لا يزال عدم اتخاذ أي حلّ رسمي جذري لوقف موجة النزوح الثانية التي تُشكّل خطراً وجودياً على لبنان، فضلاً عن خطر تفجير الوضع الأمني في البلاد، تقول مصادر سياسية عليمة لجريدة «الديار» بأنّ الضياع على المستوى السياسي هو الذي يؤدّي الى استكمال عبور «المجتاحين» السوريين للأراضي اللبنانية. فلا يزال لبنان يرتدي القفّازات في تعامله مع الدول الأوروبية التي تريد توطين النازحين السوريين في لبنان بأي طريقة. وبدلاً من منع النازحين الذين يلجأون الى السفر عبر الزوارق غير الشرعية نحو أوروبا، على الدولة اللبنانية تأمين مراكب شرعية لهم للذهاب الى الدول الأوروبية التي هي دول لجوء، على عكس لبنان. علماً بأنّ ثمّة إجماعا لبنانيا على رفض التوطين إن بالنسبة للاجئين الفلسطينيين أو النازحين السوريين، ولبنان لا يستطيع اليوم تحمّل موجة النزوح الثانية التي تضمّ شباباً مجنّدين ينضوون الى عصابات منظّمة، ما يجعلهم يُشكلون خطراً فعلياً على الأمن والإستقرار في البلاد. في حين أنّ المطلوب هو اتخاذ قرار سياسي جريء، وضبط المعابر من خلال التشدّد مع النازحين، ومدّ الجيش بكلّ ما يلزمه لمكافحة هذه الموجة، بل من أن يبقى «عاجزاً» لافتقاره الى العناصر والمعدّات اللوجيستية.
وأضافت: بعد أن تقرّر أخيراً إرسال وزير المهجّرين عصام شرف الدين على رأس وفد وزاري الى سوريا للتنسيق مع السلطات على إعادة النازحين السوريين، عاد ميقاتي وقرّر إرسال وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب على رأس وفد عسكري تقني الى دمشق لمناقشة هذا الموضوع. علماً بأنّ بوحبيب رفض في تمّوز الماضي ترؤس الوفد اللبناني معلّلاً رفضه بانشغالاته وأسفاره الكثيرة، متساءلة.
وتنفيذاً لهذه المهمّة، أجرى بو حبيب أمس إتّصالاً بنظيره السوري فيصل المقداد، وذلك عطفا على قرار مجلس الوزراء القاضي بتكليفه ترؤس وفد رسمي لينتقل الى سوريا للبحث في قضية النازحين. واتّفقا على عقد لقاء بينهما فور عودته من نيويورك، حيث سيشارك الى جانب ميقاتي بأعمال الجمعية العامة للامم المتحدة، على أن يلتقي هناك بنائب وزير الخارجية السوري الذي سيمثّل بلاده في الاجتماعات الأممية. وقد رحّب وزير الخارجية السوري بزيارة الوزير بوحبيب والوفد المرافق دمشق مبديا استعداده لكل تعاون يصبّ في مصلحة البلدين. وكان أكّد بوحبيب أن «لا مشكلة لي مع سوريا، أنا كنت قد زرت دمشف بعد زلزال 6 شباط والتقيت الرئيس السوري بشار الأسد وبحثنا بملف النازحين».
وتطرّق بو حبيب خلال اجتماع استضافته فيه الرابطة المارونية الى «الخطر الداهم الذي يتمثل بازدياد تدفق النازحين السوريين الى لبنان بطريقة غير شرعية»، مشيراً الى أن «الحكومة اللبنانية قررت اتخاذ الاجراءات اللازمة لمعالجة هذه المسألة». وقال: «إن وزارة الخارجية والمغتربين تتابع ازمة النزوح السوري في جميع المؤتمرات الدولية والاقليمية ومع السفراء المعتمدين في لبنان والمفوضية السامية للاجئين».
وأشار الى «تمسك الغرب بالسياسة الرافضة لهذه العودة بسبب عدم توافر الظروف الامنية لذلك»، لافتاً الى أنّ «السوريين بحاجة الى تطبيق خطة التعافي المبكر من اجل ضمان العودة والى ضرورة السير بعملية الخطوة مقابل خطوة».
وفي هذا الإطار، أعلن الجيش أمس عبر حسابه على منصة «إكس»، أنه «بتاريخ 2023-9-13، أثناء محاولة عدد من السوريين التسلل إلى الأراضي اللبنانية بطريقة غير شرعية عند الحدود الشمالية، انفجر بهم لغمان أرضيان في الجانب السوري من الحدود، ما أدى إلى إصابة ٣ منهم. وقد تولى الصليب الأحمر اللبناني نقلهم إلى أحد المستشفيات في شمال لبنان.
وكتب النائب جيمي جبور على منصة «إكس»: من التقرير السري للأمن العام.. يتبيّن أن الإجراءات المتبعة حتى اليوم هي تضييع للجهد وتبديد لطاقة الجيش والقوى الأمنية. أما المطلوب : إقفال المعابر المعروفة، توقيف مشغليها المعروفين وتسليم الموقوفين عبر الامن العام للسلطات السورية.
**