أكّدت باريس انّ لودريان سيزور لبنان في الفترة من 25 ( اليوم) إلى 27 تموز المقبل. وجاء في بيان للمتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية، وزعته امس السفارة الفرنسية في بيروت: «سيقوم الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية الفرنسية جان ايف لودريان بزيارة ثانية إلى لبنان في الفترة الممتدة من 25 إلى 27 تموز. ولقد مكّنته رحلته الأولى، من 21 إلى 24 حزيران بلقاء ممثلين عن جميع الأحزاب السياسية الممثلة في مجلس النواب اللبناني. كما التقى بمسؤولين سياسيين ودينيين وعسكريين. وتوجّه الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية في لبنان بعد ذلك إلى المملكة العربية السعودية في الفترة من 10 إلى 12 تموز ثم إلى قطر حيث شارك في 17 تموز في لقاء خاص بلبنان مع السعودية وقطر والولايات المتحدة ومصر ، قبل أن يعود إلى السعودية في 18 تموز الجاري».
اضاف البيان: «هذه الرحلة الثانية له إلى لبنان هي جزء من مهمّته للمساعي الحميدة التي يقوم بها، بهدف أن يهيئ جميع أصحاب المصلحة المعنيين الظروف المؤاتية لإيجاد حل توافقي لانتخاب رئيس الجمهورية الذي هو خطوة أساسية لإعادة سير المؤسسات السياسية التي يحتاجها لبنان بشكل عاجل للشروع في طريق الانتعاش».
اللافت في هذا السياق، تأكيد مصادر ديبلوماسية فرنسية على انّ مهمّة لودريان صعبة ودقيقة بالنظر إلى التعقيدات الكبرى في الداخل اللبناني، الّا انّها استغربت استباق زيارته العاصمة اللبنانية، بإشاعة سلبيات تفشّل هذه الزيارة قبل حصولها. وتحفّظت المصادر عمّا يمكن ان يطرحه الموفد الرئاسي من افكار ومشاريع حلول أمام القادة اللبنانيين، الّا انّها قالت لـ»الجمهورية»، «السيد لودريان يتحرّك وفق مندرجات المبادرة الفرنسية، التي لا تزال قائمة، ومدعومة من دول الخماسية، وهو مكلّف ببلورة افكار من شأنها أن تساعد اللبنانيين في تحقيق انفراج في ازمتهم الرئاسية. بالتأكيد هو لا يحمل عصا سحرية، بل افكاراً مشجعة على الخروج من المأزق».
على انّ اللافت للانتباه ما كشفته مصادر سياسية متابعة للحراكات الخارجية، بأنّ لودريان التي اشارت معلومات الى انّه سيصل الى بيروت اليوم، «لا يتحرّك على خط أحادي فرنسي، بل على أساس ما تقرّر في اجتماع الخماسية في الدوحة، في هذا الاجتماع اعتبر الفرنسيون انّ مخرج الأزمة الرئاسية في لبنان ممكن من خلال الطرح الفرنسي القائم على معادلة «رئيس جمهورية مقابل رئيس حكومة»، الاّ انّ هذا الطرح لم يعبر داخل الخماسية، التي يبدو انّ الرأي الغالب فيها هو الذهاب إلى خيار آخر غير سليمان فرنجية وجهاد ازعور، باعتبار انّ اياً منهما لم يحصل على الأكثرية النيابية المؤهلّة للفوز، خصوصاً في جلسة مجلس النواب الاخيرة، والأرجحية هنا لقائد الجيش العماد جوزف عون، وبالتالي فإنّ حراك لودريان المتجدّد في لبنان قد يصبّ في هذا الاتجاه». السؤال الذي يطرح نفسه في هذه الحالة: إذاكان طرح «الخيار الثالث» هو جوهر زيارة لودريان، فهل سيتمكن من تمريره؟
مصادر معنية بالملف الرئاسي اكّدت لـ»الجمهورية» انّه «كما انّ المعادلة الفرنسية قد وجدت باريس صعوبة في تسويقها داخلياً وخارجياً، فهذه الصعوبة تنسحب بدورها على طرح الذهاب إلى خيار ثالث. فقد يجد طرح «الخيار الثالث» من يؤيّده في الداخل اللبناني، على اعتبار انّه المخرج الأمثل لأزمة رئاسية صارت بلا أفق، لكن ذلك ليس كافياً لترجمته، حيث انّ في مقابله جبهة اعتراض عريضة عليه، تمتد من «التيار الوطني الحر»، الذي جاهر علناً برفض المعادلة الفرنسية التي توخّت وصول سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية، وكذلك رفض وصول قائد الجيش الى الرئاسة، بالإضافة إلى ثنائي حركة «أمل» وحزب الله» اللذين اكّدا انّ التزامهما بفرنجية نهائي ولا تراجع عن دعمه، وهو ما تمّ إبلاغه صراحة للموفد الفرنسي في زيارته السابقة. ما يعني انّ لودريان إن كان آتياً بطرح الذهاب الى «خيار آخر، فهو طرح ساقط سلفاً ومهمّته فاشلة حتماً».
ولكن ماذا لو اقتصرت مهمّة لودريان على التحضير لحوار رئاسي بين الاطراف اللبنانيين، قالت المصادر: «الحوار من حيث المبدأ هو الطريق الأسلم لمعالجة كل نقاط الخلاف والتباينات، ولكن في حالتنا فإنّ الحوار لكي يكون مجدياً ومنتجاً ينبغي ان يتوفّر له بداية العنصر الأساس لعقده، وهو إرادة الذهاب الى الحوار، وهذا ليس متوفراً حتى الآن، ولا يبدو انّه سيتوفر، حيث أن لا احد في الداخل يريد الحوار الذي يوصل إلى توافق على رئيس، بل كل طرف يريد حوار الغالب والمغلوب الذي يصبّ في النهاية في ايصال مرشحه حصراً الى رئاسة الجمهورية».