كتبت “الديار” تقول: فصل جديد من «مسلسل» «قوارب الموت» يطل برأسه من الشمال مجددا مهددا بتدحرج الامور الى ما لا تحمد «عقباه» في مدينة طرابلس التي «تجلس» على «برميل بارود» حسب تعبير تقرير امني حذر من «انفلات الامور بفعل الفوضى السائدة على خلفية الاهمال والشعور العام بان الناس متروكة لقدرها وهو ما يمكن ان تستغله جهات «مغرضة» لاشعال الاوضاع». في هذ الوقت تبقى «خارطة» الطريق الاميركية- الفرنسية- السعودية الصادرة من نيويورك «دون انياب»، لكن الشق الرئاسي يوحي بوجود قناعة راسخة بعدم قدرة اي فريق على ايصال رئيس يلبي طموحاته. ويبقى السؤال عن هوية الرئيس «التسوية» القادر على تامين «التطمينات» اللازمة لحزب الله وكذلك «مصالح» الدول الثلاث؟ فيما تبقى «العيون شاخصة» على جولة الحوار السعودي- الايراني السادسة التي ستكون المؤشر الاكثر جدية على اتجاهات الاحداث على الساحة اللبنانية في ظل ترقب لعودة رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي الى بيروت لترجمة الاجواء الايجابية حول تشكيل حكومة «كاملة المواصفات» لادارة الفراغ الرئاسي… في هذا الوقت، لا يزال ملف «الترسيم» متقدما على ما عداه، واعلان ميقاتي «الحذر» يعود الى انتظار الصياغة الخطية للاتفاق الذي يعده «الوسيط» الاميركي عاموس هوكشتاين، فيما دخلت اسرائيل في مرحلة «اشتباك سياسي» عنيف على خلفية الاتفاق المفترض، وسط تبادل للاتهامات بالتنازل امام تهديدات حزب الله فيما بدأت الاوساط العسكرية بالترويج لإنجازات على وقع «فتاوى» قانونية لتسهيل «هضم» الاسرائيليين للموقف عشية الانتخابات التشريعية.
«قارب الموت»
مرة جديدة دفع عدد من اللبنانيين اليائسين من دولتهم والهاربين من فقرهم ضريبة باهظة غرقا مقابل مدينة طرطوس بعد انطلاق مركبهم من مدينة المنية الشمالية، وقد لقي 35 حتفهم حتى ساعات متقدمة من مساء امس وجرح العشرات بعد غرق مركبهم الذي يضم نحو مئة شخص معظمهم لبنانيون وسوريون قرب جزيرة ارواد، ومن المرجح ارتفاع عدد القتلى. واكدت مصادر سورية أن المركب اللبناني غرق بعد تعطّله، وعمليات البحث مستمرة في الموقع. ونقلت وزارة النقل السورية عن أحد الناجين قوله إنّ «الزورق انطلق من لبنان – المنية منذ عدة أيام بقصد الهجرة، ويحمل على متنه أشخاصاً من عدة جنسيات. في هذا الوقت سادت امس حالة من الغضب في طرابلس بعد فقدان مركب على متنه 55 مهاجراً الى ايطاليا، خصوصا ان المعلومات متضاربة حيال انقاذ سفينة المانية ل 398 شخصا بينهم 178 قاصرا بينهم 200 لبناني ، بعدما وصلوا فجرا الي ميناء تارانتو، جنوب ايطاليا، لكن وزارة الخارجية تواصلت مع السلطات التركية واليونانية ولم تحصل على جواب. وكان المركب انطلق من طرابلس في اتجاه إيطاليا وعلى متنه 55 مهاجراً، لكنه علق قبالة اليونان وفُقِد الاتصال بين الأهل وأبنائهم قبيل دخولهم المياه الإقليمية اليونانية. وهذا ما استدعى تحركات غاضبة في المدينة تخللها قطع الطريق عند الأوتوستراد الذي يربط طرابلس بعكار بالسيارات والعوائق الحديدية مطالبين الدولة بالتدخل وجلاء مصير أقربائهم.
طرابلس الى اين؟
وازاء هذه التطورات تحدثت المعلومات عن تقرير امني يحذر مما يحصل في مدينة طرابلس لانه «أخطر مما يظن البعض «. فالوضع الأمني غير مستقر، وسط تقديرات جدية تشير الى عودة عدد من المتطرفين الى المدينة بعدما سبق والتحقوا «بداعش» في سوريا والعراق. وثمة مخاوف من استغلال كبير للوضع الانساني الصعب للناس في المدينة، وثمة خشية من استغلال «قوارب الموت» مجددا لاطلاق موجة جديدة من العنف الذي قد يخرج عن «السيطرة».
