كتبت صحيفة الجمهورية تقول: كانت مجمل التطورات مدار بحث بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الذي قال بعد اللقاء «كنت صريحاً جداً مع دولة الرئيس بأن الاوضاع تقتضي ورشة طوارئ سريعة لإنقاذ البلد، لا نستطيع ان نبقى على ما هي عليه الاوضاع راهناً، ولا تستطيع الحكومة أن تقوم بدورها مع مجلس نيابي معطل ومع عدم إنتخاب رئيس للجمهورية». واعتبر «انّ انتخاب الرئيس مسألة ضرورية والمدخل الى الحل. ومن ينتقد ما نقوم به اليوم على حسناته أو مساوئه فليذهب وينتخب رئيسا للجمهورية. فانتخاب الرئيس ضروري وإنعقاد مجلس النواب لإقرار المشاريع الإصلاحية. ايضا اليوم صباحا (أمس)عقدت اجتماعاً مع صندوق النقد الدولي وبحثنا في هذه المواضيع ومشاريع القوانين الموجودة في مجلس النواب يجب إقرارها». وقال ميقاتي: «لقد أرسلنا هذه المشاريع الى مجلس النواب، وقد لا تكون بالضرورة مثالية، ولكن علينا ان نتفق. اليوم نحن امام ثلاثة خيارات: إما الاتفاق مع صندوق النقد، أو أن نتفق مع بعضنا البعض أو الّا نتفق بتاتاً. وبدا واضحا اننا اخترنا الخيار الأسوأ، وهو ان لا نتفق بتاتا، فمن هو المستفيد من هذا الواقع؟ المواطن هو الذي يدفع الثمن وكل الطبقة السياسية مسؤولة عن ذلك».
وكان ميقاتي قد التقى أمس وفداً من صندوق النقد الدولي برئاسة رئيس البعثة ارنستو ريغو راميريز والممثّل المقيم للصندوق في لبنان فريدريكو ليما والأعضاء. وتم خلال اللقاء عرض نتيجة المشاورات التي قامت بها بعثة الصندوق في لبنان بعد جولة قامت على كل المسؤولين المعنيين تمهيداً لوضعها التقرير التقييمي الذي سيصدر عنها.
وحذّر راميريز خلال مؤتمر صحافي من أن «لبنان يمر في لحظة خطيرة للغاية، في ظل انهيار اقتصادي متسارع، وأن التقاعس عن تطبيق الإصلاحات من شأنه أن يدخل البلاد في أزمة لا نهاية لها». وقال: «نعتقد أن لبنان يمر في لحظة خطيرة للغاية، عند مفترق طرق». وأضاف: «إنّ الستاتيكو القائم والتقاعس عن اتخاذ إجراءات مطلوبة من شأنه أن يدخل البلاد في أزمة لا نهاية لها». وتابع: «مر عام تقريباً منذ ان توصّلنا الى اتفاق»، مشيراً الى أنّ «اللبنانيين أحرزوا تقدماً لكن للأسف التقدم بطيء جداً بالنظر إلى مدى تعقيد الوضع».
وقال: «البلد في أزمة كبيرة، والمتوقع كان أكثر من ذلك بكثير لناحية تطبيق وإقرار التشريعات المرتبطة بالإصلاحات».
وشدد راميريز على أن «أي حل للأزمة الاقتصادية الراهنة يجب أن يشمل تعديل السياسات المالية ومعالجة خسائر القطاع المصرفي وتوحيد سعر الصرف»، معتبراً أن «صغار المودعين هم الأكثر تضرراً ويعانون أكثر مما ينبغي». واعتبر أن «وجود أسعار صرف متعددة في لبنان يرتّب تكاليف كثيرة على الاقتصاد ويوزّع الخسائر بطريقة غير عادلة إطلاقاً»، مشدداً على «ضرورة توزيع الخسائر بين الحكومة والمصارف والمودعين». ودعا الحكومة إلى وجوب «التوقف عن الاقتراض من المصرف المركزي».
جلسة ببند واحد
حكومياً، عمّمت الامانة العامة لمجلس الوزراء امس الدعوة على الوزراء لعقد جلسة للمجلس الاثنين المقبل بعد استقصاء مواقف الاكثرية منهم الذين وافقوا على المشاركة فيها.
وللمرة الاولى جاءت الدعوة الى الجلسة محصورة ببند واحد يتصل بتحضيرات وزارة المال للملف المالي المتصل بأوضاع المدنيين والعسكريين من القطاع العام والتعديلات المقترحة على رواتبهم والحوافز الجديدة المضافة الى ما سبق منها لجهة الرواتب وكلفة النقل والانتقال، بغية استدراج موظفي الإدارة العامة الى فك إضرابهم والعودة الى العمل وفق برنامج اسبوعي معدّل للموظفين يتراوح بين ثلاثة وأربعة أيام في ظل الحوافز الجديدة، وسط شائعات وتسريبات عن المقترحات التي تم التوصّل إليها في وزارة المال ولم يتم التثبت منها كافة.
