كتبت صحيفة “الديار” تقول: في «ملهاة» عبثية مثيرة «للسخرية»، انتهت جلسة تلاوة «رسالة» الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون، الى تثبيت شرعية حكومة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، مع العلم انها لم تكن بحاجة الى جلسة او بيان او حتى لقاء، فالدستور واضح ولا يحتاج الى تفسير. واصى مجلس النواب بمضيّ حكومة تصريف الأعمال قدماً في مهامها وفق الأصول الدستورية على ألا تجتمع إلا بالحالات الاستثنائية «لحرص المجلس على عدم الدخول في أزمات ميثاقية ودستورية جديدة، وحرصاً على الاستقرار في مرحلة معقّدة وخطرة اقتصادياً ومالياً واجتماعياً تستوجب إعطاء الأولوية لعمل المؤسسات». وذلك بعد تلاوة «لزوم ما لا يلزم» لرسالة رئيس الجمهوريّة السّابق بشأن استقالة الحكومة ومناقشتها.
وفي دلالة على عدم نضوج «الطبخة» الرئاسية ودخول البلاد في مرحلة «الفراغ» الطويل»، حدّد الرئيس نبيه بري موعداً لجلسة جديدة لانتخاب رئيس للجمهورية، يوم الخميس المقبل، وقال إنّه «لن يمرّ أسبوع إلا وسيكون هناك جلسة لمجلس النواب لانتخاب رئيس بدءاً من الأسبوع المقبل»! طبعا لم تخلُ الجلسة من «سجالات» شعبوية بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، عنوانها الصراع فوق «جثة» موقع الرئاسة «الفارغ»، كما حصل تبادل «للكمات» السياسية بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، والنائب جبران باسيل، حول من يتحمل مسؤولية اجهاض تشكيل الحكومة، فيما كانت لافتة «الهدنة» غير المعلنة بين «التيار» وحركة امل والرئيس بري.
في الخلاصة يوم نيابي «حزين» يدلل على ضحالة الحياة السياسية اللبنانية وغياب القيادات المسؤولة في بلد «يُحتضر»، على وقع عودة عتاة المتطرفين اليمينيين الى السلطة في اسرائيل، وارتفاع منسوب التوتر الايراني –السعودي في المنطقة، وغياب اي اهتمام دولي واقليمي بالواقع اللبناني. ولهذا لا تبدو مستغربة الارقام التي نشرتها «الدولية للمعلومات» امس والتي افادت بأن نحو 107،372 مواطنة ومواطن غادروا لبنان في أقل من عامين وقد يصل أو يتجاوز عددهم الـ130,000 حتى كانون الأول 2022.
الانتخابات الرئاسية:
«لا بيع ولا شراء»
وامام هذا المشهد «المسرحي» المتكرر، دعا بري الى جلسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية يوم الخميس المقبل، دون اي رهانات جدية على عدم تكرار سيناريوهات الجلسات السابقة، ووفقا لمصادر سياسية بارزة، لم يفتح حتى الآن «البازار» الرئاسي جديا، ولم تقدم اي من القوى الجدية عروضها على «الطاولة»، خصوصا ان العامل الخارجي لا يزال ضبابيا وغير جاهز لاقفال هذا الملف، حيث تبدو الظروف غير جاهزة بعد اقليميا لانتاج تسوية على الساحة اللبنانية. وفي هذا السياق، يتردد «الثنائي الشيعي» في الاعلان رسميا عن تبني ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي يرفض حتى الان عرض رئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل للاتفاق على مرشح «ثالث». فيما الفريق الآخر لا يزال متمسكا بمناورة ترشيح النائب ميشال معوض حتى تنضج «الطبخة» الخارجية. وللدلالة على غياب العروض الجدية، لم يتلق بري اي اشارة حيال عرض سبق والمح اليه امام بعض النواب على قاعدة «الرئيس لنا ورئيس الحكومة لكم»، كقاعدة حوارية يمكن ان تسبق التوصل الى اتفاق على رئيس تسوية. وعلم في هذا السياق، ان الرياض وواشنطن رفضتا عبر سفيريهما في بيروت التطرق الى اي «مقايضة» او تسوية في الوقت الراهن.
