء حتى إشعار آخر تخوّفاً من هجوم واسع النطاق.
إستنفار وتعزيزات
وعلى رغم اجواء الهدوء الحذِر التي سادت في فترة ما بعد الظهر، فإنّ جو الاستنفار هو الحاكم على جانبي الحدود الجنوبية، ولوحِظ في هذا السياق استقدام العدو الاسرائيلي لتعزيزات الى الجانب الآخر من الحدود بالتزامن مع تعزيزات مماثلة في اتجاه منطقة الجولان. في وقت أُعلن فيه انّ «الجبهة الداخلية الإسرائيلية وجّهت دعوات الى سكان المناطق الحدودية الشمالية لالتزام الملاجىء والاماكن المحصنة». وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: انّ «السوريين و»حزب الله» يشاهدون ما تفعله إسرائيل في غزة».
الحزب والتدخل الاميركي
الى ذلك، اعلن «حزب الله» في بيان للدائرة الاعلامية فيه انه «يعتبر الولايات المتحدة شريكًا كاملًا في العدوان الصهيوني ونحمّلها المسؤولية التامة عن القتل والإجرام والحصار وتدمير المنازل والبيوت والمجازر المروعة بحق المدنيين العزّل من الأطفال والنساء والشيوخ».
واعتبر الحزب انّ «إرسال حاملات الطائرات إلى المنطقة بهدف رفع معنويات العدو وجنوده المُحبطين يكشف عن ضعف الآلة العسكرية الصهيونية رغم ما ترتكبه من جرائم ومجازر. وبالتالي، حاجتها إلى الدعم الخارجي المتواصل لمد هذا الكيان الغاصب المؤقت بأسباب الحياة. ولذلك نؤكد أنّ هذه الخطوة لن تخيف شعوب أمتنا ولا فصائل المقاومة المستعدة للمواجهة حتى تحقيق النصر النهائي والتحرير الكامل».
**