كتبت صحيفة ” الجمهورية ” تقول : إنشغلت الاوساط السياسية في عطلة نهاية الاسبوع بِتتبّع زيارة رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية لباريس واللقاءات التي عقدها في قصر الاليزيه، خصوصاً انها جاءت بناء على دعوة الجانب الفرنسي في ظل الحراك الجاري داخليا وخارجيا على جبهة الاستحقاق الرئاسي، وكذلك على مستوى الاتفاق السعودي ـ الايراني الذي أطلقَ مناخات إيجابية في المنطقة بَدت وكأنها تدفع الى ايجاد تسويات للأزمات فيها، ومنها أزمة لبنان من بوابة الاستحقاق الرئاسي الذي دخل في ضوء زيارة فرنجية الباريسية في دائرة الضمانات التي تمهّد لتحقيق تسوية حوله يتوقع ان تتبلور في وقت ليس ببعيد.
أبلغت اوساط مطلعة الى «الجمهورية» انّ فرنجية عاد مرتاحاً من العاصمة الفرنسية. واعتبرت انّ زيارته لباريس قرّبته بالتأكيد خطوة إضافية من قصر بعبدا ولكن لا يصح ان يتم التعامل معها وكأنها نهاية المطاف.
ولفتت هذه الاوساط الى انه يجب التعاطي بواقعية مع ما أنتجته الزيارة، مشيرة الى انّ مَن يعتبر انها كانت حاسمة رئاسياً يبالغ في تفاؤله، ومن يعتبر انها لم تحقق شيئا يُبالغ أيضا في تشاؤمه. واوضحت ان الفرنسيين طرحوا على فرنجية مجموعة من الأسئلة والاستفسارات التي تتعلق بمقاربته للملفات الاساسية، كاشفة انّ أجوبته كانت مرضية وفق المعايير الفرنسية، لكن المهم ان تتمكن باريس من إقناع السعوديين بما سمعته.
والى ذلك قالت مصادر مواكبة للاتصالات الجارية داخلياً ومع العواصم المهتمة لـ«الجمهورية» ان الاستحقاق الرئاسي دخل في مرحلة الضمانات والتسويات في ضوء اللقاءات التي عقدها فرنجية مع المسؤولين الفرنسيين، في ظل انطباع مفاده انّ الاتفاق السعودي ـ الايراني قَلّص المراحل وجَعل موعد انجاز الاستحقاق الرئاسي يقترب. وتوقعت المصادر انّ تنشيط الاتصالات محلياً وفي الخارج دفعا في اتجاه التوافق على انتخاب رئيس جمهورية جديد في ظل تقدّم ترشيح فرنجية على ما عداه من مرشحين معلنين وغير معلنين، على أن تُخاض العملية الانتخابات ديموقراطياً في موعدها في حال تعذّر الاتفاق على مرشح توافقي، بحيث يكون ذلك مخرجاً لكل الكتل المحرجة في تبديل مواقفها والتي صعدت بها الى أعلى الشجرة وترفض النزول منها الى الآن.
واكدت المصادر انّ الاجتماع الخماسي الثاني الذي يضم كلّاً من السعودية وفرنسا واميركا وقطر، يتوقع ان ينعقد في الرياض قريباً على ان يكون بنتائجه إيذاناً بالانطلاق الى انجاز الاستحقاق الرئاسي. واشارت الى انّ تقدّم الخطوات السعودية – الايرانية في اتجاه تنفيذ الاتفاق على تطبيع العلاقات بين البلدين من شأنه ان ينعكس تقدماً على صعيد معالجة بقية الازمات في المنطقة، ومنها الازمة اللبنانية التي يعطيها المعنيون اولوية بعد ازمة اليمن، في الوقت الذي تشهد العلاقة السعودية ـ السورية تطوراً ملحوظاً، حيث تردد ان وزير الخارجية السعودية سيزور دمشق قريباً حاملاً دعوة الى الرئيس السوري بشار الاسد لحضور القمة العربية المقرر انعقادها في الرياض في 19 ايار المقبل.
وكان وزيرا الخارجية الايراني حسين أميرعبداللهيان ونظيره السعودي فيصل بن فرحان، بحثا خلال اتصال هاتفي امس الخطوات المقبلة في ضوء الاتفاق الثلاثي الموقّع بين السعودية وايران برعاية صينية. واتفق الوزيران على لقاء مشترك خلال الأيام المقبلة.
وعبّر وزير الخارجية الإيرانية عن ارتياحه الى المسار الإيجابي للعلاقات الثنائية، وأكد «عزم الجمهورية الإسلامية الإيرانية على تطوير سياسة الجوار».
من جهته، أكد بن فرحان على «ضرورة التواصل المستمر واللقاء بين المسؤولين في البلدين»، ولفت الى ان «العملية الجارية في البلدين إيجابية ومرضية».
