كتبت صحيفة “الجمهورية” قائلة بأنه وبعد العودة عن تأخير تقديم الساعة، والاعلان رسمياً عن بدء العمل بالتوقيت الصيفي اعتباراً من ليل الاربعاء الخميس، يمكن القول انّ لبنان تجاوز قطوعاً صعباً، ونجا من تداعيات شديدة الصعوبة ضَبَطته بين اصطفافات داخلية ينخرها العفن السياسي والطائفي. واذا كانت هذه العودة قد أعادت تنفيس الاحتقان، الّا انه يؤمل ألا يتم إدخال «معركة التوقيت» في بازار الربح والخسارة، وتتسابق بعض المكونات، على جاري عادتها مع كل محطة داخلية، الى نسب هذا الانجاز لها، ومحاولة تسييله سياسياً وشعبوياً.
ما من شك انّ هذه المعركة غير المسبوقة في أي مكان في العالم، على تقديم ساعة او تأخير ساعة، لم تؤكد فقط مدى الافلاس السياسي في هذا البلد، وتغطيته بمحاولة الاستثمار على أي أمر، أو اي تفصيل مهما كان تافهاً، إن كان يخدم المعركة السياسية لهذا الطرف او ذاك، بل اضافت الى تاريخنا محطة مُخجلة لا تنسى، وبالتأكيد لا نُحسد عليها، وأفرزت بالتالي حقيقة لا يمكن انكارها، تؤكد ان «الصراع على الساعة» قد أسقط الاقنعة الداخلية جميعها، وظهّر ما في بواطن النفوس، ليؤكد ان ما بين مكونات الصراع السياسي مِن فوارق وأحقاد وطائفيات ومذهبيات وكيديات وانقسامات باق في النفوس حتى قيام الساعة.
امّا وقد عادت الامور الى طبيعتها ووضع حدّ لهذه الملهاة، وانضبطت الساعة على التوقيت الصيفي، فليس على اللبنانيين سوى ان يعودوا الى واقعهم، ويستأنفوا صراع البقاء على الحياة في بلد لم يعد أحد يُجادل في أنه يسير بخطى ثابتة نحو دماره، وامّا مكونات السياسة فلم تخرج من وظيفتها التي تصدرتها منذ بداية الازمة، وعنوانها وجوهرها اللف والدوران حول الملف الرئاسي بالتوازي مع لفّ الحبل حول رقبة البلد، ودفعه عمداً وإصراراً خارج المسار الذي يمكن ان يلقى فيه فرصة نجاة.
**