«الترسيم» بانتظار الوثيقة الخطية
وفي هذا السياق، جاء أعلان رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي من نيويورك إحراز «تقدّم ملموس» في المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية، وأمله الوصول إلى «خواتيمه المرجوّة في وقت قريب»، ليعكس حجم الحذر في هذا الملف الذي تتعامل معه اسرائيل من زاوية امنية جدية بعد ان دخل في «بازار» الانتخابات التشريعية في تشرين الثاني المقبل. فيما ترجح كل المعطيات ان الاتفاق الذي فرض تحت «ضغط» حزب الله سيبصر النور نهاية الجاري او مطلع الشهر المقبل، فيما ينتظر لبنان الصيغة الخطية النهائية ليقارن مطابقتها مع التفاهمات المبدئية مع الجانبين الاميركي والاسرائيلي.
«هضم» التنازلات
وقد حفلت الساعات القليلة الماضية بالادلة الحسية على ان القيادة السياسية والعسكرية تاخذ بجدية عالية المستوى تهديدات الأمين العّام لحزب الله السيد حسن نصر الله، بضرب حقل «كاريش»، ولذلك حاولت الايحاء بقدرتها على «كسر»معادلة الردع من خلال التبجح بمناورات عسكرية بحرية لاعلان القدرة على مواجهة صواريخ حزب الله، فيما كل المؤشرات تؤكد تحضير الساحة الداخلية «لهضم» التنازل امام تهديدات حزب الله، وتنص الصيغة النهائية على اعتراف إسرائيلي بأن الخط 23 وكل ما يقع شماله ملك للبنان بما فيه حقل «قانا» وخزانه الجوفي في وقت قدم الاميركيون افكارا لايجاد مخرج مقبول من الجانبين في ما خص «المنطقة الامنية» البحرية، وهي قيد الدراسة في لبنان واسرائيل وطالب الاميركيون بالاسراع في تقديم اجابات واضحة حولها.
«تخريجة قانونية»
واللافت في هذا السياق، ما كشفته صحيفة «هارتس» الاسرائيلية عن أن المستشارة القانونية للحكومة، أكدت أن الحكومة لا تحتاج الى استفتاء شعبي للاتفاق حول الحدود البحرية. ونقلت عن مصدر رفيع المستوى تاكيده ان الاتفاق سيقدم للجمهور الإسرائيلي فقط بعد اقراره من قبل المجلس الوزاري المصغر، ولن يتم تقديمه للكنيست قبل التوقيع عليه، وأنه لا يحتاج إلى استفتاء شعبي. من جهته اعلن المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس أن المبعوث الأميركي الخاص، عاموس هوكشتاين، أحرز تقدما في تضييق الخلافات بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي. وأضاف «نعتقد أن الوقت قد حان لكلا الطرفين لبذل كل ما في وسعهما لإيجاد حل لهذا النزاع البحري».
اعلان حالة»التاهب»
في هذا الوقت تزامن إعلان حالة التأهّب القصوى في الشمال خشيةً من هجومٍ مُباغتٍ لحزب الله بالصواريخ والمُسيّرات الانتحاريّة، مع اعلان المتحدث باسم جيش الاحتلال امس عن إجراء تجربة على صاروخ بحر-بحر متقدم من نوع»جبريل 5»، وذلك للحفاظ على التفوق الاستراتيجي لإسرائيل في الجبهة البحرية. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الاسرائيلية عن مصادر أمنيّةٍ رفيعة المستوى في تل أبيب، انه تقرّر بناءً على تقديرات الوضع التي أجراها الجيش عدم المجازفة وزيادة إجراءات الجهوزية في حال نفّذ السيّد نصر الله بالفعل بعض تهديداته، في حادثة تنزلق إلى أيام قتال في الشمال. واكدت ان التجربة «حجر أساس» في تحويل سفن الصواريخ الجديدة من نوع (ساعر 6) إلى عملانية، وذكرت الصحيفة أنَّ الإعلان عن التجربة أتى على خلفية التوتر المتزايد مع حزب الله. وفي محاولة لتبرير التراجع امام تهديدات حزب الله حاول المصدر الامني الاسرائيلي الايحاء بوجود تفوق نوعي بحريا وقال»النسخة الجديدة يمكنها إصابة أهداف بمدى مئات الكيلومترات، في أوضاع بحرية وجوية متغيرة، وادعى انها تؤمن إصابة وإحباط وتدمير تنوّع واسع من الأهداف والتهديدات وتضمن الأفضلية النسبية لذراع البحر والحفاظ على التفوق البحري للجيش الإسرائيلي!
