في ملف «الترسيم» توقفت مصادر مطلعة عند كلام رئيس الجمهورية ميشال عون، امام المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جوانا فرونتسكا، حيث ابلغها أنّ مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية باتت في مراحلها الأخيرة بما يضمن حقوق لبنان في التنقيب عن الغاز والنفط في الحقول المحدّدة في المنطقة الاقتصادية الخالصة له، مشيراً إلى أنّ التواصل مع الوسيط الأميركي آموس هوكشتين مستمر حول بعض التفاصيل التقنية المرتبطة بعملية الترسيم. ولفتت تلك الاوساط الى ان كلام الرئيس مبني على تواصل حصل في الساعات القليلة الماضية بين نائب رئيس المجلس النيابي الياس بوصعب «والوسيط» الاميركي الذي نقل اليه مناخات «اسرائيلية» ايجابية ازاء مجمل تطورات الملف، فيما كان الرد الاولي اللبناني على احداثيات الخط «الازرق البحري» مشجعا كونه حمل ملاحظات تقنية يمكن تجاوزها مع العدو الاسرائيلي.
«رسالة» فرنسية
ووفقا لتلك الاوساط، لن يتأخر هوكشتاين في العودة الى بيروت قريبا، فيما تبلغت بيروت من باريس اجواء مشجعة ايضا قبيل زيارة وفد «اسرائيلي» رفيع المستوى للعاصمة الفرنسية حيث سيحضر الملف اللبناني على هامش الاتصالات حول الملف النووي الايراني. وقد ذكرت أوساط أمنية في «تل أبيب» أن رئيس أركان «الجيش الإسرائيلي» أفيف كوخافي، سيستغل لقاءاته مع القيادات العسكرية والأمنية في فرنسا، لنقل رسالة يؤكد فيها أن «إسرائيل» غير معنية بتدهور عسكري، وتحبذ إنجاز المفاوضات بينها وبين لبنان باتفاق حول ترسيم الحدود في المياه الاقتصادية، لكنها سترد بقسوة على أي هجوم لحزب الله. ودعت تلك الاوساط الى عدم التوقف كثيرا عند اعلان الحكومة «الإسرائيلية» بان ضخ الغاز من حقل كاريش سيحصل متى أصبح ذلك ممكناً تقنياً دون أي علاقة بالمفاوضات مع لبنان، لانه تصريح للاستهلاك الداخلي.
الحل لصالح لبنان؟
وفي السياق نفسه، ازداد منسوب التفاؤل لدى المستوى السياسي في «إسرائيل» ولدى جهازها الأمني حول احتمالية التوصل إلى التسوية النهائية للخلاف في الفترة القريبة القادمة. بحسب صحيفة «هارتس الاسرائيلية» التي لفتت الى انه في خلفية المشهد يقف التقدم في الاستعدادات «الاسرائيلية» قبل التنقيب عن الغاز في حقل «كاريش» وتهديدات حزب الله بمنع الحفر والاستخراج إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق. ووفقا للصحيفة، يتركز اقتراح «الحل الوسط» المقدم من قبل «الوسيط» الاميركي عاموس هوكشتاين على الخط 23، وهو الخط الوسط بين طلب لبنان الأكثر جنوباً بشأن تموضع الحدود، وبين «الخط الإسرائيلي» الأكثر شمالاً، والخط المقترح أقرب إلى طلب لبنان. في الاتصالات غير المباشرة، طلبت «إسرائيل» إجراء التغيير لصالح لبنان في عمق المنطقة وليس قرب الشاطئ، بهدف توفير مجال دفاع أكبر من تهديدات محتملة من البحر قرب الشاطئ.
تنازلات ودخول قطري؟
وبحسب الكاتب المقرب من الاجهزة الامنية «الاسرائيلية» تسافي بارئيل، فان القيادة العليا في «إسرائيل» مستعدة لتقديم تنازلات على اعتبار أن الإنجاز الأهم سيكون في استقرار العلاقات بين الطرفين في البحر ومنع احتمالية تصعيد أمني على هذه الخلفية مستقبلاً. وقد صممت «إسرائيل» على بقاء بئر كاريش داخل حدودها، وهذا ما سيحدث حسب الاقتراح الأميركي. واظهرت» سخاء أكبر» تجاه لبنان في تحديد مسار الحدود في منطقة حقل «قانا» شمال شرقي كاريش، على فرض أن البدء في الحفريات سيساعد على تحقيق استقرار بعيد المدى. وفي هذا السياق تبذل الولايات المتحدة جهودا لإشراك قطر في التنقيب عن الغاز في الطرف اللبناني للحدود البحرية، بعد إخراج الشركة الروسية من الصفقة بسبب العقوبات التي فرضها المجتمع الدولي على موسكو لغزوها أوكرانيا. الأمل الآن هو أن يزيد انضمام قطر تدفق الأموال من أجل الاسراع في عملية التنقيب.
المصدر:”الديار – ابراهبم ناصر الدين”
**