ذكر نائب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم، تعليقًا على الاستحقاق الرئاسي، أنه “من الواضح أن المجلس النيابي يضم 6 إلى 7 كتل نيابية مؤثّرة في عملية انتخاب الرئيس، تحتاج إلى نوع من التفاهم بين عدد منها لتأمين الأكثرية للانتخاب”
ولفت في مقابلة مع صحيفة “الأخبار”، إلى أن “هذا المجلس غير منقسم عمودياً بين محورين، كما كانت حال المجالس النيابية السابقة. لذلك، هناك حاجة إلى تشكيل جديد مرتبط بالرئاسة حصراً ليتم الاختيار بناءً على اجتماع كتل عدة مع نواب مستقلين. وليس شرطاً أن تكون هذه الكتل في محور واحد لأن هناك صعوبة حقيقية بأن ينتخب محور واحد الرئيس، كما أن هناك صعوبة لأن يكون الاستحقاق طريقاً لتشكيل محور واحد”.
وشدد قاسم على أن “حزب الله يسعى إلى تغليب الحوار والنقاش مع كل الكتل، ويشجع كل أشكال الحوار، بما فيها الحوار الذي دعا إليه الرئيس نبيه بري، لتقريب وجهات النظر وتثبيت القواسم المشتركة والبحث عن حلول للاختلافات البسيطة. هذا كله يتم عبر الحوار”.
وافت إى أنه “إذا بقي التصلب سيّد الموقف، وبقيت كل كتلة متمسكة بالخيار الذي ينسجم مع المواصفات التي تضعها لخيارها الرئاسي من دون أن ترضى بنقاش تفصيلي أو وضع سلّة من الأسماء يمكن من خلالها إيجاد القواسم المشتركة، فعندها يصعب أن نصل الى انتخاب الرئيس سريعاً. صحيح أن للحزب خياراً رئاسياً لم يعلنه، لكننا نقول للجميع: تعالوا لنناقش معاً الخيارات المطروحة لنصل إلى قناعة مشتركة ونسلك سبل المعالجة”، مؤكدا “أننا نسجّل هنا أن حزب الله وحركة أمل، ومعهما عدد من الحلفاء، توصلنا الى مقاربة معقولة لشخص الرئيس، وندعو الآخرين إلى مناقشتها للوصول الى نتيجة سريعة”.
وأشار، ردا على سؤال حول تخلي الحزب عن معادلة انتخاب فرنجية دون موافقة التيار، إلى أنه “بالنسبة إلينا، الممرّ الأساس لانتخاب الرئيس هو مواصفاته وامتلاكه تجربة سياسية والقدرة على التحاور مع الجميع وإقامة علاقات مع الدول العربية، وأن لا يشكّل تحدّياً لأحد ولا يرفع سيف التحدي متّكئاً على أحد. ولنا رغبة أكيدة بأن نكون متفاهمين في هذا الشأن مع التيار الوطني الحر”.
وعن العلاقة مع التيار، كشف قاسم أن “التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله يمرّ بأزمة غير خافية على أحد. ويفترض أن يناقش الطرفان مستقبل هذا التفاهم ووضعه. لكن التفاهم على مستقبل التفاهم معلّق حالياً في انتظار الانتخابات الرئاسية، وقد يُناقش بعدها”.
واعتبر حول تعميق المشاركة في جلسات حكومة تصريف الأعمال الأزمة مع التيار، أنه “حتى الآن عُقدت ثلاثة اجتماعات، حرصنا على أن تقلّص بنودها إلى الحد الأقصى والضروري بما يسمح به الدستور. هذه الاجتماعات أوجدت حلاً لمشكلة أدوية الأمراض المستعصية ولخطة الكهرباء ولبعض الأمور المالية المرتبطة بالقطاع العام، وهذه كلها بنود ضرورية وملحّة، ولم نقبل بإدراج أي بند غير ملحّ في أي جدول اعمال. فما المشكلة إذا كنا نعمل على حلّ بعض المشاكل؟”.
وحول لقاء باريس الخماسي، شدد على أن “اللقاء خرج بعناوين عامة تضمّنت تشجيعاً على انتخاب الرئيس من دون تحديد اسم أو مسار. وهذا مردّه إلى تشتّت المجلس النيابي وعدم امتلاك أي طرف خارجي مبادرة يمكنها جمع بعض هذه الكتل وراء خيار رئاسي معيّن، إضافة إلى انشغال بعض هذه الدول بقضايا أكثر أهمية بالنسبة إليها إقليمياً ودولياً. وهذا، في أحد وجوهه، أمر جيد للبنان أن لا يتدخل الخارج لفرض خيارات معينة، بل أن يكون تدخله مساعداً. كما أنه يجعل مسؤولية المجلس النيابي في انتخاب الرئيس هي الأبرز والأوضح، وتكاد تكون حصرية بسبب الظروف المحيطة بنا في المنطقة والعالم”، معلنًا بشأن التواصل مع الفرنسيين، أن “التواصل دائم ومستمر، ونتبادل الأفكار والآراء”.
