وبالتالي، فان هذه الاحزاب، اضافة الى بعض النواب “التغييريين” ونواب آخرين، قرروا مقاطعة باريس وعدم الاجابة عن الاسئلة التي وزعتها السفارة الفرنسية نقلا عن لودريان. ورغم اعتبارهذه الاحزاب والكتل النيابية ان المبادرة الفرنسية لم تحترم بالشكل سيادة لبنان، فان رؤية هذه الاحزاب المعارضة ونواب من “التغيير” وحلفاء لها ، تعتبر ان الرئيس ماكرون انحاز الى حزب الله والثنائي الشيعي لدعم ترشيح فرنجية، وهي لن تقبل باي شكل من الاشكال ان يفرض حزب الله رؤيته من خلال المبادرة الفرنسية لايصال فرنجية الى قصر بعبدا.
رؤية باريس لمبادرة ماكرون
استندت رؤية باريس من خلال تقارير سفارتها في بيروت، ومن خلال تقارير رفعتها الاجهزة الفرنسية الهامة اليها، ومن خلال رؤية الرئاسة الفرنسية الى ان فرنسا هي دولة كبرى ليس فقط في اوروبا، بل على المستوى الدولي كله. وصحيح ان فرنسا هي عضو في الحلف الاطلسي، لكنها تتمايز في نسبة كبيرة عن موقف الولايات المتحدة ولها تقديرها للامور.
وبالتالي، فان ايفاد الرئيس الفرنسي ماكرون للوزير لودريان الى بيروت، سواء بالمبادرة السابقة ام بالرؤية الحالية، ينطلق من ان موازين القوى في لبنان تغيرت، وان فرنسا الحريصة على الوجود المسيحي في لبنان، ترى ان سياستها يجب ان تكون متفهّمة للثنائي الشيعي، وخاصة لحزب الله، حيث ان الحزب يمتلك مقاومة اصبحت قوة اقليمية في العالم العربي. وفرنسا ستستعمل عند اللزوم هذه العلاقة مع حزب الله لمصلحة المعارضة المسيحية والوجود المسيحي في لبنان، عند حصول اي تطور على الساحة اللبنانية.
اما اذا التزمت فرنسا بعلاقتها مع الاحزاب المسيحية وبعض المراجع الدينية المسيحية في لبنان، ولم تراع تطور ميزان القوى في لبنان وتفهّم حجم حزب الله، فان ذلك لن يكون مفيدا للوجود المسيحي، ولهذه المعارضة المسيحية وحلفائها. ورفضت المعارضة المسيحية مع حلفائها الرد على اسئلة لودريان، واعتبترها تعدّيا على السيادة اللبناينة، وتتعارض مع رؤيتها على الساحة اللبنانية، الا ان فرنسا تعتبر ان المعارضة وخاصة الاحزاب المسيحية لم تواكب المتغيرات التي حصلت منذ سنة 1982 وحتى سنة 2023 . هذه المعلومات ليست من السفارة الفرنسية، بل من مراجع اعلامية كبرى لها علاقات مع قصر الاليزية، حيث يدير الرئيس ماكرون السياسة الخارجية للجمهورية الفرنسية.
الانظار تتجه الى نيويورك
سواء استطاع الموفد الرئاسي الفرسي لودريان النجاح في زيارته القادمة، والتي لن تحصل في مطلع ايلول بل قد تتأخر لبضعة ايام او اسبوعين، فانه بعد زيارته لبيروت التي لن تستمر طويلا، سيقوم بكتابة تقرير شامل يقترح عبره الخطوات المقبلة على الرئيس ماكرون، ويترك له الامر لتحديد الخطة المكتملة لاحقا، حيث ان دورة الامم المتحدة السنوية التي يحضرها رؤساء الدول اجمالا، ويصل عددهم الى ما بين 80 الى 100 رئيس دولة، كما سيحضر وزراء الخارجية من كافة الدول اجمالا، وتحصل لقاءات بين رؤساء الدول ووزراء الخارجية حتما.
كما ان وزراء خارجية اللجنة الخماسية سيزورون نيويورك، وعلى الارجح سيجتمعون هناك، ويذكر ان اللجنة مؤلفة من الولايات المتحدة وفرنسا والممكلة السعودية ودولة قطر وجمهورية مصر. وقد يتوصل وزراء خارجية اللجنة الخماسية الى رؤية موحدة بشأن الساحة اللبنانية، وخصوصا ان الانقسام العمودي كبير ويصل الى خطر وجودي على لبنان، ونظرة كل طرف من موقعه، خصوصا عبر طرح الفيدرالية والدولة الاتحادية، وحتى التقسيم الذي بدأ بالتقسيم النفسي على مستوى المتناحرين على الساحة اللبنانية.
**