منذ وقوع الزلزال المدمر في السادس من شباط الماضي في تركيا وسورية، وسكان ابنية طرابلس القديمة يعيشون حالة قلق على صفيح ساخن يهدد حياتهم بخطر وشيك، خصوصا ان علماء الزلازل اكدوا ان لبنان يقع على طول فالق البحر الميت.
بعد اخلاء عدد من الابنية الآيلة للسقوط في مدينة الميناء، وترك المواطنين في الشارع دون تأمين السكن البديل لهم من قبل البلدية والهيئة العليا للاغاثة، كان عدد من سكان محلة الزاهرية على موعد باخلاء المبنى المؤلف من عشر طبقات هم وعائلاتهم، بعد حضور فرق الهندسة في بلدية طرابلس والكشف عليه، وتبين ان اعمدته الاساسية متصدعة مع تشققات منتشرة فيه، الامر الذي دعا السكان الى الاخلاء فورا، وباتوا ليلتهم في العراء، ورغم رفع الصوت عاليا من قبل السكان لتأمين البديل فورا، الا ان ذلك لم يتحقق بعد.
لم يتوان الدكتور خالد تدمري عن المطالبة بترميم الابنية الاثرية والتاريخية وذات المعالم الهندسية التي تعود الى مئات السنين، لكن ذلك لم يتحقق، فأدى اهمال هذه الابنية الى التصدع، ولا يمكن ان تنجو من اي زلزال يهدد المنطقة في اي وقت، خاصة بعد أن حسم الجدال القائم الباحث في علم الجولوجيا طوني نمر عبر “توتير” قائلا: “يصلني من وقت الى آخر مقتطفات مصورة لأحد مدّعي الجيولوجيا في لبنان يطمئن فيها الناس بأن لبنان هو بمنأى عن الزلازل ذات الدرجات العالية ومسبباتها، أقل ما يقال عن مقاربة ذلك الكلام للأمور انه يظهر جهلاً فظيعاً لأدنى مقوّمات علم الزلازل”.
أضاف: “من هنا أدعو وسائل الاعلام الى ضرورة تقصّي خلفيات ضيوفهم ومؤهلاتهم وواقعهم العلمي وأبحاثهم ودراساتهم ومنشوراتهم العلمية قبل استضافتهم وفتح الهواء لهم، لأن نكران الواقع الزلزالي لمنطقتنا هو تضليل للناس وأخطر من الزلازل نفسها”، وتابع: “مرة جديدة، وبعيداً عن التهويل، نحن في شرق المتوسط نعيش على طول فالق البحر الميت الموثق تاريخياً بحدوث زلازل. كما ونعيش بمحاذاة البحر المتوسط الذي يحوي على تركيبات مسببة للزلازل والتسونامي. علينا قبول الواقع وتثقيف أنفسنا والعمل على التأقلم مع محيطنا الجيولوجي للعيش بسلام”.
يأتي هذا الكلام تأكيدًا على مخاوف المواطنين من المنازل المتصدعة، والتي تبلغ اكثر ٧٠٠ مبنى، وربما يرتفع العدد في الايام المقبلة في حال استمرت فرق الهندسة بأعمال الكشف.
وحاول سكان الابنية رفع الصوت عاليا من خلال الاعتصام امام المنازل المتصدعة، والمطالبة بالترميم من قبل الجهات المسؤولة قبل فوات الاوان، لكن مطالبهم لم تؤخذ على محمل الجد، الامر الذي يمكن ان يكون له تداعيات خطرة في حال وقع زلزال يفوق ٦ درجات، ما يعني ان المشاهد التي انعكس تأثيرها في العالم كله، بما جرى في تركيا وسوريا، لن يكون مختلفا في مدينة طرابلس التراثية والتاريخية.
تصدع الابنية لم يقتصر على مدينة طرابلس، فيوم امس أجرت الفرق الهندسية في بلدية دير عمار، وتبين ان بناء في العقار رقم ٧٦٩ مصاب بتصدعات وتشققات في اعمدته، وتسلخات باطونية فيه، جراء الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، الامر الذي استدعى الى توجيه طلب لسكان المبنى باخلائه سريعا.