يُفترض بعد إقرار الموازنة ان تدور محركات التأليف بزخم مفترض، بحسب الأجواء التي سادت في الآونة الاخيرة ورجّحت ولادة الحكومة ضمن فترة سقفها بدايات تشرين الاول المقبل. وتبعاً لذلك، يُنتظر ان يدخل ملف التأليف في دائرة الحسم النهائي، مع اللقاء المرتقب في الساعات المقبلة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، لتوجيه الدفة الحكومية، إما في اتجاه التأليف وإصدار مراسيم الحكومة، واما في الاتجاه الآخر وإبقاء هذا الملف في دائرة التعقيد، ومعنى ذلك تهيئة البلد لاشتباك سياسي عقيم حول صلاحية حكومة تصريف الاعمال بوراثة صلاحيات رئيس الجمهورية، يلي الفشل الحتمي في اجراء الانتخابات الرئاسية في جو الانقسام السياسي القائم، خلال الشهر الثاني من المهلة الدستورية، على رغم الدعوة، او ربما الدعوات المتتالية لجلسات الانتخاب التي سيدعو اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وإذا كان المناخ الذي ساد في الايام الاخيرة وأوحى بأنّ الحكومة الجديدة صارت في مرحلة وضع اللمسات الاخيرة على تشكيلتها، وحسمها ينتظر لقاء الرئيسين عون وميقاتي، الّا انّ ما هو سائد عشية هذا اللقاء، والذي تجلّى بإعادة تطويق ملف التأليف بروايات وتسريبات جديدة – قديمة من هذا الجانب او ذاك، فرض من جديد، جوّاً من الغموض صعّب تحديد وجهة الرّياح الحكوميّة.
وعلى ما تؤكّد مصادر معنية بملف التأليف لـ”الجمهورية”، فإنّ الجو القائم بين الرئيسين عون وميقاتي يعكس رغبتهما في التسريع في تأليف حكومة، وعدم إيقاع البلد في مشكل سياسي وجدل دستوري مفتوح، وتداعيات واحتمالات سلبية، وهو امر يدفع إلى افتراض انّ الإيجابيات ما زالت قائمة، انما يشوبها الكثير من الحذر ربطاً ببعض التفاصيل المرتبطة ببعض الاسماء المقترحة للخروج من الحكومة القائمة، وكذلك الاسماء المقترحة كبدائل لهم. علماً انّ ثمة اشارات جدّية ما زالت موجودة، تعكس رفض تغيير بعض الاسماء. وفي اي حال، كل تلك التفاصيل يفترض ان تُحسم في لقاء، او ربما لقاءات الرئيسين عون وميقاتي، هذا إذا لم تحصل مداخلات من قِبل بعض المتضررين ونسفت تلك اللقاءات قبل انعقادها.
فمن جهة، ثمة من ينقل عن الاوساط المؤيّدة لموقف رئيس الجمهورية بأنّها ترفض المساس بصلاحيات رئيس الجمهورية، والتعامل مع الولاية الرئاسية بأنّها انتهت. فالرئيس سيمارس صلاحياته كاملة حتى آخر يوم من ولايته، وبالتالي فإنّ كرة التأليف في ملعب الرئيس المكلّف، وانّ رئيس الجمهورية كما كان منذ البداية منفتح على النقاش، ولكن ضمن صلاحياته الدستورية وشراكته الكاملة في تأليف الحكومة، وبالتالي يستحيل القبول بإلزامه بأي تشكيلة، او بأي اسماء، سواء لتغييرها او لإشراكها في الحكومة. علماً انّ ثمة علامات استفهام ما زالت من دون توضيح حول الغاية والخلفيات القائمة خلف تغيير هذا وذاك من الوزراء.
يشار في هذا السياق، إلى انّ ميقاتي قال في حديث صحافي في نيويورك قبل عودته الى بيروت: “لقد كُلّفت لتشكيل حكومة، وفي اليوم التالي للاستشارات النيابية غير الملزمة في مجلس النواب، قدّمت لفخامة الرئيس تشكيلتي الحكومية، ولا يزال الموضوع عالقاً بين وزير من هنا وآخر من هناك، وهذا البحث يحصل بيني وبين فخامة الرئيس وبالتعاون معه، وأتمنى في الاجتماعات المقبلة في الأسبوع المقبل أن ننتهي من هذا الموضوع لأنّه لا يحتاج إلى الكثير من النقاش، والبلد بحاجة إلى حكومة لتستطيع التصدّي قدر المستطاع للمشكلات التي نعاني منها، ونأمل بالتعاون مع مجلس النواب أن نتصدّى لكل هذه المشكلات”.
**