باتت استغاثة الناس، كصراخ في ساحة طرشان لا يسمعون، وعميان لا يرون حجم المعاناة التي أسكنت اللبنانيين جميعهم في جحيمها الاسود سياسياً واقتصادياً ومالياً واجتماعياً. يفاقمها نكران فضائحي لعمق «الجورة» التي طُمر فيها البلد واهله، يمارسه بلا خجل او حياء، من يمسكون بأهوائهم زمام البلد، ويعتبرون انّ من بعدهم الطوفان. ولعلّ أخطر ما في زمن الطرشان والعميان والنكران، هو انّ درب معاناة اللبنانيين باتت محفوفة بالفلتان، وصارت الكلمة للصوص وقطّاع الطرق وديوك الأحياء و«شبيحة» الزواريب.
القوى الأمنية تعلن انّها تقوم بما هو مقدور عليه، او بشق النفس، او بالاحرى باللحم الحي، جراء ضعف الإمكانات او بمعنى أدق انعدامها، لحفظ الامن والاستقرار، فيما الواقع على الارض في منتهى الرعب؛ معدلات الجريمة بلغت مستويات أكثر من مخيفة وتعمّ مختلف المناطق اللبنانية؛ جرائم قتل، تشليح، ابتزاز، سطو على منازل ومحال تجارية، سرقة سيارات وآليات من كل الانواع، إتجار بالمخدرات وبكل الموبقات والمنكرات، عصابات على عينك يا تاجر على الطرقات، تسرح وتمرح وكأنّها أقوى من الدولة. كل ذلك نتاج طبيعي في دولة مهترئة، ومؤداه الحتمي، كما بات يشعر كل لبناني، إلى الفوضى وبئس المصير.
ورداً على سؤال قال المصدر الأمني: «الجميع تأثروا بالأزمة، والمعاناة عمّت كل القطاعات ولم تستثن ايّاً منها. الناس يعانون، والقوى الأمنية من الناس، ورغم ذلك سنستمر في القيام بواجباتنا، هذه مسؤوليتنا وواجبنا تجاه بلدنا وتجاه اللبنانيين، فهل نتقاعس عن تأدية هذا الواجب؟».
ورداً على سؤال آخر، قال: «الوضع كما سبق وقلت دقيق، ودعوتنا دائمة الى اليقظة، وخصوصاً اننا لا نُخرج من حساباتنا تسلّل مخرّبين للعبث بالأمن، في هذه الظروف التي يمرّ فيها لبنان، ولذلك فإنّ الاجهزة العسكرية والأمنية عيونها مفتحة وعلى جهوزيتها الكاملة، وثمّة الكثير من الحالات والخلايا التي تمّ كشفها والقبض على افرادها»
**