الموفد القطري
وفي هذه الاثناء وصل الى بيروت في ساعة متأخرة من ليل أمس الموفد القطري وزير الدولة في وزارة الخارجية الدكتور محمد بن عبد العزيز الخليفي، وسيلتقي اليوم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب. وليس مستبعداً ان يلتقي الموفد القطري قائد الجيش العماد جوزف عون في ظل المساعدات القطرية التي تصل الجيش منذ فترة، والتي واكَبت بداية الازمة المالية في لبنان.
وقالت مصادر ديبلوماسية تواكب الزيارة انّ الموفد القطري سيوسّع من لقاءاته لتشمل رؤساء الأحزاب اللبنانية، يبدأها بزيارة البيت المركزي لحزب الكتائب عند الثالثة بعد ظهر اليوم قبل ان يلتقي رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، كذلك سيلتقي مسؤولين في «حزب الله».
المعارضة
وفي المقابل قالت اوساط سياسية معارضة لـ«الجمهورية» انّ «هناك من يراهن على تبدلات مواقف خارجية من دون الاكتراث الى الواقع السياسي اللبناني المنقسم بين فريقين، وهذا الانقسام هو انقسام عمودي في ظل توتر سياسي، ويخطئ من يعتبر انّ أخذ موافقات خارجية ينسحب على الواقع اللبناني بدليل انه في العام 2016 كان هناك موقف خارجي مختلف عن موقف الداخل لجهة انّ المواقف الخارجية (واشنطن وباريس والرياض) كانت مؤيدة لترشيح فرنجية ولكن الواقع السياسي الداخلي ذهب في منحى آخر».
وأعطت المصادر مثالاً آخر وهو ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عندما اراد تشكيل حكومة بعد انفجار 4 آب وتم تكليف الدكتور مصطفى اديب هذه المهمة، فعلى رغم من الضغط الفرنسي الكبير وزيارة ماكرون لبنان لمرتين متتاليتين لم يتمكّن من تشكيل حكومة». واذ اكدت انّ «الموقف الخليجي ما زال على حاله»، سألت: «كيف يمكن تركيب البلد في ظل هذا الواقع؟ فهناك فريق داخلي لا يمكن ان يقبل بمرشح الممانعة سليمان فرنجية ولا تراجع على هذا المستوى، فيما الممانعة ليست في وارد ان تتراجع عن ترشيحها فرنجية وان تقبل بالمرشح ميشال معوض». وقالت: «الامور في حاجة الى تسوية وهذا ما يقوله النائب السابق وليد جنبلاط، أي علينا الذهاب الى مرشح لا يشعر من خلاله اي فريق بأنّ هناك تحدياً له في هذا السياق. وبالتالي، يخطئ من يعتبر ان المدخل للانتخابات هو خارجي. صحيح ان للخارج دوراً اساساً في أن يكون مسهلاً وداعماً والى ما هنالك، ولكن كيف يمكن تركيب الواقع السياسي في البلد؟ من الواضح ان القوى المعارضة على اختلافها ليست في وارد التراجع عن مواقفها، وهنا نتكلم تحديداً عن احزاب «القوات اللبنانية»، الكتائب، الوطنيين الاحرار، الشخصيات المستقلة المسيحية والاسلامية، وعن جزء واسع من «الثورة». وبالتالي، هل في إمكان فريق واحد ان يخرج لبنان من الانهيار على وقع انقسام سياسي لا يمكن تركيبه ؟».
واضافت الاوساط المعارضة «اذا اخذنا تأسيساً على تجربتين، تجربة «اتفاق الدوحة» وتجربة تسوية الـ 2016. حصل توافق صحيح كان هناك تدخلات خارجية، ولكن كان هناك توافق داخلي كبير، ففي تسوية 2016 كان هناك 6 احزاب وتيارات سياسية كبرى داعمة لهذا المناخ ولهذا التوجّه، وفي اتفاق الدوحة كانت قوى 14 و 8 مع هذا التوجه، وبالتالي اليوم نحن في حاجة الى تسوية، والتسوية لا يمكن ان تحصل على قاعدة مرشح فريق سياسي. وتُخطئ اي جهة اذا كانت تعتقد انّ الرهان على الوقت يمكن ان يبدّل في المواقف لأن الزمن تبدّل انطلاقاً من واقع الانهيار والى ما هنالك».
وأكدت الاوساط المعارضة أنه «في حال لم يحصل اي تغيير وأي محاولة لكسر هذا الجمود الرئاسي من خلال أسماء جديدة على الطريقة التي اعتمدها جنبلاط بطرحه ثلاثة اسماء خارج معوض ـ فرنجية، فإنّ الفراغ سيطول، وحتى لو حصلت الانتخابات الرئاسية فإنها ستحصل على واقع تَحد داخلي سيُدخل البلد في مزيد من التوترات فضلاً عن ان المعارضة متأكدة من امرين اساسيين: الاول ان لا تبديل في بعض المواقف الخارجية. والثاني ان المواقف الداخلية ذاهبة الى مزيد من التصعيد وليس الى التراجع او الاحتواء».