تعيش «اسرائيل» حالة من الاستنفار السياسي والامني والعسكري لدراسة تداعيات النجاح والفشل، وخلصت الجلسة الأمنية الخاصة التي عقدها رئيس حكومة العدو يائير لابيد مع قادة أمنيين وسياسيين، لمناقشة مسار عملية المفاوضات البحرية مع لبنان الى التأكيد بانها وصلت الى مرحلة مفصلية تستوجب تقديراً للوضع واستعداداً لكافة السيناريوهات، واذا كانت التقديرات شبه النهائية للمسؤولين الامنيين تشير الى ان الاتفاق ممكن خلال أسبوع أو أسبوعين، فان سيناريوهات التصعيد التي يمكن أن ترافق ما تبقى من المفاوضات وضعت على «الطاولة»، تزامنا مع رفع الاميركيين من منسوب التفاؤل الى درجة ان «الوسيط « الاميركي يتحدث عن نقاط خلافية بسيطة يمكن تجاوزها بسهولة.
وقد خلصت التقديرات «الاسرئيلية» الى اعتبار تهديدات حزب الله حقيقيّة، وهي بحسب صحيفة «هآرتس»، تدرس خيارات المواجهة القادمة باختلاف أنواعها، وتذهب الى ما هو أبعد من المواجهة البحرية، عملاً بالعقيدة التي تؤكد ان مواجهة جديدة مع حزب الله بعد حرب تموز 2006، ستكون أشد تعقيدًا وصعوبة. ونقلت الصحيفة عن مصادر امنية مطلعة في «تل أبيب» قولها إنّه في العقود الثلاثة التي ترأس فيها نصر الله حزب الله ، فإنّ عدد المرات التي تعهد فيها بشكل واضح بأنْ يشن نوعًا من الحملة العسكرية، محدود ومنها في25 نيسان 2006.لكن هذه الأقوال أثارت صدى ضئيلاً فلم تأخذ على محمل الجد في «إسرائيل»، ولم يكترث أحد لتهديده، وبعد شهرين ونصف اندلعت حرب لبنان الثانية، التي رسّخت وجود حزب الله كمنظمةٍ عسكريّةٍ وساعدت في تحويله إلى لاعبٍ إقليميٍّ.
وبحسب «هارتس» يعتقد المصدر نفسه انه من الأفضل أنْ يبلور صُنّاع القرارات في «إسرائيل» أهدافًا إستراتيجية واقعية، ويأخذوا في الحسبان بأنّ حزب الله قد يفرض على «إسرائيل» البحث عن بدائل مثل استنزاف محدود، لافتًا إلى أنّه بعد مرور 16 سنة على حرب لبنان الثانية تقف كل من «إسرائيل» وحزب الله في النقطة الزمنية الأكثر حساسية منذ العام 2006، ومنذ دخول وقف إطلاق النار إلى حيز التنفيذ في 14 آب 2006 تجري العلاقات بين الطرفين في إطار «قواعد اللعب» و»الردع المتبادل»، ولكن الطرفين الآن في أزمة متدحرجة تنطوي على خطر ملموس للتصعيد. وواحدة من خيارات الحزب بحسب المسؤول الامني الاسرائيلي قيامه بفرض حرب استنزاف على «إسرائيل» في محاولة لوقف تشغيل المنصة، دون التدهور إلى مواجهة واسعة، وسيصبح حقل «كاريش» يشبه مستوطنات غلاف غزة، وثمة أوجه تشابه بين الحالتين.
**