حذّرت إسرائيل لبنان، في «رسالة دبلوماسية» عبر الأمم المتحدة، من أنها ستستخدم القوة العسكرية لإخلاء موقعين قالت إن حزب الله أقامهما داخل «الأراضي الإسرائيلية»، في إشارة إلى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وهي المنطقة التي تعتبرها إسرائيل جزءاً من الجولان السوري المحتل، و«أراضي إسرائيلية» ربطاً بقرار ضم الجولان المحتل إلى الكيان.
وعُلم أن الرسالة التي مُررت عبر شكوى أودعتها إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جاءت واضحة ومباشرة، ومفادها أنه ما لم يخل حزب الله الموقعين فإن «الجيش الإسرائيلي» سيبادر بنفسه إلى إخلائهما «بالقوة»، وذلك بعد أسبوعين من وساطات قامت بها عواصم أوروبية على تواصل مع حزب الله في لبنان، أرادت من ورائها توسيع انتشار قوات اليونيفل إلى هذه المنطقة التي تقع خارج نطاق عمل القوات الدولية، وإقناع المقاومة بإخلاء الموقعين اللذين تم نصب خيمتين فيهما، ومنع الأهالي من الوصول إلى هذه المناطق.
مصدر عسكري إسرائيلي أبلغ منصة «واللا» الإخبارية أن حزب الله أقام الموقع الأول بعدما «اخترق الحدود باتجاه الأراضي الإسرائيلية قبل أن يقيم لاحقاً موقعاً ثانياً إلى جانبه». وأوضح أن «الموقعين في منطقة مزارع شبعا»، وهي وفقاً للجيش اللبناني أراضٍ لبنانية محتلة، وليست إسرائيلية.
ولفت مراسل الإذاعة العسكرية إلى أن الموقعين «يتجاوزان الخط الأزرق بين الجانبين، ويشغلهما عناصر من حزب الله مع أسلحتهم». ونقل عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي كلاماً أقل حدّة مما ورد على لسان المصدر العسكري، إذ أشار إلى أن «المسألة تعالج لدى كل الجهات ذات الصلة»، ممتنعاً عن إطلاق تهديدات باستخدام القوة العسكرية.
وبعد انتشار خبر تهديد المصدر العسكري، نقلت الإذاعة العسكرية عن مصادر في الجيش الإسرائيلي «أن الموقعين الجديدين لحزب الله لا يشكلان تهديداً أمنياً، وأن حل هذه المسألة يتم عبر القنوات السياسية والدبلوماسية»، مشيرة إلى أن المسؤولين في المؤسسة العسكرية «يدرسون كيفية التعامل مع الحادث، والبحث في الأسباب التي دفعت حزب الله إلى إقامة الموقعين داخل الأراضي الإسرائيلية وامتناعه عن إخلائهما».
وبثّت القناة 11 العبرية أنه عُرض أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، قبل بضعة أسابيع، حادث «لا يمكن تصوره»، إذ «خرقت قوة عسكرية من حزب الله الحدود في منطقة هاردوف (مزارع شبعا المحتلة)، ونصبت خيمتين داخل الأراضي الإسرائيلية، مع انتشار عسكري فيهما وحولهما». ووفقاً للقناة، «استمر هذا الوضع على حاله، وإسرائيل لا تتحرك، والجيش يظهر أن الردع الإسرائيلي في الشمال يعاني من تآكل واسع النطاق».
ويبدو أن ما يُذكر إسرائيلياً مطابق للواقع، وإن لم يرد إلى الآن أي تعليق من حزب الله الذي يعتمد الصمت منذ أسابيع، رغم الحراك الإسرائيلي عبر التلويح باستخدام القوة، وعبر قنوات دبلوماسية وسياسية أُشركت فيها الأمم المتحدة ودول أخرى.
أولاً، على فرض أن حزب الله أقام الموقعين في مزارع شبعا المحتلة، فلا شيء يحول دون ذلك، وهو حق لا يُختلف عليه لبنانياً، وهو ما ورد تأكيد عليه في الإعلام العبري عبر حديث المصدر العسكري بأن رد الجيش اللبناني جاء قاطعاً على «الشكوى» الإسرائيلية في التأكيد على لبنانية المنطقة. أما إصرار تل أبيب على المغالطة المقصودة حول «الأرض السيادية الإسرائيلية»، فلا يغير من طبيعة الأرض ولبنانيتها، إضافة إلى أن منطقة مزارع شبعا تقع خارج نطاق الخط الأزرق، وتُعدّ أرضاً محتلة لا سيادة لإسرائيل عليها من قريب أو بعيد.
ثانياً، يمثل الخط الأزرق خط انسحاب لجيش الاحتلال، وليس خطاً للحدود بين الجانبين. وخط الانسحاب الإسرائيلي لا يمثل، وفقاً لقرارات الأمم المتحدة، خط الحدود الدولية. علماً أن لبنان يتحفّظ على الأقل على 13 نقطة على طول هذا الخط الذي يمتد من غرب مزارع شبعا وصولاً إلى الناقورة في الغرب.
وكانت لافتة في متابعات هذا الملف خيبة أمل المعلقين والمراسلين والتعليقات التي صدرت في الإعلام العبري، كما في القناة 11 التي وصفت الحادث بأنه «لا يُصدق». وهو تعبير عن الإحباط نتيجة تراجع ردع إسرائيل مقابل تنامي ارتداعها: إسرائيل التي اعتادت الهجوم والاعتداء وقضم الحقوق، باتت في موقف دفاعي انكفائي، تستخدم الشكوى والرسائل الدبلوماسية، وتبتعد ما أمكنها عن استخدام القوة العسكرية، رغم امتهانها التهديد بها.
المصدر:”الاخبار – يحيى دبوق”
**