بقي الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله في خطابه الاخير ضمن دائرة عدم ترشيح احد لرئاسة الجمهورية، ولكنه دعا الى انتخاب رئيس يتفق عليه اللبنانيون، ما دفع كثيرين إلى القول انّه رشح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية من دون ان يسمّيه علناً.
على انّ الوضع الخارجي معطوفاً على الوضع الداخلي يعطي انطباعاً بأنّ هناك ثمة سرعة في إنجاز هذا الاستحقاق الرئاسي، خصوصاً اذا ما أُجري تقييم للاندفاعة الفرنسية في حوارها مع المملكة العربية السعودية على قاعدة التوافق مع «حزب الله»، كونه اللاعب الاكبر في لبنان، لأنّ الفرنسيين يدركون انّ النفوذ السياسي لهذا الحزب في لبنان لا يستهان به، وإنّ إشراكه في اللعبة السياسية من شأنه انجاحها. ومن هنا، فإنّ الفرنسيين يدركون انّ نجاح الاستحقاق الرئاسي مرتبط بتفاهم فريقين هما «حزب الله» والمملكة العربية السعودية، التي أبدت رغبتها في الاندفاع تجاه الملف اللبناني، وتجلّى ذلك في مؤتمر «الطائف 33» الذي نظّمته في الآونة الاخيرة في قصر الاونيسكو.
ويقول فريق من السياسيين، انّ الشخصية الاكثر حضوراً في نقاش هذا المثلث هو رئيس تيار «المردة» للأسباب الآتي ذكرها:
– ثانياً، الإقتناع الموجود لدى الفرنسيين بأنّ فرنجية متفهم للصيغة اللبنانية ومتفاعل معها وقادر على مجاراتها بالحوار وفك العقد، وهذا ما اختبره الفرنسيون، خصوصاً بعد لقاء قصر الصنوبر الشهير مع الرئيس ايمانويل ماكرون غداة انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، حيث ثبت للفرنسيين يومها انّ ما أدلى به فرنجية خلال ذلك اللقاء «كان الأكثر صدقاً وقرباً» من الواقع.
– رابعاً، انّ الانفراج في العلاقات السورية مع الدول العربية هو رافعة اساسية لوصول فرنجية الى سدّة رئاسة الجمهورية، كونه صديق الرئيس السوري بشار الاسد وصاحب علاقات تاريخية مع دول الخليج العربي.
– سادساً، انّ اتفاق المثلث فرنسا ـ السعودية ـ «حزب الله» هو سهل التسويق في الداخل اللبناني، سواء لدى الطائفة السّنية او الدرزية او حتى المسيحية، سواء البطريركية المارونية التي تربطها بفرنجية علاقات مميزة او المرجعيات المسيحية المستقلة التي لا تدور في فلك «القوات اللبنانية» و «التيار الوطني الحر».
– سابعاً، انّ اي اتفاق بين مثلث فرنسا ـ السعودية ـ «حزب الله» من شأنه ان يسهّل إقناع «التيار الوطني الحر» بالتصويت لفرنجية. كيف لا، وقد صرّح رئيسه النائب جبران باسيل في الفترة الاخيرة أنّ له «مصلحة شخصية» بوصول فرنجية الى رئاسة الجمهورية.
وثمة من يرى انّ الأجواء السياسية ضاغطة في اتجاه انتخاب رئيس قبل حلول رأس السنة الجديدة بمن حضر، وهذا ما تجمع عليه كافة القوى المؤثرة. وما العمليات الحسابية التي يقوم بها البعض في الآونة الاخيرة والآن، سوى استعراض من الخفة، لأننا بتنا نصدّق انّ انتخاب رئيس لبنان يحصل ضمن عملية ديموقراطية صرفة، في حين انّ هذا الانتخاب لا يحصل إلا باتفاق الدول الراعية للكتل، التي تذهب الآن كل خميس الى المجلس النيابي لتقترع وتصرّح في نهاية الجلسات، ظناً منها بأنّها متحرّرة من «ولي النعمة».
المصدر:” الجمهورية – طارق ترشيشي”
**