وصل جان إيف لودريان إلى بيروت، مكلّفاً من رئيسه ايمانويل ماكرون، بأن يقتحم واقعاً لبنانياً في ذروة التوتر والتعقيد والانقسام، ويصرف القدر الأعلى من رصيد خبرته وحنكته السياسية، لعلّه يتمكّن من أن يُنجّي، ما سمّاها لودريان يوماً «التايتانيك» اللبنانية، من الغرق، ويبقيها طافية على سطح الماء!
ممّا لا شكّ فيه أنّ مهمّة الموفد الرّئاسي الفرنسي أكثر من صعبة، في واقع لبناني تتحكّم به مكوّنات متناحرة وأجندات متصادمة وإرادات متقاطعة على التخريب والتعطيل، له معها في بدايات الأزمة في لبنان تجربة فاشلة في جمع تلك المكوّنات على مصلحة البلد، ولم ينفع فيها ترغيبه القادة السياسيين بمساعدات دولية تنقل لبنان من الأزمة إلى الرخاء، او ترهيبه بعقوبات قاسية وموجعة، على من قال عنهم انّهم يأخذون الشعب اللبناني إلى «انتحار جماعي» يزول معه لبنان ليس كدولة فقط، بل كوطن وكيان.
من تلك التجربة، خرج لودريان خائباً ومحبطاً؛ حضر إلى بيروت آنذاك مشحوناً بمعنويات عالية ومحصّناً بمبادرة فرنسية للإنقاذ، مفترضاً انّها ستُحدث انقلاباً على الأزمة، يجلب مكونات الصراع السياسي في لبنان إلى بيت طاعة بلدهم، إلّا أنّه مثلما حضر، غادر خالي الوفاض، غاضباً من سياسيي المصالح الذاتية، وحزيناً على بلد تركه عالقاً في «وكر دبابير» تلدغ بعضها البعض.
هل سيتكرّر الفشل؟
من تلك التجربة، خرج لودريان خائباً ومحبطاً؛ حضر إلى بيروت آنذاك مشحوناً بمعنويات عالية ومحصّناً بمبادرة فرنسية للإنقاذ، مفترضاً انّها ستُحدث انقلاباً على الأزمة، يجلب مكونات الصراع السياسي في لبنان إلى بيت طاعة بلدهم، إلّا أنّه مثلما حضر، غادر خالي الوفاض، غاضباً من سياسيي المصالح الذاتية، وحزيناً على بلد تركه عالقاً في «وكر دبابير» تلدغ بعضها البعض.
هل سيتكرّر الفشل؟
ها هو لودريان اليوم، يخوض تجربة جديدة لاقتحام الحلبة الداخلية، فهل سينجح في كسر حلقة تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية، أم انّه سيصطدم بفشل جديد؟
الداخل على كلّ مستوياته، ينتظر ما يحمله الموفد الرئاسي الفرنسي في جعبته، وهو ما سيتبدّى في سلسلة اللقاءات التي سيجريها مع القيادات السياسية والروحيّة، والتوجّهات النيابيّة على اختلافها. واستهلّها بالأمس بزيارة رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وربما يقوم بزيارة ثانية لرئيس المجلس في الأيّام المقبلة.
وقد استمر اللقاء لأكثر من ساعة في حضور السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو، وغادر لودريان دون الإدلاء بأي تصريح. وقد اكتفت المعلومات الرسمية بالإشارة إلى انّ اللقاء كان فرصة لعرض الاوضاع العامة، ولاسيما استحقاق رئاسة الجمهورية. ونقلت عن الرئيس بري قوله انّ «اللقاء كان صريحاً وجيداً».
الاّ انّ مصادر متابعة كشفت لـ«الجمهورية»، إنّ اللقاء كان وديّاً، عرض خلاله الموفد الفرنسي الغاية من زيارته، ناقلاً حرص الرئيس ايمانويل ماكرون على الوقوف دائماً إلى جانب لبنان، لتمكينه من أن يتجاوز أزمته وواقعه المأساوي، وانّ باريس لن تدخر جهداً مع اصدقائها الدوليين، في هذا السبيل، وما زالت تعلّق الأمل الكبير على ان يراعي القادة اللبنانيون مصلحة لبنان، ويتحمّلوا مسؤولياتهم، والالتقاء على ما هو واجب عليهم في تسريع حسم الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس وتشكيل حكومة على وجه السرعة.
ووفق المصادر، فإنّ الرئيس بري، أعرب عن تقديره للجهد الذي تبذله الدول الصديقة، وتحديداً فرنسا والرئيس ماكرون، لمساعدة لبنان على تخطّي هذه الأزمة. وأمل ان ينجح الوزير لودريان في مهمّته. ومن ثم قدّم بري عرضاً مفصّلاً لمسار الملف الرئاسي منذ بداية الشغور في رئاسة الجمهورية، متوقفاً عند كل المبادرات والمحطات التي نادى فيها إلى التلاقي والتوافق بين اللبنانيين، وآخرها الدعوة إلى الحوار التي أطلقها في ختام الجلسة الاخيرة لمجلس النواب، على اعتبار انّ هذا الحوار هو السبيل الوحيد لتجاوز هذه الأزمة، ويفتح الطريق سريعاً على انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة.
ورداً على سؤال، لم تؤكّد المصادر أو تنفِ ما إذا كان لودريان قد قدّم طرحاً محدّداً لحل رئاسي، الّا انّها لفتت الانتباه إلى أنّ مهمّة لودريان ما زالت في بداياتها، وما أورده في النقاش معه، اكّد انّ لمهمته بعداً دولياً يرغب في حل سريع لأزمة لبنان، ولم يبدر عنه ما يؤشّر إلى تعديل او تبديل في مشروع الحل الذي سبق لباريس ان طرحته في الآونة الاخيرة.
وكان لودريان قد وصل بعد ظهر امس الى بيروت، وكان لافتاً اعلان السفارة الفرنسية في لبنان انّها لن تكشف عن جدول اعمال زيارته، وتأكيدها انّه لا يتضمن عقد مؤتمر صحافي. ومن المقرّر ان يلتقي لودريان ايضاً رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وقيادات سياسية وروحية ونواباً مستقلّين. وأفيد بانّه قد يجتمع بممثلي دول الاجتماع الخماسي في بيروت.
وكان لودريان قد وصل بعد ظهر امس الى بيروت، وكان لافتاً اعلان السفارة الفرنسية في لبنان انّها لن تكشف عن جدول اعمال زيارته، وتأكيدها انّه لا يتضمن عقد مؤتمر صحافي. ومن المقرّر ان يلتقي لودريان ايضاً رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وقيادات سياسية وروحية ونواباً مستقلّين. وأفيد بانّه قد يجتمع بممثلي دول الاجتماع الخماسي في بيروت.
**