كتبت صحيفة الديار تقول: لا تزال البلاد «معطلة» سياسيا، دون اي تقدم يذكر على صعيد الاتصالات الداخلية أو الخارجية بالشأن الرئاسي. هذا الاستحقاق المؤجل الى اجل غير مسمى، يبقى معلقا دون اي مؤشرات جدية تسمح بتفسير واضح لأسباب حالة الاستعصاء القائمة، في ظل استنكاف المعنيين في الخارج عن طرح افكارهم او حتى شروطهم للمساومة او المقايضة على «الطاولة»، ما يدفع المتابعين للشأن اللبناني والمهتمين بتحريك الملف كالفرنسيين الى الصعود والهبوط في تفاؤلهم وفقا لبعض الاحداثيات الاقليمية، وفي مقدمتها العلاقات الايرانية- السعودية. وقد ابلغت باريس بعض من راجعها في الساعات القليلة الماضية ان الاجواء تبدو ايجابية اكثر من اي وقت مضى بين الرياض وطهران، وهي تنتظر تبلور الاتصالات «الثنائية» بين البلدين لمحاولة اطلاق مسعى جديد حول الرئاسة اللبنانية نهاية الجاري.
وقد رافق هذه الاجواء الفرنسية تصريحات ايرانية رسمية تحدثت عن تجاوب سعودي مع دعواتها لاستئناف الحوار. في المقابل، لا تزال واشنطن عند «مربع الانتظار»، ولا تضع لبنان على جدول اعمالها، وفقا لمصادر ديبلوماسية غربية تحدثت عن اولوية واحدة تهتم لها واشنطن، وترتبط بعدم اندلاع مواجهة عسكرية جديدة في الشرق الاوسط بالتوازي مع الحرب الدائرة في اوكرانيا، وكل الملفات الأخرى تفاصيل. وهذا ما يفسر التدخل الديبلوماسي الاميركي القوي مع الحكومة «الاسرائيلية» الجديدة لمحاولة منعها من افتعال ازمة في المنطقة.
بالتزامن مع الشلل الداخلي الذي يعم البلاد سياسيا،عاد عدد من زوار العاصمة الفرنسية باريس بأجواء ايجابية، مبنية على معلومات ديبلوماسية رسمية عن وجود حراك ديبلوماسي جدي على خط العلاقات السعودية – الايرانية، يمكن البناء عليه لاعادة تزخيم التحرك على الساحة اللبنانية، لمحاولة انقاذ الاستحقاق الرئاسي اولا وتشكيل حكومة اصلاحية ثانيا. ووفقا للمعلومات، يعتقد الفرنسيون ان الظروف ستكون مؤاتية نهاية الشهر الحالي لـ «جس» جديد «للنبض» حيال ما يمكن تحقيقه على هذا الصعيد، مع افتراض حصول تقدم لاستئناف المفاوضات الثنائية بين الرياض وطهران كخطوة قد تكون متقدمة نحو عودة العلاقات الديبلوماسية بينهما. ولا يملك الفرنسيون افكارا محددة لتسويقها، ولا اسما محددا لعرضه على الطرفين، لكنها تملك تصورا واضحا «لخارطة طريق» قد تكون منطلقا لعقد تفاهمات يمكن تسويقها، وفي مقدمته فصل الملف اللبناني عن الملفات الأخرى الاكثر تعقيدا. بمعنى آخر، تسعى الديبلوماسية الفرنسية لجعل الملف اللبناني «ساحة» لاختبار النوايا لا تصفية الحسابات.
وبرأي الديبلوماسية الفرنسية ان التوازن السلبي القائم راهنا في البرلمان اللبناني يسمح للتسويق لتسوية متوازنة بين الاطراف. كما يعتقد الفرنسيون ان التصعيد الحالي بين باريس وطهران يمكن تجاوزه لبنانيا، بما ان “حزب الله” يتمتع «بهامش» كبير لاتخاذ القرار، ويمكن البناء على ذلك للفصل بين الامرين. في المقابل، تشكك مصادر سياسية مطلعة في قدرة الفرنسيين على «لعب» دورهم السابق، اذا اصروا على رفع مستوى التحدي مع الايرانيين حيث تتجه العلاقات نحو الأسوأ.
ما هو الموقف الاميركي؟
هذا الحراك الفرنسي، يستفيد من هامش عدم وجود ضغوط اميركية حيال الملف اللبناني، وقد لمس الفرنسيون ان الشرق الأوسط ليس على رأس أولويات واشنطن، التي تركز على ضرورة عدم السماح بتعرض الاستقرار الامني للخطر، وغير ذلك لا يتدخلون راهنا. ومن هنا ينطلقون من هذه النقطة لمحاولة اقناع الاميركيين بان عودة الانتظام للعمل السياسي والاقتصادي في لبنان يزيد الضمانات بعدم حصول نزاع بين حزب الله و»إسرائيل»، وهو امر يشغل بال الاميركيين الذين يرمون بثقلهم لمنع الحكومة «الاسرائيلية» الجديدة من القيام باي خطوات استفزازية قد تفجر المنطقة.
وفي هذا السياق، وبحسب صحيفة «معاريف الاسرائيلية» ستقدم واشنطن ضمانات قاطعة بعدم تفعيل الاتفاق النووي قريبا وزيادة الضغط على طهران، لكنها في المقابل ستطلب من حكومة نتنياهو ثلاثة أمور أساسية:
– أولاً: وقف الضم الزاحف للاستيطان، وهذا لا يعني فقط الامتناع عن خطوات إدارية معناها ضم الضفة الغربية لـ «إسرائيل»، بل أيضاً الامتناع عن توسع المستوطنات وتبييض نحو 200 مزرعة وبؤرة غير قانونية.
– ثانياً: على «إسرائيل» أن تسمح بوجود وعمل السلطة الفلسطينية، وذلك لا ينحصر في الأمن، وعلى «إسرائيل» احترام التزاماتها المالية للسلطة، وألا تستخدم وقف أموال الضرائب التي تجبيها كي تخنق عمل السلطة.
– ثالثاً: يجب على «إسرائيل» أن تحافظ على الوضع الراهن في الحرم القدسي، وألا تخرقه باستفزازات متطرفين وذوي مصالح سياسية، لانه الموضوع الاكثر تفجرا في العالم الإسلامي. وقبل يومين كان واضحا كلام الامين العام لحزب السيد حسن نصرالله بعدم وجود ضمانة بان لا تشتعل المنطقة ردا على المس بالمسجد الاقصى.