أبلغت مصادر اقتصادية مسؤولة إلى «الجمهورية» قولها: «صحيح انّ الوضع الاقتصادي والمالي سيئ جداً، لكنه ما زال ضمن الحدود الممكن علاجها إذا ما تمّ تصويب المسار السياسي بدءاً بانتخاب رئيس للجمهورية. ما يعني انّ ما حصل يوم الثلاثاء من جنون للدولار، سواء لناحية صعوده بآلاف الليرات على نحو غير مسبوق، او لناحية انخفاضه، ليس له ما يبرّره على الإطلاق، حيث لم يبرز قبل الثلاثاء ايّ طارئ دراماتيكي مالي او اقتصادي يدفع إلى هذا الانهيار الذي لا شك انّه بفعل فاعل».
وحذّرت المصادر من «انّ ما حصل قد يتكرّر، طالما انّ روادع منع تكراره غير موجودة او مقصّرة في القيام بواجباتها على هذا الصعيد». وقالت: «ما جرى قد يكون «بروفا» لما قد يحصل لاحقاً، لا معلومات دقيقة لدينا تؤكّد او تنفي وجود طوابير خامسة او سادية تعبث باقتصاد البلد وتهدّد استقراره. ولكن امام هذا الواقع الذي نرى انّه مفتوح على كل الاحتمالات السلبية، نجد انفسنا مسرعين لأن ندق اجراس الخطر بقوة هذه المرة في وجه السياسيين، ونكرّر لهم ما تبلّغناه من المسؤولين الماليين الدوليين، سواء من البنك الدولي او من صندوق النقد الدولي، من أنّ لبنان على المفترق بين ان يسارع السياسيون فيه إلى توفير العلاجات الفورية لأزمته، دخولاً اليها من باب اعادة تكوين سلطاته الدستورية عبر انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة اصلاحات، أو بين ان يبقى في قعر أزمة سياسية واقتصادية ومالية، تهدّده بأن يزول من الوجود».
ورداً على سؤال عمّا اذا كان الحل لا يزال ممكناً، قالت المصادر الاقتصادية: «لقد سبق وحدّدنا خريطة الحل في خطة تعافٍ وضعتها الهيئات الاقتصادية، وتشكّل الأساس لإعادة إنهاض البلد، وإنعاشه من جديد».
ما اكّدت عليه المصادر الاقتصادية حول مسؤولية السياسيين في المبادرة إلى العلاجات، يتقاطع مع ما اكّد عليه مصدر سياسي مسؤول لـ» الجمهورية»، بأنّ «العلّة الأساس هي في السياسة، التي تنتمي إلى الخارج اكثر مما تنتمي لبلدها، حيث تحوّلت مكوناتها إلى مجموعة مربعات متعادية مع بعضها البعض، ورافضة لأن تتلاقى على نقطة مشتركة لحرف مسار البلد عن الهاوية التي يُقاد اليها، والنقطة الأقرب لفرصة التلاقي والانقاذ هي انتخاب رئيس للجمهورية، ولكن هناك من يصرّ على نسف هذه الفرصة».
وإذ كشف المصدر المسؤول «انّ كل حراكات الخارج لم تؤتِ بالثمار المرجوة حتى الآن، ليس في اتجاه فرض حلّ من الخارج، بل في اتجاه إقناع اللبنانيين بضرورة التوافق على إنقاذ بلدهم والمسارعة إلى انتخاب رئيسهم»، اعرب المصدر عن «خوف بالغ من السقوط في منزلق اللاقيامة»، وسأل: «من منا لم يعتقد مع الرفع الجنوني للدولار قبل يومين انّ البلد قد انتهى»؟ وقال: «من هنا فأنا ارى ان نتعظ مما جرى رحمة ببلدنا وبالناس، ونجعله فرصة لتصويب المسار وإعادة تكوين السلطة بانتخاب رئيس وتشكيل حكومة، والّا فالمسار مكمّل نحو سقوط لبنان نهائياً، وهذا معناه سقوطنا ونهايتنا جميعاً».
**