لم تعد الودائع المحجوزة في المصارف بذات قيمة بعد ان اعتمد الهيركات عليها وصلت في بعض الاحيان الى ٨٥في المئة وبعد ان تكفلت تعاميم مصرف لبنان بخفضها وتراجع حجمها حتى ان بعض الودائع انعدمت وانتفى وجودها وبالتالي اصبحت المعالجة اسهل من ذي قبل خصوصا ان حكومة تصريف الاعمال اكدت حرصها على رد الودائع التي هي دون المئة الف دولار ،كما ان بعثة صندوق النقد الدولي كانت واضحة بهذا الخصوص بأن الصندوق لا يريد ان يسمع بأي شىء عن استرداد الودائع او عن توزيع الخسائر وهذا ما ادى الى حفلة جنون قام بها المودعون الذين سارعوا الى الاعتصام امام مصرف لبنان والهجوم على فروع المصارف في منطقة الحمراء.
ومن المستغرب ان المصارف أقفلت أبوابها نحو 10 أيام لم يحرّك أحدٌ ساكناً ولم يتداعَ أحد إلى التظاهر أمامها، وعندما فتحت أبوابها أمام المواطنين لتسيير شؤونهم، تهافت المتظاهرون بقيادة الجمعيات التي تنادي بالحفاظ على حقوق المودِعين، في اتجاه عدد من المصارف في منطقة الحمراء، وتحطيم ماكينات السحب الآلي ATMs التابعة لها والواجهات الزجاجية لمداخلها وإشعال الإطارات أمام مداخلها وتهديد الإدارة والموظفين العاملين فيها والعملاء المتواجدين في المكان، «هذه المشهدية توحي وكأن المطلوب دفع القطاع المصرفي إلى الإضراب مجدداً واتهامهم مرة أخرى برفع سعر صرف الدولار.
… الواضح في قراءة تطوّرات اليوم، رسالة غير مباشرة للمصارف تدعوها إلى إقفال أبوابها مجدداً لترك ساحة السوق السوداء للمضاربين والصرّافين «المعروفين» وللمؤسسات المالية «المعروفة» للعبث بسعر الصرف وامس لم يتحرك المودعون ولا جمعياتهم تجاه المصارف.
على اية حال فأن الدولة اللبنانية منذ اكثر من ثلاث سنوات لم تحاول حل مسألة الودائع المحجوزة بل تطرقت اليها اولا عبر خطة التعافي لحكومة حسان دياب التي شطبتها وحملت المصارف الخسائر فسقطت الخطة من جراء سقوط الحكومة بسبب انفجار مرفأ بيروت في العام ٢٠٢٠ثم عمدت حكومة نجيب ميقاتي الى اطلاق خطة تعافي لم يكتب لها لانها تعرضت لعدة تعديلات وما تزال نائمة في ادراج مجلس النواب حتى ان المفاوضات التي قادها نائب رئيس حكومة تصريف الاعمال سعاده الشامي مع صندوق النقد الدولي كان الهاجس عدم تحميلها اية اثقال اموال المودعين مع العلم ان جمعية المصارف كما الهيئات الاقتصادية كانتا قد قدمتا حلولا لازمة المودعين لم يعرف اذا تم الاخذ ببعض بنودها .
لا يمــكن لاي خطة النجاح اذا لم تتطرق الى معرفة مصير الودائع التي تحور وتدور الحكومة ولكن عبثا تحاول لانها ترفض ان تتحمل اية خسائر وهذا يعني المزيد من الانهيار كما لا يمكن ان يقوم اقتصاد اذا لم يكن يوجد قطاع مصرفي يقوم بتمويله لكن لم يقل احد بعد ان هذه الودائع لم تعد موجودة رغم تبجح البعض بأنها مقدسة ويجب ان تعود لاصحابها.
المصدر:”الديار – رشا يوسف”
**