الزيادات في القطاع العام
ومن بين التسريبات المحكي عنها مشروع احتساب الحوافز الاضافية للرواتب وفق تصنيف الموظفين من الفئة الاولى الى الرابعة منها، وهي تتراوح بين 300 دولار اميركي للفئة الأولى وتصل الى 100 دولار للفئة الخامسة بفارق خمسين دولاراً بين كل فئة وأخرى. ولم يتقرر بعد كيف ستدفع ولكن المرجّح ان تدفع بالليرة اللبنانية عبر «صيرفة». وقالت رواية اخرى انّ راتباً رابعاً اضافياً قد حسم لكل موظف وانّ كلفة النقل لن تتبدل وهي كناية عن خمس ليترات بنزين عن كل يوم عمل تحتسب وفق المعدل الشهري لسعر الصفيحة في نهاية كل شهر وتدفع بالليرة اللبنانية.
… وزيادات القطاع الخاص
وليلاً، تحدث مصادر مطلعة على التفاهمات التي قادتها وزارة المال مع الهيئات الاقتصادية أسفَرت عن صيغة لتعديل رواتب القطاع الخاص وفق صيغة معدلة قالت بالآتي وهي تتعلق بزيادة التعويضات العائلية من مليون ونصف مليون الى ثلاثة ملايين و425 ألف وزيادة مليون و900 الف ليرة على الأجر الشهري و87 ألف ليرة على الأجر اليومي. ورفع منحة التعليم في المدارس الرسمية من مليون ليرة على التلميذ الى 3 ملايين بالحد الادنى و9 ملايين بالحد الاقصى. أمّا في القطاع الخاص فسترفع هذا المنحى من مليونين إلى 6 ملايين بالحد الادنى و16 مليون بالحد الاقصى. على ان يعدّل بدل النقل من 95 الف ليرة الى 125 الف ليرة لبنانية يومياً.
واعلن المجلس التنفيذي لنقابة «اوجيرو» في بيان أمس الإضراب المفتوح ابتداء من صباح اليوم وعدم الحضور الى مراكز العمل والتوقف كلياً عن القيام بأي أعمال، بسبب تجاهل المطالب وتعديل الرواتب التي «أصبحت تعادل واحد في المئة من قيمتها الفعلية». وأبقى «اجتماعاته مفتوحة لمتابعة التطورات».
اللعب على حافة الهاوية
من جهة ثانية ومع تقاطع المعطيات حول جلوس لبنان في المقاعد الخلفية امام الاتفاقية السعودية الايرانية وانتظار دوره في تسويات المنطقة الكبيرة اذا أتت… فقد عادت الانشغالات الى ملفات الداخل المتراكمة والمأزومة وسط إرباك غير مسبوق في طرق المعالجة التي تأتي معظمها ارتجالية، وآخر المشكلات الخطيرة هي الانتخابات البلدية. فقد علمت «الجمهورية» من مصادر حكومية انّ مجلس الوزراء لن يتلقّف كرة النار هذه التي يتم تقاذفها بين القوى السياسية خصوصاً انّ الوقت اصبح داهماً جداً، إذ يفترض ان يدعو وزير الداخلية والبلديات الهيئات الناخبة قبل الاول من نيسان وهو يجهّز لوائح الشطب لهذا الغرض، لكنّ المشكلة الاساسية تكمن في تأمين الاعتمادات اللازمة لإجراء العملية أو يطالب بتمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية، وبكلا الحالتين يحتاج الى عقد جلسة تشريعية وميقاتي يرفض رفضا قاطعا ان يضع هذا البند على طاولته لأنه من صلاحية المجلس النيابي وليس الحكومة والّا فالفراغ التلقائي على الابواب. وقالت المصادر ان الحكومة غير معنية الا بدعوة الهيئات الناخبة والفراغ سيكون خطيراً جداً لأنّ توقّف المخاتير عن العمل والفراغ في مجالسهم يعني توقّف كل امور الناس والمعاملات الفردية والجماعية والرسمية، وستكون الحلقة الاخطر في مسلسل تفكك الدولة».
وأضافت المصادر: «لقد احترف الجميع اللعب على حافة الهاوية وقد تبلغنا ان كتلة «التنمية والتحرير» ستقدّم اقتراح قانون الى الهيئة العامة لمجلس النواب لفتح اعتماد بقيمة ١٥٠٠ مليار ليرة لتغطية نفقات الانتخابات البلدية، الا انها تخوّفت من مقاطعة الكتل المسيحية الكبيرة الجلسة، ودعت الى تحمّل مسؤولية المقاطعة لأنّ عدم اتخاذ قرار بهذا الشأن يعني الفراغ القاتل، ولا يمكن ترك الامور من دون تدخّل لحسمها».