توترت الأجواء السياسية الداخلية، أمس، نتيجة عدم انعقاد جلسة «تشريع الضرورة»، ما ألقى ظلالاً من الشكوك حول إمكان نجاح الحراك الخماسي من خلال مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان لتأمين انجاز الاستحقاق الرئاسي، ودفعت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى رفع الصوت مؤكداً ان «المرحلة صعبة جداً»، وقائلاً: «اذا لم نصل الى حل فليتحمّل كل واحد مسؤوليته». وعلمت «الجمهورية» انّ ميقاتي سيلجأ الى الاعتكاف في حال استمرار البعض في إعاقة مهمات حكومته التي لم تتجاوز حدود صلاحياتها، وانّ كل ما اتخذته حتى الآن من قرارت واجراءات كان لتسيير شؤون الناس والدولة في ظل الانهيار السائد على كل المستويات. فيما أبدت اوساط قريبة من رئيس مجلس النواب نبيه بري، عبر «الجمهورية»، استغرابها لِتغيّب «التيار الوطني الحر» عن الجلسة التشريعية التي لم تنعقد امس لعدم توافر نصابها، لافتة إلى انّ بري كان مُتجاوباً مع طرح قوانين تهمّ «التيار»، لكنّ الاخير أصَرّ على التعاطي بسلبية. وفي هذا السياق قالت اوساط سياسية مطلعة لـ»الجمهورية» ان تعذّر انعقاد الجلسة التشريعية امس «هو مؤشّر الى أنّ أوان تقديم التنازلات لم يَحِن بعد، وبالتالي فإنّ احداً لن يستهلك أوراقه الآن في انتظار ما سيؤول اليه حوار لودريان والحوار بين «حزب الله» و»التيار الوطني الحر».
وفي هذه الاجواء الايجابية بين الرياض وطهران لم تنعكس أمس على لبنان الذي يتوسّم خيراً من الاتفاق المعقود بين البلدين برعاية الصين، نتيجة الانقسام السياسي العمودي السائد داخلياً.
فبين جلسة تشريعية لم تنعقد ومجلس وزراء حجزَ سمكاً في بحر المصرف المركزي كان المشترك رسالة التحذير التي اطلقها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، فمن ساحة النجمة حذّر من فشل عقد جلسات تشريعية لإقرار قوانين ملحة اذا لم تقر باقة واحدة لن يكون هناك استقرار في البلد، مؤكدا «ان الوضع صعب جدا»، وخاتماً بجملته الشهيرة «اللهم اشهد اني قد بلغت». اما من السرايا فلوّح بالاعتكاف بقوله للوزراء انه سيأتي يوم يُبلغهم فيه «انّ هناك قرارا حساسا يتعلق باستمرارنا في العمل ينبغي اتخاذه». وقد أدرجَ مصدر حكومي كلام ميقاتي في خانة أنه «تحذير من الاعتكاف». وقال لـ»الجمهورية»: «لقد وصلت الامور الى الخطوط الحمر ووضع مالية الدولة اصبح في حالة يرثى لها». واضاف: «عجز الموازنة ارتفع من 18 الى 24 والنفقات تزداد، فكل القطاعات تحتاج الى اموال والبنى التحتية تصرخ ومؤسسات الدولة تحتضر ولا حياة لمن تنادي، كل فريق يقارب الازمة من منظاره الضيق والخاص والملف الرئاسي من تقطيع الى شراء للوقت»، كاشفاً «ان ميقاتي ابلغ الى الرئيس بري كما المعنيين ان صبره قد نفد، وان الاستمرار في التعطيل والتصرف غير المسؤول سيوصِل البلد الى الهاوية». واضاف المصدر: «لقد استنفدنا كل الاجراءات الترقيعية وقد نصل الى وقت لا صرف فيه ولا تصريف».
**