كتبت صحيفة “الديار” تقول: فيما كانت فرقة «المياس» اللبنانية تحلق عاليا في رفع اسم لبنان على واحد من اهم المسارح العالمية، كان النواب في ساحة النجمة يؤدون «مسرحية» «هزلية» عنوانها مناقشة موازنة «لقيطة» متاخرة 9 اشهر عن موعدها، ينتقدها الجميع بمن فيهم الممثلون في الحكومة ويسوقون لضرورة تمريرها تحت عنوان «افضل الأسواء». في المقابل انها موازنة «الانفصام في الشخصية» «وتركيب الطرابيش» «وذر الرماد في العيون»، براي نواب المعارضة. اما «المهزلة» الحقيقية فظن البعض انه يمكن ممارسة «الغش» على وفد صندوق النقد الدولي الذي يزور لبنان في 19 الجاري يشكو عشية الزيارة من «بطء» تنفيذ الإصلاحات الضرورية لإنهاء الأزمة.
و لا تتوقف الازمات عند هذا الحد، فعلى وقع دخول البلاد في «العتمة الشاملة»، وتفاقم ازمة المحروقات مع تهديد المحطات بالاقفال، سجل الدولار، رقما قياسيا جديدا في السوق السوداء حيث تخطّى عتبة الـ 38000 ليرة لبنانية، وهو امر لم يكن مفاجئا بعد رفع الدعم عن المحروقات، وانخفاض حجم التداول على منصة صيرفة، ومغادرة السياح والمغتربين، وكذلك المضاربة على العملة لقاء أغراض سياسية في ظل «لعبة عض الاصابع» الحكومية التي ختمها امس رئيس الحكومة المكلف من بعبدا، بوعد «ساخر» تحدث فيه عن بقاءه في القصر الجمهوري حتى تاليف حكومة، بعد العودة من السفر… وذلك لان لا شيء يدعو للاستعجال!
«الامتار» الاخيرة في «الترسيم»
في هذا الوقت، دخل ملف «الترسيم» امتاره الاخيرة في ظل محاولة الجانب الاميركي- الاسرائيلي نقل الضغط الى الجانب اللبناني عبر «ادعاء» استعجال التوصل الى اتفاق قبل نهاية شهر ايلول، وسط الحاح للحصول على الاجوبة اللبنانية حول الخط الازرق البحري بينما يريد لبنان في المقابل ضمانات بعدم تأثير ذلك مستقبلا على «الترسيم» في البر. ووفقا للمعلومات يفترض ان تتبلور كل هذه الامور الاسبوع المقبل على ابعد تقدير حيث يفترض عودة هوكشتاين الى المنطقة نهاية الجاري او مطلع تشرين الاول، اذا كانت الامور قد وصلت الى خواتيمها السعيدة، حيث تنحصر التسوية الان باقرار متبادل حول حقلي «قانا» وكاريش» ضمن الخط 23 المتعرج، وفيما تسعى اسرائيل لحفظ «ماء وجهها» من خلال ادعاء الحصول على ضمانات لخطها البحري واخراج حزب الله من معادلة التهديد، فان بعض السياسيين اللبنانيين يعيشون في «زمن آخر» وسط عملية تشكيك جديدة مصدرها بعبدا بنوايا «عين التينة» «المشبوهة»، حسب تعبير زوار «القصر».
