كشفت صحيفة “الأخبار”، أنّ قطاع الاتصالات بات مهدّداً بالتوقف مجدداً، بسبب عدم قدرة أوجيرو على تأمين المازوت للمحطات. فهي بحاجة لسلفة خزينة طارئة بقيمة 577 مليار ليرة لتسديد ثمن المحروقات وتأمين مستلزمات الصيانة والتشغيل. وسلفة الخزينة بحاجة لمجلس الوزراء حتى يقرّها ويحيلها إلى مجلس النواب. أما الأموال التي نتجت من رفع التعرفة خلال تموز الماضي، فلم تدم مفاعيلها مع تخطّي سعر الدولار 40 ألف ليرة في السوق، علماً بأن الجهد الفني والتقني المطلوب لتشغيل الشبكة بات في حدّه الأدنى
قبل بضعة أيام وجّه رئيس مجلس الإدارة المدير العام لهيئة أوجيرو، عماد كريدية، كتاباً إلى وزير الاتصالات ولكل من الأمانة العامة لمجلس النواب والأمانة العامة لمجلس الوزراء وديوان المحاسبة والتفتيش المركزي، يبلغهم بأن هناك احتمالاً لتوقف قسري في قطاع الاتصالات. السبب يعود إلى عدم توافر الأموال. فهناك نحو 303 مراكز بحاجة إلى 70 كيلوليتر مازوت يومياً. وسعر صفيحة المازوت ارتفع مما متوسطه 360 ألف ليرة في مطلع السنة الجارية، الى 910 آلاف ليرة في تشرين الثاني. والهيئة لم يعد لديها ما يكفي من الأموال لشراء المازوت، لا سيما أن السلف السابقة حسمت من موازناتها. وهذا النقص في التمويل، كانت له أضرار واسعة على الشركة لجهة التقصير في القيام بأعمال الصيانة، بل جعلها متخلفة عن سداد الفواتير المستحقة للموردين الخارجيين. ورغم الزيادة التي طرأت على التعرفة في تموز الماضي، إلا أن الأكلاف التشغيلية للقطاع باتت تستحوذ على كل الاعتمادات المقرّة لها. وهذا الأمر يستوجب، برأي كريدية، تعديل التعرفة وربطها بالدولار.
هذه هي نتيجة الوضع الحاصل في القطاع حالياً. ثمة مجموعة من سبع مشاكل أساسية أدّت إلى شلّ هيئة أوجيرو بشكل كبير. فالهيئة لم تتمكن من صيانة المسالك وغرف الهاتف والأعمدة الخشبية المتضررة أو استبدال أغطية الغرف المسروقة أو المكسورة. وهذا يؤثر في جودة الخدمة ويشكل خطراً على السلامة العامة كما يشكل عائقاً أمام الفرق الفنية المكلفة بالصيانة. الفرق بين الكلفة التقديرية لتأهيل المباني وسعر الصرف الحالي، منع «أوجيرو» من الالتزام ببرنامج التأهيل المعد مسبقاً مع وزارة الاتصالات، إذ إن المبلغ الذي كان مقرراً لتأهيل مبنى ما، بات لا يكفي حتى لتأهيل جزء منه. ناهيك عن أن المصاعد في مراكز الاتصالات، صارت بلا عقود صيانة، وبالتالي بلا تأمين ما قد يشكل خطراً على العاملين والزائرين. كذلك، لجأت الهيئة إلى تعديل عقد توريد مولدات الكهرباء وخفض عدد المولّدات الجديدة المطلوبة نتيجة فرق سعر الصرف، علماً بأن «أوجيرو» استطاعت بقدراتها الذاتية إعادة تأهيل عدد من المولدات الموضوعة خارج الخدمة من قبل مشغلي شركتي الخليوي في مستودعات منطقة الدكوانة.
كذلك فإن جهود وضع الشبكة في الخدمة لا تقتصر على المازوت فقط، وهي بحاجة إلى خبراء وجهود فنية وتقنية وإدارية من أجل تأهيل وتوسعة وصيانة وتشغيل شبكة الهاتف المحلية وشبكة نقل وتبادل البيانات وشبكة الهاتف المحلي اللاسلكي والخوادم الرئيسية وبوابات الإنترنت الدولية. لكن الهيئة لم تتمكن من شراء مبدلات الشبكة من نوع «Nokia Network Switch cards 10gb» لعدم توافر الاعتمادات اللازمة على سعر الصرف الموازي، وبالتالي لم تستطع وضع شبكة «OTN Optical Transmission Network» (الشبكة الضوئية للربط بين السنترالات). كذلك، لم تتمكن من السير بعقود دعم ومؤازرة لعدد من مكونات الشبكة الهاتفية وشبكة تبادل البيانات، وبالتالي باتت هذه المجموعات خارج أي دعم فني من الجهة المنتجة، أو من يمثلها في لبنان. إلى ذلك، تخلّفت الهيئة عن سداد المستحقات المتوجبة عليها بموجب عقود مع شركات عالمية، بسبب توقف مصرف لبنان عن تحويل أي مبالغ إلى خارج البلاد. وفي حين يبدو أن الأمور لا يمكن أن تصبح أكثر سوداويةً، إلا أن هناك فراغاً ملحوظاً في ملاك الهيئة لعدد كبير من الخبراء واليد العاملة المحترفة التي تركت لبنان بحثاً عن رواتب أفضل في بلدان مجاورة، ما انعكس سلباً على فعالية الأداء في عدد من القطاعات الفنية والتقنية.