نصيحة فرنسية؟
ووفقا لتلك الاوساط، سمع الفريق المناوىء لحزب الله مؤخرا «نصيحة» فرنسية اثارت الكثير من «الامتعاض» والغضب لديهم، ومفادها ان تجربة السنوات الاخيرة، تشير الى ان أي رئيس جديد لن يستطيع الوصول إلى قصر بعبدا من دون أن يحظى بموافقة حزب الله، وإن لم يكن بتأييده ودعمه. ولم يحصل ما يخالف هذه «القاعدة» اليوم فلماذا تضييع الوقت؟
الازمة في «المربع الاول»
من جهتها اكدت مصادر نيابية بارزة، ان الامور لا تزال عند «المربع الاول»، والازمة تبدو طويلة، في ظل انقسام القوى السياسية في البرلمان حول اربعة توجهات، نواب «التغيير» الذين يتخبطون بلائحة اسماء لا افق لها، فريق «يناور» بترشيح النائب ميشال معوض، «الثنائي الشيعي» الذي يتبنى ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية من غير الإعلان الرسمي عن ذلك،. ووفقا للمعلومات، فان «الثنائي» سيدخل معركة الرئاسة بتوافق كامل هذه المرة، وحتى الان ثمة تمسك بخيار فرنجية كمرشح مقبول داخلياً وخارجياً، ولن يكرر تجربة الرئيس ميشال سليمان. علما ان «الثنائي» مع اي توافق مسيحي – مسيحي على رئيس يتمتع بمواصفات رئاسية وطنية جامعة.
اما التوجه الرابع فيتبناه «التيار الوطني الحر» الذي رفض طرح حزب الله الذي «جس نبض» «التيار» بتبني ترشيح فرنجية، واعلن باســيل ايضا رفضه لانتخــاب قائد الجيــش العماد جوزاف عون، دون ان يقدم البديل، تاركا الباب «مواربا» لاحتمال ترشيح نفسه، في المقابل ابدى انفتاحه على صيغة للتوافق مع حزب الله وفرنجية على شخصية ثالثة، وهو امر يرفضه حتى الآن رئيس تيار المردة…
فرنجية «يتريث»
وبحسب المعلومات، فإن فرنجية «مستاء» من «قلة وفاء» باسيل وعدم حفظه لموقفه في العام 2016 حين كان يحظى بدعم أكثر من 75 صوتاً في المجلس النيابي، لكنه التزم عدم الذهاب الى الجلسة ودعم وصول الرئيس عون الى سدة الرئاســة الـتزاما منه بوعد قطعه لحــزب الله. في المقــابل «يقاتل» باسيل لمنعه اليوم من الوصول الى بعبدا. لكن رئيس تيار المردة ملتزم اليوم «بالصمت» ولا يريد الدخول في اي سجال مع رئيس التيار الوطني الحر، افساحا في المجال للاتصالات البعــيدة عن الاضــواء التي يقوم بـها حزب الله، لكن هذا لا يعني انه سيبقى صامتا لمدة طــويلة.
التوتر الايراني السعودي؟
وفي سياق متصل، حذرت مصادر دبلوماسية من عودة التوتر بين السعودية وايران ، ولفتت الى ان العلاقات تمر راهنا في مرحلة دقيقة وقد تتجه نحو التأزم، على خلفية الاحتجاجات التي تشهدها ايران، وهو امر قد ينعكــس ســلبا على الساحة اللبنانية، ويعطل او يفرمل اي تسوية محتملة، ناصحة اللبنانيين بضرورة تغليب المصالح الوطنية والوصول الى تسوية داخلية لان تبادل الاتهامات بين الرياض وطهران لا يبشر «بالخير». فرئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية الايراني النائب وحيد جلال زاده قال إنه إذا لم تتوقف السعودية عن دعم الاحتجاجات فإنها «ســتواجه إجراءات مضادة من الجمهورية الإسلامية»، مشيراً إلى أن طهران وجّهت رسائل إلى الرياض «عبر دول صديقة». فيما اعلنت السعودية انها شاركت معلومات استخباراتية مع الولايات المتحدة تحذّر من اعتداءات وشــيكة من قبل إيران على أهداف في المملكة. وذكرت وسائل اعلام اميركية أن الولايات المتحدة والسعودية ودولاً أخرى مجاورة رفعت من حالة التأهب في صفوف قواتها العسكرية.