عون يتهم بري؟
وفي هذا السياق، نقل زوار رئيس الجمهورية ميشال عون كلاما تشكيكيا في نوايا البعض من مسألة الترسيم، لافتا الى انه يخشى وجود اطراف لبنانية تعمل على «المراوغة» مع الاميركيين في سعي واضح منها لحرمانه من اي «انتصار» يمكن ان يحققه قبل نهاية عهده. ووفقا لتلك الاوساط، يشعر الرئيس عون بان رئيس مجلس النواب نبيه بري يلاحقه حتى آخر دقيقة من ولايته تحت «شعار» «الله لا يخليني اذا رح خلي يشتغل».. وهو في هذا السياق، يستغرب عون طرح بري امام هوكشتاين العودة الى التفاوض غير المباشر في الناقورة. وهو يرى في ذلك مجرد تضييع للوقت الى حين انتهاء العهد. وهو يقول» الاتفاق كان ان العودة للناقورة فقط للتوقيع على الاتفاق وليس اعادة التفاوض لكن للأسف يبدو ان هوكشتاين ومن ورائه الرئيس بايدن احرص من بعض اللبنانيين على الانتهاء من هذا الملف قبل تنفيذ اسرائيل تهديداتها بالبدء باستخراج الغاز من منصة كاريش مطلع الشهر المقبل». وفي هذا السياق، علم ان الاميركيين ابلغوا الجانب اللبناني رفضهم الفكرة وتمسكوا بضرورة استمرار التفاوض وفق الآلية الحالية.
لبنان يريد ضمانات برية؟
وفي هذا السياق، تشير اوساط مطلعة الى ان الجانب اللبناني يريد ضمانات اميركية بان لا يؤثر «الخط الازرق» البحري على ترسيم الحدود البرية فيما بعد. فبعد ان انتهى الجيش اللبناني من وضع ملاحظاته على الاحداثيات التي سلمها «الوسيط» الاميركي الى المسؤولين اللبنانيين تبين ان خط «مسار العوامات» الاسرائيلية التي لا يقربها لبنان اصلا يمتد من النقطة 31 ويمتد نحو 6 كيلومترات في البحر ثم ينحني جنوباً ليتطابق مع الخط 23. ويقتطع الخط نحو أربعة كيلومترات مربعة من مساحة الخط 23 أقرب ما تكون إلى «منطقة امنية اسرائيلية عازلة»، بذريعة توفير شروط أمنية. لكن ما لفت اليه التقرير العسكري وجود «شبهة» واضحة لجهة اخراج بعض النقاط الاساسية من السيادة اللبنانية «كنفق الناقورة» وهو امر قد يؤثر لاحقا على ترسيم الحدود البرية. ولهذا سيطالب لبنان هوكشتاين باقرار اسرائيلي بعدم المس باي نقاط قد تؤدي الى خسائر لبنانية في البر،وهو امر دقيق ولا يمكن السماح للاسرائيليين بالتلاعب به.
«الصندوق» والتقدم البطيء
وفيما بدأت جلسات»المهزلة» لاقرار موازنة العام 2022بعد 9 اشهر تاخير! يزور فريق خبراء صندوق النقد الدولي لبنان في 19 الجاري لمناقشة أسباب التأخير في تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها والمطلوبة للحصول على قرض من الصندوق، في ظل تدهور الأوضاع المعيشية في البلاد، وذلك بحسب المتحدث باسم «الصندوق» جيري رايسط الذي اكد التطلع إلى دعم لبنان بأقصى قوة ممكنة ، واصف الوضع بإنه وضع صعب. واضاف» كان هناك تقدم بطيء في تنفيذ بعض الإجراءات الضرورية التي نعتقد أنها لازمة للمضي قدما في برنامج القرض».
الموازنة «اللقيطة»؟
في هذ الوقت، بدأ مجلس النواب، مناقشة مشروع الموازنة العامة لعام 2022، وذلك بالتزامن مع اعتصامات في ساحة النجمة دعا إليها متقاعدو القوى المسلّحة والمودعون وروابط وجمعيات واتحادات رفضاً للمشروع «اللقيط» الذي لا يتبناه احد من القوى السياسية حتى المشاركة في الحكومة، واذا كان مفهوما تعرضها لانتقادات حادة من «المعارضة» فان الكلام الذي ساقه نواب السلطة الممثلين في مجلس الوزراء، يفضح حجم النفاق السياسي القائم في البلاد. وللدلالة على انعدام المسؤولية والجدية من قبل الحكومة في انجاز موازنة قادرة على تقديم حلول جدية لوقف الانهيار، كشف رئيس لجنة المال والموازنة، النائب ابراهيم كنعان، عيوب الموازنة بعد توزيعه تقرير اللجنةعلى النواب في بداية الجلسة، ورأى أنّ «الرؤية الاقتصادية والاجتماعية تغيب عن الموازنة في ضوء ارتفاع معدّل البطالة، وانخفاض نسبة النمو، وتدنّي نسبة الاعتمادات المخصّصة للنفقات الاستثمارية». ولفت إلى أنّها «تفتقر إلى الشمول المكرّس دستورياً وقانونياً فلا القروض أُدخلت في الموازنة، ولا نفقات الهيئات والمؤسسات والمجالس التي تعمل لصالح الدولة أدخلت أيضاً إذ اقتصر ورودها في مشروع الموازنة على شكل مساهمة أدرجت في فصل مستقل.
