لم يمنح الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله “خصومه” في الداخل والخارج الفرصة لرفع سقف السجالات السياسية حول ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وتجنب في خطابه بالامس الرد على كل ما سيق بعد خطابه الاول من كلام حول الملف، وذلك افساحا في المجال امام حركة الاتصالات السياسية التي انطلقت بزخم لتعزيز فرص دعم وصول فرنجية الى بعبدا. واذا كانت “الرسائل” السعودية الاعلامية العالية السقف قد تكررت بالامس عبر “كاريكاتور” نشرته صحيفة الشرق الاوسط “يزعم” ان موقف حزب الله قد اقفل الطريق امام الاستحقاق الرئاسي، فان “الابواب” لم تقفل بعد امام حوار لم ينقطع مع الرياض من خلال رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يفترض ان يلتقي خلال الساعات المقبلة السفير السعودي الوليد البخاري لمناقشة خلفية المواقف السعودية المنقولة بالتواتر وليس رسميا، مع العلم ان خطوط التواصل لا تزال مفتوحة بين الجانبين منذ اللقاء الاخير الذي جمع البخاري بالنائب علي حسن خليل. وكان لافتا بالامس زيارة الوزير السابق غازي العريضي الى عين التينة حيث تصدر “الطبق” الرئاسي اللقاء مع بري، ووفقا للمعلومات، حمل العريضي اسئلة من جنبلاط حيال توقيت اعلان تبني ترشيح فرنجية، وطبيعة المرحلة المقبلة، كما نقل رسائل من جنبلاط، خصوصا اجواء لقاءات وفد “الاشتراكي” الذي زار الرياض مؤخرا. وفي وقت لاحق التقى بري وزير الاعلام زياد مكاري، وابلغه دعما صريحا وجديا لترشيح فرنجية، وجرى نقاش الخطوات المرتقبة من قبل زعيم تيار المردة.
استراتيجية “عين التينة”؟
وفيما تكثر الاسئلة حيال اسباب انتقال “الثنائي” الى مرحلة العلنية في تبني ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية. تدور الاسئلة حول ما اذا كان حزب الله وحركة امل يلامسان الاكثرية لايصال زعيم المردة الى قصر بعبدا. وفي “البوانتاج” ثمة رهان على نواب اللقاء الديموقراطي وعددا من النواب المستقلين ومن النواب السنة الذين يدورون في فلك الرئيس سعد الحريري، والرهان ايضا على تسجيل اختراق في صفوف تكتل لبنان القوي برئاسة باسيل يتجاوز نواب حزب الطاشناق ونائب عكار محمد يحيى إلى آخرين ممن كانوا في عداد مؤيدي بري لرئاسة المجلس بخلاف رغبة باسيل! وعلم ان بري سيتخذ قراره بتوجيه الدعوة للنواب لعقد جلسة لانتخاب الرئيس، من عدمه، بعد الانتهاء من مروحة الاتصالات الحالية، وهو يتريّث إفساحاً في المجال أمام توسيع مروحة التأييد النيابي لفرنجية، ليكون في وسعه أن يضمن له تصويت عدد لا بأس به من النواب، حتى لو لم تصل الى 65 صوتا المطلوبة للفوز في الدورة الثانية. ويشرف الرئيس بري شخصياً على الاتصال بالنواب، ويتولى النقاشات معهم ويراهن على الوصول الى 61 نائباً، وهو لن يتردد في تحديد موعد لانعقاد الجلسة فور ضمانه تأييد هذا العدد الذي يُفترض أن يفوق عدد مؤيدي النائب ميشال معوض. ووفقا لمصادر نيابية، فان هذا الرقم سيؤدي الى احراج “المعارضة” المنقسمة على نفسها والتي لن تتمكن من مجاراة رئيس تيار المردة في تأمينها تأييدا لمنافسه؛ نظراً الى أن أصواتها ما زالت مشتتة، فيما الانقسام حاضر بقوة بين النواب “التغييريين”. وهو يريد ايضا إحراجها في حال اضطرت إلى مقاطعة الجلسة، وهو يريد ان يسجل عليها سابقة في هذا المجال، بعدما كالت الاتهامات “للثنائي” وحلفائه باستخدام الانسحاب من جلسات الانتخاب بهدف تعطيل الاستحقاق الدستوري.
رهانات متعارضة
ووفقا للمعلومات، ستشهد الساعات المقبلة تزخيما للاتصالات الداخلية مع اكثر من فريق سياسي، وفي مقدمته التيار الوطني الحر الذي روجت مصادره لاحتمال حصول لقاء بين النائب جبران باسيل والسفير البخاري، ولم يتم تاكيد هذه المعلومة بعد، ولكنها تستخدم حتى الآن في اطار “البازار” المفتوح “ومحاولة” استدراج العروض في الملف الرئاسي. مصادر “الثنائي” تصر على ان فرص فرنجية لا تزال كبيرة على عكس ما يروج له البعض، وهي ترى ان “المعركة” لا تزال في بدايتها، ومن المبكر الذهاب الى استنتاجات قبل أوانها. في هذا الوقت، لم يعد لدى القوات اللبنانية الا الرهان على صمود الموقف السعودي الرافض لفرنجية بعد الفشل في توحيد موقف “جبهة المعارضة “من أجل الخروج بخطاب موحد رافض لترشيح فرنجية، والتوافق على اسم المرشح الثالث، ولهذا تكتفي راهنا بالتاكيد ان موقفها من انتخاب قائد الجيش جوزاف عون لم يتغير في انتظار تبلور مواقف الأطراف الخارجية. تجدر الاشارة الى ان جعجع لا يزال يرفض على نحو قاطع لقاء باسيل على الرغم من ابداء الاخير استعداده للبحث في الاتفاق على دعم مرشح ثالث للرئاسة، وهذا ما أبلغه جعجع لراعي أبرشية أنطلياس المارونية المطران أنطوان بو نجم الذي يتنقل بين القيادات المارونية، في محاولة لتوحيد موقفها من الاستحقاق الرئاسي.
نصرالله: لا للخضوع ولا للياس
وقد اكتفى السيد نصر الله بالتاكيد أن أبواب الحل للأزمة في لبنان موجودة، داعياً إلى عدم الاستسلام والخضوع للشروط الدولية. وقال في الذكرى الثلاثين لتأسيس مدارس المهدي، إن المطلوب منّا الاستسلام ولا تتوقعوا منّا استسلاماً وانصياعاً وخضوعاً، مشدداً على وجوب “عدم اليأس لأن نتيجة اليأس الاستسلام. ورأى نصر الله أن أبواب الحل موجودة، مؤكداً أنه لا يجب أن نستسلم للشروط الدولية والإقليمية والذين استلسموا لم ينجوا. وفي الملف التربوي، حثّ نصر الله المعلمين والأساتذة في المدارس الرسمية والجامعة اللبنانية على مواصلة العام الدراسي وعدم العودة إلى الإضراب، مطالباً الحكومة بتنفيذ ما قدّمته لهم. ولفت نصر الله إلى إصرار بعض المدارس على الخاصة على الرّبح الوفير، معرباً عن تقديره أنها تريد زيادة الأقساط لتحسين رواتب المعلمين، لكن هل يمكن ألا نربح هاتين السنتين أو نربح بشكل معقول ومتواضع.