«تطنيش» دولي وعربي ؟
في غضون ذلك، لم يتجاوز البيان الاميركي- الفرنسي- السعودي الصيغ الانشائية المعتادة في محطات سابقة اثبتت ان الملف اللبناني الموجود على «الطاولة» ، لا يتقدم الاولويات الا من «بوابة «الترسيم»، اما الاستحقاقات الدستورية والاقتصادية فلم تجد مكانها بعد في صدارة الاهتمامات الدولية والاقليمية. وقد تكون نتائج زيارة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الى نيويورك اوضح دليل على غياب الاهتمام الجدي والعملي بالملف اللبناني ففي ما يتعلق بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وتعهّد ميقاتي «السير قدماً بكلّ الإصلاحات التشريعية والإدارية الضرورية للخروج من محنتنا الحاضرة»، لفتت اوساط سياسية بارزة الى ان «الحظ العاثر» لرئيس الحكومة ان وجوده في نيويورك تزامن مع بيان وفد صندوق النقد في بيروت والذي «حذر» المسؤولين اللبنانيين من مغبة الاستمرار في «المراوغة» في تنفيذ الاصلاحات التي لم ينفذ منها شيء، ولهذا فان اعلانه مواصلة الجهود معالجة الأزمة الاقتصادية كلمات «فارغة» لم تقنع احدا من المجتمعين في نيويورك خصوصا الدول العربية، وفي مقدمتها السعودية التي لم تكن على «السمع» على الرغم من مناشدتها من قبل رئيس الحكومة الذي اعلن ان لبنان يعول على مساعدة «أصدقاء» لبنان الدوليين، وفي طليعتهم الدول العربية الشقيقة.
لا تجاوب في ملف «النزوح»
ولفتت تلك الاوساط الى ان كلام ميقاتي عن إعادة عقد مؤتمر «أصدقاء لبنان الذي طالما احتضنته فرنسا بالتعاون مع أصدقاء لبنان وأشقائه» لم يجد اي آذان صاغية في لدى اي من الدول المعنية التي لم تقدم اي وعود بعيدا عن اتفاق لبنان مع صندوق النقد الدولي والذي يؤمن 3 الى 4 مليارات دولار مقسطة لعدة سنوات. اما في موضوع النازحين السوريين، فلم تجد دعوة ميقاتي في «تحقيق العودة الآمنة والكريمة إلى سوريا» اي تجاوب من قبل الاميركيين او الدول الاوربية وكذلك الامم المتحدة، ولمس رئيس الحكومة بشكل واضح «الاجواء السلبية»، وتمسك تلك الدول في «عرقلة» اي خطة جدية لانهاء أزمة النزوح التي باتت أكبر من طاقة لبنان على التحمّل.
«خريطة طريق» نظرية
وفي هذا السياق، توقفت مصادر دبلوماسية امام البيان الثلاثي المشترك حول لبنان، ورات فيه صيغا انشائية دون اداة تنفيذية مؤثرة في الاحداث، لكن اللافت في مواصفات الرئيس المقبل اقرار بعدم القدرة على ايصال رئيس مواجهة لحزب الله وحلفائه، ودعوة صريحة للوصول الى رئيس «تسوية» وذلك بعد ايام على دعوة السيد حسن نصرالله الى الحوار للتفاهم على الاستحقاق الرئاسي، وهذا قد يفتح «الباب» امام نقطة تلاق يمكن البناء عليها اذا «صفت النوايا» لدى الجميع. وهذا يشير بوضوح الى تقدم النظرية الفرنسية القائمة على استمرار الحوار مع الحزب كونها الوسيلة المثلى للوصول الى تفاهمات داخلية وربما اقليمية بعدما فشلت سياسة المواجهة السعودية- الاميركية.