الواردات غير واقعية
وأشار إلى أنّ الواردات المقدّرة بأكثر من 39 ألف مليار ليرة لبنانية غير واقعية في ضوء حالة الانكماش التي يعاني الاقتصاد اللبناني منها منذ عدة سنوات. كما رأى أنّ «السيناريوهات المعدّة من وزارة المال لأسعار الصرف ما بين 12 و16 و20 ألفاً لن تؤمّن الواردات المطلوبة ما يفقد الموازنة التوازن لأن الواردات لا تكفي حتى لتغطية الرواتب والأجور والمساهمات المخصصة للرواتب والأجور والمنافع الاجتماعية وخدمة الدين.واعتبر أنّ «لجنة المال والموازنة، وانطلاقاً من مبدأ الاختيار ما بين السيىء والأسوأ، قد قررت نقل الواقع إلى الهيئة العامة، أي عدم البت بمشروع الموازنة لجهة النفقات والواردات وبعض مواد مشروع القانون ورفعه إلى الهيئة، لأن الأسوأ، أي عدم رفع المشروع إلى الهيئة وإتاحة المجال لها لاتخاذ القرار المناسب، كان سيؤدي إلى استمرار الإنفاق على أساس القاعدة الإثنتي عشرية..
الانتخابات الرئاسية؟
وفيما تغيب الاتصالات الجدية حول الاستحقاق الرئاسي،وينتظر الجميع «كلمة السر» من مكان ما، أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري، أنّه سيدعو إلى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية عندما يجد شيئاً من التوافق لا الإجماع. كلام بري جاء خلال ردّه على سؤال للنّائبة بولا يعقوبيان خلال جلسة مناقشة موازنة عام 2022 حول تحديد موعد جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية. وقال إنّ «هذه صلاحيتي وأنا أقدّر عندما يكون شيء من التوافق سوف أدعو إلى جلسة»، مضيفاً أنّ «المغامرة أن ندخل إلى المجلس وألا يكون هناك توافق، ويكون هناك تفرّق. وشدّد على أنّ «التروّي مطلوب في هذا الموضوع وعندما أجد شيئاً من التوافق لا الإجماع».
ماذا يريد حزب الله؟
في هذا الوقت، تحدثت مصادر مطلعة عن اندفاعة من قبل رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة، دون ان يكون هناك مخرج جاهز حتى الان، وبحسب المعلومات التقى ميقاتي رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد على هامش جلسة الموازنة وابدى انفتاحا على تشكيل الحكومة سريعا، وابدى استعداده لذلك حتى قبل سفره. لكن لم يكن حاسما في موافقته على زيادة ستة وزراء سياسيين يطالب بهم الرئيس عون. وعلم في هذا السياق بان حزب الله دخل بقوة على «الخط» ويحاول تقريب وجهات النظر لايجاد تسوية في هذا الشأن لانه لا يريد دخول البلد في ازمة مفتوحة. وفي هذا السياق، قال نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، إن «الفرصة لم تفت لتأليف الحكومة ويمكن الإستفادة من الحكومة الحالية كمنطلق لتأليف الحكومة الجديدة، خاصةً أنَّ القوى المشاركة في هذه الحكومة هي نفس القوى التي ستؤلف الحكومة القادمة خلال هذا العهد، وبالتالي ما الذي تغيّر؟
ميقاتي «يناور»!
