لا تزال كلّ المعطيات السياسية تستبعد أي ولادة للحكومة العتيدة قبل حلول 31 تشرين الأول، وكذلك أي انطلاقة عملية للإستحقاق الرئاسي خلال الشهر الجاري، وإن كانت المواقف الصادرة عن القوى السياسية الناشطة على خطّ الوساطة بين قصر بعبدا والسراي الحكومي، تخالف هذه المعطيات، والتي تؤكدها مصادر نيابية على تماس مع الملف الحكومي، حيث تكشف أن الأولويات المتصلة بالحكومة كما بالإنتخابات الرئاسية، لم تدخل بعد في دائرة الإهتمام من قبل المرجعيات، في ضوء قناعة بات ثابتة على الساحة المحلية، بأن التعقيدات في الملف النووي الإيراني والخلاف الأميركي- «الإسرائيلي» حول المفاوضات الجارية والتي وصلت إلى مرحلة متقدمة، ستترك ارتدادات على مجمل الأجندة اللبنانية بكل عناوينها وملفاتها، وكذلك استحقاقاتها الدستورية .
ووفق هذه المصادر النيابية، فإن كلّ ما بات يسجل من حراك واصطفاف وسجال وصولاً إلى التراشق «الطائفي»، يعكس غياباً لأية طروحات أو مبادرات تلتقط اللحظة الداخلية الدقيقة وتستفيد من المحطات الدستورية من أجل تعزيز فرص إنقاذ البلاد من الإنهيار المتسارع والذي تزداد وتيرته بشكلٍ يومي وتظهر من خلال تحليق سعر الدولار في السوق السوداء والمحروقات من جهة والضياع في مواجهة هذه الإنهيارات من جهةٍ أخرى.
وانطلاقاً من هذه القراءة، فإنّ المصادر نفسها تبدي قلقها من احتمال الوصول إلى نهاية عهد الرئيس ميشال عون من دون أن تكون الحكومة قد تشكّلت أو تمّ تعديلها وفق ما كان مطروحاً، في موازاة انعدام التوافق على مقاربة الإستحقاق الرئاسي من قبل الكتل النيابية وبالتالي عجز أي فريق سياسي عن إيصال مرشحه إلى قصر بعبدا من خلال تأمين الأصوات النيابية المطلوبة له للفوز.
وبالتالي، يقود هذا الواقع الخطير إلى أكثر من احتمال في المرحلة المقبلة، في ظلّ الإنسداد السياسي والشغور على كل المستويات ، والذي يدفع، كما توضح المصادر النيابية، نحو تفاقم الأزمة السياسية وتحوّلها إلى أزمة حكم، بالتوازي مع استمرار التعطيل والشلل في المؤسسات الرسمية والقطاعات العامة بالتوازي مع التدهور المستمر على المستوى المعيشي والنقدي والاقتصادي والحياتي، حيث يدفع المواطنون أثماناً باهظة لهذه الأزمات، والتي لا تعدو كونها مجرد عملية تقطيع للوقت، وتعبئة الفراغ على كل المستويات، ومن دون الإنتباه إلى خطورة التدحرج نحو الهاوية التي سقط فيها الدولة، بسبب غياب المعالجات المطلوبة وترقب التعقيدات الإقليمية قبل اتخاذ أية خطوات حتى على مستوى الخدمات المعيشية البسيطة كتأمين الإتصالات والمحروقات والمعاملات اليومية للمواطنين.
ومن هنا، ترى المصادر، أن الكباش الحكومي يتجه إلى التفاقم ولن يكون من السهل التوصل إلى توافق حول صيغة حكومية تتولى إدارة فترة الفراغ الرئاسي، بسبب الخلاف حول الحصص، وبالتالي، فإن الواقع الداخالي يبدو وكأنه متروكاً نتيجة محدودية الخطوات والمعالجات وليس إضراب موظفي «أوجيرو» سوى المؤشر على خطورة ما قد ينتظر الساحة المحلية في حال استمر الشلل في الإتصالات وووصل الوضع إلى حدود عزل لبنان عن الخارج وقطع التواصل الداخلي مع مل يعنيه ذلك من انعكاسات كارثية على الإقتصاد وأعمال اللبنانيين في كل القطاعات والمجالات.
المصدر:”الديار – هيام عيد”
**