أوجيرو اضطرت أن تتخلف عن سداد فواتير لموردين أجانب
انطلاقاً من هذا الوضع، دعا كريدية إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء منبهاً إلى أن توقف مرفق الاتصالات يضرّ بمصلحة الدولة، لذا، من الضروري أن لا يؤدي تقليص صلاحيات الحكومة وحصرها في نطاق ضيّق إلى الإضرار بمصلحة الدولة عبر تعطيل عمل المؤسسات وتهديد استمرارية المرافق العامة ومنها مرفق الاتصالات. لذا، يطلب في كتابه انعقاد مجلس الوزراء لدرس وإقرار الآتي:
– إعادة النظر بالتعرفة الحالية للخدمات التي تقدّمها وزارة الاتصالات، وربطها بالدولار الأميركي كي تتناسب المداخيل مع الكلفة التشغيلية والتطويرية للقطاع.
– النظر بأمر الموافقة على سلفة خزينة طارئة بقيمة 577 مليار ليرة لتسديد ثمن المحروقات وتأمين مستلزمات الصيانة والتشغيل.
– النظر بتسديد سلف الخزينة السابقة من الاحتياطي العام للموازنات العامة من دون المساس بالاعتمادات الأساسية الملحوظة في قوانين الموازنة.
– الطلب من مؤسّسة كهرباء لبنان النظر في الإمكانية الفنية لربط جميع المراكز الهاتفية على خطوط تزويد الطاقة 24/24.
– النظر بالموافقة على صرف اعتمادات موازنة الهيئة للعام 2022، بشقيها الإنشاء والتجهيز (CAPEX) والصيانة والتشغيل (OPEX) بالدولار الأميركي النقدي على سعر منصة صيرفة، وذلك لتأمين قطع الغيار ومستلزمات الشبكتين النحاسية والألياف الضوئية وتمويل توريد الأجهزة الانتهائية العائدة لاستكمال خطة التحول الرقمي للسنترالات الهاتفية وذلك لتخفيف استهلاك الطاقة ورفع مستوى الخدمات.
خطأ يعطّل معمل دير عمار حتى شباط
ليس شح الدولار وعدم إقرار سلفة خزينة لمؤسسة كهرباء وحدهما ما يعطّلان معمل دير عمار المتوقف تماماً عن العمل منذ نحو أربعة اشهر بعد نفاد الفيول أويل من خزاناته. ورغم وصول كمية من الفيول لإعادة تشغيل معامل الكهرباء، مطلع تشرين الأول الماضي، مع وعد بأن تصل ساعات التغذية الى ٤ ساعات، بقي المعمل الذي كلّف مئات ملايين الدولارات، وأُفرغت في خزاناته ثمانية آلاف طن من الفيول، متوقفاً عن العمل.
مصادر في المعمل عزت الأمر إلى أعمال الصيانة الدورية على المجموعة البخارية والتي ينص عليها العقد الموقّع بين الدولة ممثلة بمؤسسة كهرباء لبنان وشركة «برايم ساوث» المكلفة إدارة المعمل، على أن تتولى شركة «أنسالدو» الإيطالية أعمال الصيانة، متوقعة أن تستمر هذه الأعمال نحو خمسين يوماً.
غير أن مصادر أكّدت لـ«الأخبار» أن «خطأً تقنياً كارثياً وقع خلال أعمال الصيانة التي بدأت قبل نحو أسبوعين»، مشيرة إلى أن «برايم ساوث» كلفت شركة أخرى غير معروفة أعمال الصيانة بدلاً من «أنسالدو» التي اتفق عليها في العقد خفضاً للكلفة المادية. وبحسب معلومات «الأخبار»، فإنه أثناء أعمال الصيانة، وقع خطأ أدى الى تلف قطعة مهمة داخل التوربين البخاري تسمّى «روتار» تعدّ «العقل المشغّل» للمعمل، ما أدى إلى تعطل المجموعة البخارية، وإطفاء المجموعتين الغازيتين اللتين يتم عبرهما تحويل مادة المازوت الى بخار عبر المجموعة البخارية لتنتج عبره الكهرباء».
الشركة المشغّلة لزّمت الصيانة لشركة غير المتفق عليها في العقد مع الدولة
وبحسب المصادر، فإن «الكارثة لا تقتصر على تلف القطعة، وإنما في الكلفة العالية لاستبدالها، وفي أن مثل هذه القطع ليست جاهزة، بل تصنّع غبّ الطلب في إيطاليا، ويتطلب ذلك نحو شهرين ما يعني أن هذه المجموعة ستبقى خارجة عن الخدمة إلى شباط 2023 حتى لو تأمنت المحروقات اللازمة لتشغيل باقي المجموعات.
**