سيناريوهات «حوارية»
في هذا الوقت غاب حوار الرئيس بري الرئاسي بعدما سحبه من التداول قبل الجلسة، وهو بات على قناعة بان خطوته كانت في مكانها بعد ما حصل من سجالات في الجلسة، وقد حضر هذا الملف في حديث جانبي بين رئيس المجلس ونائبه الياس بوصعب الذي سيتولى، بمباركة بري، عملية «جس نبض» الكتل النيابية تحت عنوان «التشاور» لا الحوار، وقد لفت بوصعب الى انه سيحاول تحريك «المياه الراكدة» لان الحوار هو المخرج الوحيد للخروج من الازمة، واعلن انه لن يضع بعد اليوم «ورقة بيضاء» في جلسات انتخاب الرئيس. وكان بري قد اكد إ
أنه لن يمر أسبوع إلا وسيكون هناك جلسة لمجلس النواب لانتخاب رئيس بدءًا من الأسبوع المقبل، لكنــه امل ألا تتــحول القصة الى مسرحية «وقال «آمل خلال هذا الأســبوع أن يحصل توافق ما بين المكونات والبلوكات وجميعكم يعرف أين هي العقدة، العقدة يجب أن تحــل وإذا لم يحصل تراجع من هنا وتراجــع من هناك لن نصل الى حل».
الراعي و «المؤتمر الدولي»؟
وفي موقف لافت، شدد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على أن النقاط الخلافية يعالجها المسؤولون اذا جلسوا حول طاولة واحدة. وقال على هامش ملتقى البحرين للحوار: «بما انهم غير جاهزين للجلوس حول طاولة واحدة، انا دعيت الى مؤتمر خاص بالدولة بإشراف الأمم المتحدة لحل النقاط الخلافية».
وأشار الى أن «الحوار الآن هو بالاتجاه الى البرلمان والتصويت والتشاور للوصول الى نتيجة»، لافتًا إلى أن «لا يمكن الاتفاق على شخص، الاتفاق يكون بالتصويت والتشاور».
توصية مجلس النواب
فقد ناقش مجلس النواب رسالة عون اليه، وفي نهاية الجلسة أصدر توصية جاء فيها: استناداً الى النص الدستوري حول أصول تكليف رئيس لتشكيل الحكومة وطريقة التشكيل وفق المادة 53 من الدستور ولما لم يرد أي نص دستوري آخر حول مسار هذا التكليف واتخاذ موقف منه، وبما أن عون قام باستشارات ملزمة وفق ما ورد وبعد اطلاعه رئيس المجلس النيابي، أتت نتيجتها تكليف ميقاتي تشكيل الحكومة. وباعتبار أن أي موقف يتناول هذا التكليف وحدوده يتطلب تعديلاً دستورياً ولسنا بصدده … يؤكد المجلس ضرورة المضي قدماً وفق الأصول الدستورية من قبل رئيس الحكومة المكلف للقيام بمهامه كحكومة تصريف أعمال».
ضربة لعون؟
ووفقا لمصدر نيابي، فان ما صدر عن المجلس النيابي يعتبر ضربة معنوية» للرئيس الاسبق وتياره السياسي، فهو طالب بسحب التكليف من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة الجديدة، وهذا لم يحصل لان سحب التكليف لا يحصل إلا إذا بادر إلى الاعتذار وبملء إرادته عن التكليف، وغير ذلك يحتاج الى تعديل الدستور بأكثرية ثلثي أعضاء البرلمان، ولهذا فانه يمكن القول ان «الرسالة» وكأنها لم تكن، لأنها في الاصل تشكل مخالفة مكشوفة للدستور.
سقوط الرهانات الطائفية
ووفقا لتلك المصادر، فان ادارة بري للجلسة وفحوى التوصية عطلتا مفاعيل المحاولات لافتعال صدام لا مبرر له مع السنة، من خلال اثارة المخاوف حول صلاحيات الرئاسة الاولى، فميقاتي لم يكن اصلا في نيته «الاعتداء» على صلاحية رئيس الجمهورية، وهو قدم تعهدات جدية لرئيس المجلس وغيره من القوى السياسية بعدم عقد جلسات غير ضرورية قد تشكل استفزازا لأحد. وكان بري رد قبيل مناقشة الرسالة، على مداخلات بعض النواب الذين أبدوا خشيتهم من أن يكون الهدف من هذه الرسالة «قد يثير نعرة طائفية»، فقال: «إن شاء الله النيات منيحة وسبق أن ناقشنا من قبل رسائل مماثلة وما صار شي».
