يكون استرجاع الودائع كاذباً ووهماً عندما يُجرّ الشعب بوحول السياسة، وتتبارى بعض المجموعات السياسية والحزبية لتحريك الشارع لأهداف شخصية، ومن دون أي نية حقيقية لحماية الشعب الكادح والمذلول. فالهدف الواضح جرّ البلاد إلى الفوضى الشاملة والإنهيار الكامل لضرب ما تبقّى من الأمن وطمر جرائمهم.
يكون استرجاع الودائع وهماً وكاذباً عندما تكون الإستراتيجية الأساسية المتبعة، سياسة التجميد والشلل والمقاطعة، والتدمير الذاتي لكل مؤسسات الدولة، لطعن العدالة وما تبقى من الحقوق والحقيقة.
يكون استرجاع الودائع وهمياً وكاذباً عندما يتحوّل هذا المشروع إلى خطة إفلاسية وتصفية عوضاً من أن تكون إصلاحية ولإعادة الهيكلية. فإذا نُفذت هذه الخطة لن يصل للمودعين أي قرش من ودائعهم حتى على المدى الطويل.
يكون استرجاع الودائع وهمياً وكاذباً عندما تنشأ بسحر ساحر يوماً بعد يوم، شركات وهمية، وسوق موازية أو السوق السوداء الموازية، ليستفيد منها مَن سرق ودائع المودعين، أو مَن يدّعي أنهم يُخلّصون الودائع بأثمان بخسة، وهم المسؤولون وسارقو الودائع الأساسي، فيُبنى اقتصاد أسود ليُدمّر ما تبقى من الإقتصاد الأبيض، كي يُهرّب المستثمر والريادي والمبتكر، ويُستقطب المروّج والمهرّب والمبيّض.
يكون استرجاع الودائع حقيقياً وواقعياً، عندما نبدأ تحديد قيمة الودائع في تاريخ معين، بعد شطب بعض الفوائد الفادحة وبعض التحويلات غير المنطقية، فحسب مرصد صندوق النقد الدولي إن الودائع الرسمية والمفترضة تُراوح بين 70 و75 مليار دولار. فنقطة الإنطلاق تبدأ عندما تعترف الدولة بمسؤوليتها وتلتزم استرجاع جزء منها، على المدى القصير، المتوسط والبعيد، حينئذ تُجبر المصارف على تحديد نسبة مسؤوليتها وتلتزم دورها باسترجاع جزء من هذه الودائع المتراكمة على المدى القصير والمتوسط والبعيد.
يكون استرجاع الودائع حقيقياً وواقعياً عندما تُحدد المسؤوليات ويوضع جدول الإسترجاع على المدى القصير، المتوسط والبعيد. وحينئذ يُعاد تنشيط مؤسسات الدولة، والقطاع المصرفي ليكون منتجاً وقادراً على تحقيق الأرباح كي يستطيع تنفيذ إعادة الجدولة.
يكون استرجاع الودائع واقعياً وحقيقياً، عندما تبدأ الدولة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتعطي جزءاً من الملكية للمودعين المغدورين والمطعونين.
يكون استرجاع الودائع حقيقياً وواقعياً عندما نُعيد الدورة الإقتصادية وبناء النمو وجذب الإستثمار، فنعيد بناء الثقة الداخلية والخارجية، ونبرهن نية حقيقية لإعادة الهيكلية وإعادة الجدولة بطريقة منتظمة ومستمرة.
في المحصّلة، إن الوعود التي نشهدها اليوم ليس فيها شيء من الحقيقة والواقعية، لكنها وعود وهمية وكاذبة وتكملة لكابوس النهب الجماعي والتدمير الذاتي المُستدام. لا عتب على الذين يقدمون وعوداً وهمية وشعارات كاذبة على الشاشات والمنصات، لكن العتب على الذين يصدقونهم ويصفقون مرة أخرى لجلاّديهم الذين ينهبونهم أكثر وأكثر.
المصدر:”الجمهورية – د.فؤاد زمكحل”
**