إلى ذلك، أوضح قاسم بشأن تحذيرات نصرالله، أن “ما قاله سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله واضح ولا يحتاج إلى تفسير. وليأخذ كلّ من الخطاب ما يريده والرسالة التي تعنيه”.
إلى ذلك، أكد شأن اتهام الثنائي الشيعي بأنه يعمل على التمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أو أنه لا يعارض ذلك على الأقل، “أننا قطعاً، لسنا مع التمديد لرياض سلامة في حاكمية مصرف لبنان، ونحن مع استمرار التدقيق الجنائي ليصل إلى خواتيمه، ويُبنى عليه الموقف الرسمي من الحاكم”.
وشدد قاسم، حول الانفتاح على سريا، على “أننا كنا دائماً من المشجعين على إعادة العلاقات السياسية الكاملة مع سوريا ومن دون أيّ تحفّظ. لكن المسؤولين اللبنانيين خضعوا دائماً للضغط الأميركي اليومي الذي كان يلاحقهم في كل تصريح أو موقف. بعد الزلزال المدمّر، بتنا أمام وضع إنساني لا يقف في مواجهته إلا المجرم. ليس خافياً أن البعض قد يعتبر الوضع الحالي فرصة لإعادة العلاقة مع سوريا من البوابة الانسانية تمهيداً لتطويرها في ما بعد، وخصوصاً بعد فشل مشروع إسقاط سوريا، وفي ظل الأزمات الدولية، والحرب الروسية – الأوكرانية”.
ولفت إلى أنه “أضف إلى ذلك أن الفائدة المتبادلة اقتصادياً وسياسياً التي تتحقق للدول العربية، ومنها لبنان، من العلاقة مع دمشق أكثر بكثير من العقوبات التي لم تقتصر على سوريا، بل طالت كل من شارك في تطبيقها. معلوم أن لبنان استفاد دائماً من علاقته مع سوريا كونها الممر الوحيد لبضائعه إلى الدول العربية، فيما الأردن الذي يختنق بأزماته يجد في هذا الانفتاح طريقاً للخروج من مشاكله، وبعض دول الخليج ترى فرصاً استثمارية في إعادة الإعمار، وربما يعتبر بعضها أنه يمكن أن يغري سوريا ويدفعها الى المقلب الآخر. وحتى تركيا بدأت قبل كارثة الزلزال انفتاحاً على سوريا لدواع داخلية، انتخابية واقتصادية وسياسية. إذاً، العلاقة مع دمشق حاجة للجميع، وسيف العقوبات الاميركية استنفد أغراضه، وتحوّل الى عدوانية يومية بدل أن يكون وسيلة لتعديل السياسات. سوريا تجاوزت مرحلة إسقاطها، وهي صامدة بالتعاون مع محور المقاومة، والمستقبل لهذا المحور”.
حول الحكومة الاسرائيلية المتطرفة، وإن كانت تثير قلق الحزب، ذكر قاسم، أن “هذه أفضل حكومة تساعد على انهيار الكيان، لأنها عبارة عن «تجميعة» لقوى يمينية متطرفة تفكر بخصوصياتها ولا تعمل على بناء دولة، وفازت بالثقة بفارق صوت واحد في الكنيست، وتخوض معركة صلاحيات القضاء لتجرّد مؤسسات الكيان من فعاليتها واستقلاليتها. في المقابل، هناك جمهور غاضب ومعترض يشكّل، بالحد الأدنى وفقاً للتمثيل البرلماني، نصف الإسرائيليين”.
وأوضح أن “الكيان اليوم يعاني اضطرابات سياسية وثقافية وأخلاقية، وهو محتل في مواجهة شعب فلسطيني مقاوم مستعد للتضحية. إسرائيل أمام تراكم هذه المآزق مؤهلة للانفجار، ونحن، كحزب الله، أساساً وقبل تراكم هذه الأزمات، كنا مقتنعين بأن هذا الكيان سيسقط. على أيّ حال، فإن نظرية بيت العنكبوت التي أطلقها السيد نصر الله عام 2000 تؤكد نفسها يوماً بعد يوم، وإن شاء الله ستزال هذه الخيوط نهائياً من حول البيت الفلسطيني”.