تتوالى فصول إجهاض المبادرات والدعوات إلى الحوار والتفاهم على إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وكلما أتى وفد من دولة شقيقة أو صديقة، للتوسّط وتقريب وجهات النظر، أو طرح أفكار للخروج من الأزمة القاتلة التي يعاني منها البلد، تحاصره القوى العاجزة عن الحوار والتفاهم بمواقف تعجيزية، وكأنّ البلد ليس بلدهم ولا الشعب شعبهم، وكأنّهم منفصلون عن الواقع ويعيشون في كوكب آخر. لا همّ لهم سوى مصالحهم ومراكزهم ونفوذهم وجيوبهم، ولا عمل يأتون به غير الثرثرة وإلقاء اللوم على الآخرين.
وما كلام الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان إلى وكالة الصحافة الفرنسية أمس، الاّ أكبر دليل على تفاهة العمل السياسي في لبنان، وانعدام أي حسّ بالمسؤولية وبأوجاع الناس، وخطورة التلاعب بمصير لبنان.
وعلى نقيض الوضع الداخلي المشؤوم، كشف مرجع ديبلوماسي لـ«الجمهورية»، عن تطورين إقليميين كبيرين لا بدّ ان ينعكسا ايجاباً في وقت لاحق على مسار الانتخابات الرئاسية المعطّلة في لبنان.
الأول، سُجّل تقدّم كبير جداً في المفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة الأميركية وايران، حول إعادة إحياء الاتفاق النووي، وبناءً على ذلك، طلبت طهران من واشنطن إبداء حسن نيتها، فجاء الإفراج عن 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمّدة في كوريا الجنوبية واليابان وغيرها، وتمّ تبادل إطلاق سجناء بين الطرفين.
الثاني، سُجّل ايضاً تقدّم ملموس في المفاوضات بين المملكة العربية السعودية والحوثيين بتسهيل إيراني، ما يفتح الباب أمام مرحلة مهمّة من الاستقرار في الخليج والمنطقة، بعد الاتفاق السعودي-الإيراني برعاية صينية.
غير أنّ هذه التطورات الإيجابية لم تنعكس بعد انفراجاً في لبنان، حيث انّ كل فريق سياسي ما زال يراهن على مؤازرته خارجياً للإتيان برئيس للجمهورية يضمن من خلاله مصالحه ولو على حساب البلد المنكوب والشعب المنهوب.
وكشف مسؤول كبير لـ«الجمهورية»، أنّ مهمّة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان لم تنتهِ بعد، وما تصريحه لوكالة الصحافة الفرنسية امس سوى دليل على متابعته الملف الرئاسي اللبناني بأدق تفاصيله. وأضاف، أنّ لودريان سيعود هذه المرّة وفي جعبته دعوة للقوى السياسية الى لقاء على غداء أو عشاء يُقام في مقر السفارة الفرنسية في بيروت، ويكون مناسبة لطرح فكرة معينة والنقاش حولها.
وأشار المسؤول، الى انّ زيارة لودريان الأخيرة لم تؤدِ الى نتيجة، لأنّ الموفد الفرنسي عندما رأى المستشار الرئاسي الأميركي ايموس هوكستين في لبنان ويتجول بين الخط الازرق والروشة وبعلبك، التقط الإشارة، فأسرع في المجيء إلى لبنان من دون خطة متكاملة.