دعوات اصلاحية
وكان وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية قد اصدروا من نيويورك بيانا بخصوص لبنان دعوا فيه إلى تشكيل حكومة «قادرة على تنفيذ الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية المطلوبة بشكل عاجل لمواجهة أزمات لبنان السياسية والاقتصادية، وتحديداً تلك الإصلاحات اللازمة للتوصّل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي»، وإلى إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها بما يتناسب مع الدستور في لبنان، وقال البيان إنّ «من المهم انتخاب رئيس يمكنه توحيد الشعب اللبناني والعمل مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية للتغلب على الأزمة الحالية، وشدّد على ضرورة تنفيذ الحكومة اللبنانية أحكام قرارات مجلس الأمن الدولي 1559 و1680 و1701 و2650 وغيرها من القرارات الدولية ذات الصلة»، مؤكداً التزام تلك الدول باتفاق الطائف. وفي هذا السياق، فان تمسّكُ البيان بتنفيذ القرارات الدولية كلّها وضمنا القرارات التي تحصر السلاح بيد القوى الشرعية اللبنانية فقط لا غير، لا يحمل جديدا بل مجرد تكرار لمواقف سابقة لن تجد لها اي مفعول على ارض الواقع، بحسب تلك الاوساط، في ظل قناعة راسخة بان هذا الملف غير قابل للنقاش الان ويحتاج الى مناخات اقليمية ودولية مختلفة. ولهذا يمكن اعتبار البيان «اعلان نوايا» يحمل في طياته تحذيرات وتوجيهات غير مقرونة بحراك عملاني.
الجولة السادسة؟
وفي سياق متصل، الانظار تتجه الآن الى «الجولة السادسة» من المحادثات الايرانية –السعودية بعد اعلان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، انتهاء الجولة الخامسة من المحادثات في العراق وتاكيده ان هناك نقاشا على أن تكون الجلسة المقبلة بين الرياض وطهران على مستوى وزراء الخارجية، مؤكدا «تهيئة الظروف لجولة جديدة». وبراي اوساط مطلعة فان هذه الجولة اذا عقدت قريبا ستعطي مؤشرا على وجود تقدم كبير في العلاقة بين الطرفين وستنعكس حكما على الساحة اللبنانية. ويبقى ان الايام المقبلة ستكون حاسمة لجهة معرفة ما اذا كان البلدان يسعيان الى خطوات ثقة قبل اللقاء العلني المقبل، ام ان تلك الخطوات ستلي اللقاء، وسيكون اليمن ولبنان ابرز ساحتين للتلاقي اوالاختلاف، وستكون التجربة العملانية الاكثر مرونة في لبنان، وذلك لتاكيد «حسن النوايا»، خصوصا ان في اليمن تعقيدات كبيرة يضاف اليها معطى جديد يتعلق بالوضع المتوتر في العراق. وتخلص المصادر الى القول» اذا اردنا ان نعرف مدى التقدم في المحادثات بين البلدين علينا ان نراقب كيف سيتم التعامل مع الاستحقاقات الداهمة على الساحة اللبنانية».
المصارف مقفلة حتى «اشعار آخر»!
اقتصاديا، فيما صدر امس قرار عن المحكمة العسكرية بإخلاء سبيل الموقوف عبد الرحمن زكريا، وهو من مقتحمي بلوم بنك، بسند إقامة أبقت المصارف ابوابها مقفلة امس في انتظار التوصل الى خطة لضمان أمنها. وحسب مصادر جمعية المصارف تبلغت من وزارة الداخلية بان عليها تامين الحماية لمؤسساتها، وهذا يعني ان المصارف ستبقى مقفلة حتى «اشعار آخر». وفي هذا السياق، عقد المجلس التنفيذي لاتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان اجتماعاً خُصّص لمناقشة المستجدات المتعلقة بالخطة الأمنيّة في القطاع المصرفي، وصدر عن المجلس بيان طالب فيه المجلس «بتأمين الأمن في مراكز العمل. ورفض الاتحاد عودة الزملاء إلى مزاولة العمل من دون وجود تدابير أمنية تسهر على أمنهم وأمن المودعين خلال دوام العمل، وطالب المرجعيات الأمنية على اختلافها تفهّم مطلب الاتحاد بضرورة تأمين الأمن في كافة مراكز العمل سيّما أن التهديد باقتحام المصارف بقوّة السلاح ما زال يُنشر في وسائل التواصل الاجتماعي وآخره الخبر الصادر عن تجمّع المودعين في المصارف اللبنانية نص فيه كل المودعين بان يكون الخميس يوم الهجوم على البنوك، وطالب مجلس الاتحاد الأجهزة الأمنية ملاحقة مطلقي هذه التهديدات التي توتّر الأجواء العامة وتشجّع على ارتكاب مُخالفاتٍ للقانون واستخدام السلاح لترويع العاملين في القطاع المصرفي.