وكان الرئيس المكلف عرض موضوع تشكيل الحكومة والتطورات المتلاحقة في هذا الشأن والاتصالات الجارية للاسراع في عملية التأليف، مع الرئيس ميشال عون قبل سفره الى لندن ونيويورك، وتوجه الرئيس ميقاتي الى الصحافيين مبتسماً وهو يغادر القصر الجمهوري قائلا: «هالمرة قعدنا نص ساعة، مشوار الجايي رح اجي وضلني قاعد حتى تشكيل الحكومة، وما رح روح، رح نام هون». ولما سئل عن الموعد المقبل، اجاب: «بعد عودتي من السفر». ووفقا لاوساط مطلعة، لم يقدم ميقاتي اي جديد والبحث في الملف الحكومي لم يحمل جديدا، وتركز اللقاء على بحث آخر مستجدات الترسيم، وتمثيل ميقاتي لبنان في مراسم دفن الملكة اليزابيت، وفي الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك. وقالت « لا يحتاج الامر الى النوم في بعبدا» بل مجرد موافقة على اجراء تعديل سياسي على الحكومة الحالية، وهو ما يرفضه ميقاتي الذي لا يزال «يناور» حكوميا، برايها، ويراهن على ضغط الوقت لاجبار عون على تقديم التنازلات..
ازمة المحروقات؟
وفي وقت سجل ارتفاع اضافي في اسعار المحروقات وتحليق للدولار متجاوزا الـ38 الفا، تطل ازمة المحروقات من جديد من «بوابة» الخلاف مع المديرية العامة للنفط حول جدول تركيب الأسعار، وأشار أمين سر نقابة اصحاب محطات المحروقات حسن جعفر إلى أن «أصحاب المحطات ينامون يومياً على أمل اصدار حول جدول تركيب الأسعار عادل ومنصف لكن، نستيقظ للأسف على جدول جديد وخيبة أمل جديدة ووعود ضاعت في الهواء كأنها لم تكن». وأضاف «بعد مراجعة المديرية العامة للنفط لاستيضاحها حول هذا الجدول جاء ردها وبكل استهتار وعدم تحمل مسؤولية «بدكن تسكروا سكروا» وتوجه جعفر الى المديرية العامة للنفط، قائلاً «يا جانب المديرية العامة «تكرموا رح نسكر»، سائلاً «بأي عقل ومنطق يحدد سعر صرف الدولار في جدول تركيب الأسعار اليوم (امس)على اساس 37500 ليرة، علما ان سعر صرف الدولار في السوق السوداء اليوم افتتح على 38300 ليرة. هذا عدا عن المعاناة لشراء الدولار الذي اصبح عملة نادرة.!
اهلا «بالعتمة الشاملة»
في هذا الوقت، وفيما تغيب الحلول الجزئية او المستدامة كهربائيا، وفي غياب الاجوبة او التحركات من قبل المسؤولين لايجاد مخارج لنقص الفيول، حيث من غير المعروف بعد لماذا تاخذ تشكيل لجنة تقنية للذهاب الى ايران كل هذا الوقت؟ او مصير الفيول العراقي، خرجت معامل إنتاج الكهرباء في لبنان عن الشبكة، وأصبحت كما كان متوقعا، خارج الخدمة. وقد تم ايقاف معامل الإنتاج بفعل الشكاوى التي رُفعت بفعل الدخان الاسود الذي تصاعد من المعامل بعد استخدام فيول ذات مواصفات «رديئة»، والتهديدات التي تعرّض لها عمال وموظفو معمل «كهرباء لبنان» في الجية. واذا ما اعيد التفاهم على استخدام هذا الفيول لدى مؤسسة كهرباء لبنان شهر واحد للتشغيل!