تحولت الانظار تلقائياً من اجتماع نيويورك الذي لم يخطُ ولو خطوة واحدة الى الامام، الى المبادرة التي اطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري لحوار السبعة ايام، والتي تشكل الارضية التي يمكن ان يبنى عليها حل رئاسي. على انّ ما يلفت الانتباه في هذا السياق، هو محاولة استهداف هذه المبادرة بطروحات مناقضة لها، واشتراطات تعطيلية تتوخى «حواراً بلا رأس، حزبي لا نيابي»، على نحو ما ذهب اليه التيار الوطني الحر بدعوته المتجددة الى حوار محصور بموضوع الإنتخابات الرئاسية وبرنامج العهد ومواصفات الرئيس وبفترة زمنية ومكان محددين، وان يكون غير تقليدي ومن دون رئيس ومرؤوس بل بإدارة محايدة ويأخذ شكل مشاورات وتباحث ثنائي وثلاثي ومتعدّد الأطراف، بين رؤساء الأحزاب اصحاب القرار، للوصول الى انتخاب رئيس إصلاحي على اساس البرنامج الاصلاحي المتّفق عليه، على ان يَلي ختام الحوار عقد جلسة انتخابية مفتوحة بمحضر واحد يتم فيها امّا انتخاب الشخص المتّفق عليه او التنافس ديموقراطياً بين المرشحين المطروحين».
واذا كانت «القوات اللبنانية» وبعض حلفائها في المقلب السيادي قد عبّرت عن رفضها الواضح للحوار، فإن موقف التيار، وعلى ما تقول مصادر سياسية مؤيدة لمبادرة بري لـ«الجمهورية»، يشكّل التحاقا واضحا بضفة الرافضين، وتغطية للهروب من حوار السبعة ايام بالتشاطر الذي لا يستهدف فقط نسف مبادرة رئيس المجلس بقدر ما يستهدف نسف الحوار من اساسه عبر تكبير الحجر واقتراح حوار حزبي بين رؤساء الأحزاب، ومعلوم انّ تكبير الحجر لا يصيب.
اما في موازاة هذه الاجواء غير المشجعة، فإنّ الصورة المقابلة لها تعكس تركيزا على المسار الذي حدده رئيس المجلس،
والمعلومات الموثوقة لـ«الجمهورية» تؤكد ان أرضية الحوار قائمة في مبادرة بري، الذي يقترب من تحديد موعد لعقد حوار السبعة ايام. فهو في الاساس لم يعلن مبادرته ليعود ويدفنها كما يرغب المعارضون. وبالتالي، هو ينتظر لاتخاذ القرار النهائي، عودة لودريان في زيارة رابعة الى بيروت قبل نهاية الشهر الجاري، مع الاشارة في هذا المجال الى ان اجتماع اللجنة الخماسية بالصورة التي انتهى اليها أثار في بعض الاوساط المواكبة لمهمته، شكوكاً حول إمكان عودته من جديد.
آلية الحوار وبرنامجه
أمّا آلية الحوار وجدول اعماله، فقد حددهما بري كما يلي:
اولا – الحوار سيجري في مجلس النواب. وعلى طاولة الحوار ذاتها التي شهدت حوارات سابقة، في الطابق الثالث من مبنى البرلمان. وهذه الطاولة باتت جاهزة لأن يجلس المتحاورون حولها.
ثانيا – رئيس مجلس النواب نبيه بري سيترأس شخصيا الحوار، ويديره.
ثالثا – المشاركون في الحوار هم رؤساء الكتل النيابية او من يمثل هذه الكتل او من تنتدبه التوجهات النيابية الاخرى ونوّاب الحراك.
سادسا – الحوار محدد بسبعة ايام، اذ ليس بالضرورة ان تكون سبعة ايام متتالية، بل ربما تكون متقطعة، بمعنى انّ في امكان المتحاورين ان يتحاوروا مثلاً لثلاثة ايام، ثم يتوقفون يوماً او يومين للتشاور فيما بينهم، وايام التشاور هذه لا تحتسب من الايام السبعة. وبمعنى اوضح يمكن ان نجري حوارا لسبعة ايام خلال اسبوع او عشرة ايام او اسبوعين او اكثر، حتى نتوصل الى نتيجة.
سابعا – اذا أمكن للمتحاورين ان يتوافقوا في اليوم الاول للحوار، يُسارع رئيس المجلس الى توجيه الدعوة فورا الى جلسة انتخاب لرئيس الجمهورية، مع التزام كلّ الاطراف بتوفير نصاب انعقاد جلسة الانتخاب، ونصاب انتخاب رئيس الجمهورية، وبالتالي عدم مغادرة القاعة العامة لمجلس النواب بما يؤدي الى فرط النصاب على غرار ما كان يحصل في جلسات الانتخاب الفاشلة.
ثامنا – تُفتتح جلسة الانتخاب حين تَوَفّر نصاب الثلثين من اعضاء مجلس النواب، وتدور دورة الانتخاب الاولى وفق احكام المادة 49 من الدستور، فإن نال احد المرشحين اكثرية الثلثين، ينتهي الامر وتنتهي الازمة ويصبح لدينا رئيس للجمهورية ونحتفل بانتخابه.
تاسعا – إن تعذّر انتخاب الرئيس في دورة الانتخاب الاولى، يُصار فورا الى اجراء دورة ثانية وبعدها ثالثة ورابعة، حتى ينال احد المرشحين اكثرية الفور.
**