وأضاف متسائلاً: هل يعتقد أحد أنّني قد أدعو إلى أمر طائفي؟
تدخل حزب الله
وكان لافتا بالامس، الهدوء على جبهة بري- باسيل ، ووفقا للمعلومات، تدخل حزب الله مع الطرفين لتبريد الاجواء، اقله في جلسة امس، وقد طالب على نحو خاص من رئيس المجلس تبريد الأجواء كيلا يشعر التيار الوطني الحر ان احدا يريد عزله او الاستفراد به بعد خروج الرئيس عون من السلطة. وهذا انتج صيغة التمسك بتصــريف الحكــومة للأعمال وعدم الاجتماع الا عند الضرورة القصوى، وخفّف من حدّة الاشتباك بين الجانبين تحت قبة البرلمان.
«حافة الهاوية»؟
وخلال مناقشة الرسالة، حصل سجال بين الرئيس نجيب ميقاتي والنائب جبران باسيل، وردا على ميثاقية تكليفه قال: انا كان لازم اعتذر بوقتها بس لانو انت طالبت بالاعتذار انا بطلت. الى ذلك، قال ميقاتي لبري: اريد ان اطلب من الجامعة اللبنانية اضافة cours عن المفاوضات على حافة الهاوية فرد باسيل: هذه تأتي بالفطرة ولا تحتاج الى علم.
«حط إيدك عا شواربك»!
ودار سجال ايضا، بين باسيل والنائبة ستريدا جعجع، إذ قال باسيل «ليتم انتخاب الرئيس من الشعب»، فردّت النائبة جعجع «إمشي لكن بسمير جعجع فهو الأقوى مسيحياً». وردّ باسيل، «ما تشوشي في أمور جانبية»، فكان جوابها «هو الأقوى مسيحياً حط إيدك عا شواربك»، ليعود ويقول «اللي بحط إيدو عا شواربو هوي اللي بيحكي عن داعش وسوريا مش أنا»، لتردّ النائبة جعجع «اللي عندو شوارب بكون رجّال».
مواقف وانسحابات
وعقب الجلسة، رأى رئيس «التيار الوطني الحر»، النائب جبران باسيل، أنّ «اعترافاً حصل من الجميع اليوم بأنّ الحكومة لم يعد بإمكانها الاجتماع إلا إذا حدث أمر طارئ بموافقة كلّ المكوّنات». من ناحيته، قال عضو كتلة «الجمهورية القوية»، النائب جورج عدوان، أن «لا شيء في الدستور الحالي اسمه سحب التكليف من رئيس الحكومة، معتبراً أنّ «الحلّ الوحيد اليوم هو انتخاب رئيس للجمهورية لنخرج من كلّ النقاشات التي تحصل».
وقد انسحب من الجلسة كتلة «الكتائب» ونواب «التغيير» إضافة إلى النائبين أشرف ريفي وميشال معوض، واعتبر رئيس حزب «الكتائب»، النائب سامي الجميل، أنّ الهدف من الجلسة «خلق إشكال طائفي بين اللبنانيين لأنّ المطلوب أخذ البلد إلى التوترات. كما أعلن نواب «التغيير»، في بيان، أنّ «المجلس النيابي تحوّل منذ منتصف ليل 2022/10/31 إلى هيئة انتخابية ملتــئمة بشكلٍ دائم لانتخاب رئيس الدولة، ليس إلاّ، ولا يحقّ له مناقشة أيّ أمرٍ ولا يحقّ له القيــام بأيّ عملٍ سواه».
«الدستوري» يرد 4 طعون
في هذا الوقت، اصدر المجلس الدستوري امس دفعة جديدة من نتائج الطعون النيابية قضت برد أربعة طعون. في دائرة بيروت الأولى رد الطعن المقدم من قبل المرشح ايلي شربشي ضد النائبة سينتيا زرازير. وفي دائرة بيروت الثانية تم رد الطعن المقدم من زينة المنذر ضد النائبين فيصل الصايغ ووضاح الصادق.
كذلك، تم رد الطعن في دائرة كسروان المقدم من قبل جوزيفين زغيب ضد النائب فريد الخازن. وفي دائرة جزين تم رد الطعن المقدم من النائب السابق أمل أبو زيد ضد النائب سعيد الأسمر. فيما يبقى البتّ بالطعون الأخرى إلى جلسة لاحقة حيث يُبقي المجلس جلساته مفتوحة.