كتبت صحيفة ” الجمهورية ” تقول : يدخل لبنان اليوم أسبوعاً جديداً يُتوقع أن يكون حاسماً في ملفات عدة، ولا سيما منها ملف تأليف الحكومة الجديدة الذي يُنتظر بتّه بالتوافق بين المعنيين، على اسمي وزيري الاقتصاد والمهجرين، المقرّر تغييرهما حسبما شاع الاسبوع الماضي، إلى بت بعض التفاصيل الأخرى المتصلة بالتشكيلة الوزارية عموماً، وملف ترسيم الحدود البحرية الذي تضيق المهلة المحدّدة لبتّه نهاية الشهر الجاري، وهو ينتظر عودة الوسيط الاميركي عاموس هوكشتاين إلى لبنان حاملاً الجواب الاسرائيلي النهائي لكي يُبنى على الشيء مقتضاه. وبين هذين الملفين طوي ملف زيادة سعر الدولار الجمركي، ما جنّب البلاد والعباد موجة جديدة من الغلاء ومزيداً من الانهيار في قيمة العملة الوطنية.
علمت “الجمهورية”، انّ رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي صرف النظر عن موضوع زيادة سعر الدولار الجمركي من 1500 ليرة الى 20 الفاً، أولاً بعدما تبين انّه ستكون لهذه الزيادة، إذا لم تُدرس جيداً، مضاعفات سلبية كبيرة على الاوضاع المعيشية الصعبة جداً التي يعيشها اللبنانيون، لما ستسبب به من ارتفاع في الاسعار في ظلّ تدهور سعر العملة الوطنية امام الدولار الاميركي، وثانياً لأنّ زيادة سعر الدولار الجمركي تحتاج إلى استصدار قانون في المجلس النيابي، وذلك حسبما أبلغ مجلس شورى الدولة إلى المسؤولين المعنيين الذين استطلعوا رأيه في هذا الإجراء، وفي ضوء ذلك لم يُصدر وزير المال يوسف خليل أي قرار بعد الكتاب الذي ارسله رئيس الحكومة اليه.
على انّ الخلاف حول رفع الدولار الجمركي ما زال يلقي بظلاله على الاوساط السياسية والاقتصادية، وسط تعارض في المقاربات لهذا الملف.
وضمن سياق متصل، يلتقي ميقاتي اليوم وفداً من الهيئات الاقتصادية التي يبدو أنّ موقفها هو أيضاً غير موحّد، نتيجة التباين داخل صفوفها بين من يؤيّد رفع الدولار الجمركي إلى 20 الف ليرة وبين من يعارض ذلك.
وفيما تنبّه قوى سياسية وجهات اقتصادية إلى محاذير زيادة سعر الدولار الجمركي دفعة واحدة من 1500 ليرة الى 20 ألفاً، لما سيرتبه ذلك من تداعيات سلبية على المواطنين والاقتصاد، أبلغت مصادر اقتصادية إلى “الجمهورية”، انّ الهروب من زيادة سعر الدولار الجمركي إلى 20 الفاً هو الذي ستكون له انعكاسات وخيمة. محذّرة من انّ الدولة لا تستطيع أن تستمر على هذا النحو، وهي ستنكسر بكاملها ما لم يتمّ اتخاذ هذا القرار، وربما تتوقف عن دفع الرواتب لجميع العاملين والموظفين في القطاع العام خلال أشهر قليلة. وشدّدت هذه المصادر على أنّ رفع الدولار الجمركي هو ممر إلزامي للوصول إلى زيادة الواردات وتأمين تصحيح نسبي للرواتب ولو بالحدّ الأدنى.
واعتبرت انّ المطلوب التعاطي بمسؤولية وطنية مع مسألة الدولار الجمركي وليس على أساس مصلحة هذا القطاع الاقتصادي او هذه الجهة السياسية. واشارت المصادر إلى أنّ في إمكان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان يبادر هو إلى اتخاذ القرار في شأن تعديل قيمة الدولار الجمركي، على أساس المادة 35 من قانون الجمارك التي تعطيه الحق في ذلك.
عون وميقاتي
وعلى الجبهة الحكومية، أُعيد في الأيام الأخيرة وضع ملف تأليف الحكومة على نار حامية، في محاولة لإصدار مراسيم التأليف في الأيام المتبقية من الشهر الجاري، وذلك قبل دخول البلاد في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية.
وفي هذه الأجواء، تجدّد الحديث عن لقاء قريب بين الرئيسين عون وميقاتي من اجل استكمال البحث في هذا الملف. وعلمت “الجمهورية” من مصادر بارزة معنية، انّ هذا اللقاء سيُعقد خلال هذا الاسبوع للاتفاق على اسمي وزيري الاقتصاد والمهجرين الجديدين.
والتقت مصادر القصر الجمهوري والسراي الحكومي على التأكيد لـ “الجمهورية”، انّ هذا اللقاء بين الرجلين لن يكون مستغرباً في ظل المساعي الجارية لتشكيل الحكومة في وقت قريب.
ولفتت إلى انّ الديبلوماسية الفرنسية على الخط، وانّ هناك اقتراحاً بالبت بالتعديل الحكومي على اكثر من مستوى. فإلى الطرح القائل باستبدال وزيري المهجرين والاقتصاد، هناك مشروع آخر ما زال مطروحاً بتوسيع دائرة الاقتراحات لضمّ 6 وزراء جدد إلى الحكومة، بغية تعزيز التركيبة السياسية فيها لضمان تمثيل سياسي مباشر للقوى ايّاها. فليس هناك في الاقتراح المتداول به اي اشارة إلى توسيع التمثيل الحزبي ليشمل قوى سياسية وحزبية من الغائبين عن التشكيلة الحكومية منذ تشكيلها في أيلول 2021.
ردّ على الحملة
من جهة ثانية، وفي ضوء الحملة التي يتعرض لها رئيس الحكومة وعائلته على خلفية ما يتخذه من مواقف واجراءات في نطاق عمله وصلاحياته الحكومية، قرّر اتخاذ “إجراءات قانونية ضدّ محرّضين وضالعين في حملة مبرمجة عليه وعلى عائلته“.
وقال المكتب الاعلامي لميقاتي في بيان امس: “تُسجّل، منذ أيام، حملة مبرمجة تستهدف دولة الرئيس نجيب ميقاتي وعائلته، تتمثل بإطلاق شائعات وأكاذيب على خلفية موضوع الدولار الجمركي وتشكيل الحكومة الجديدة. إنّ دولة الرئيس ميقاتي وعائلته كلّفوا مكتباً للمحاماة اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المحرّضين والضالعين في هذه الحملة، وهم “مجهولون معروفون”. فاقتضى التوضيح“.
.. وردٌ على باسيل
وليلاً، أصدر المكتب بياناً حمّل فيه رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل مسؤولية تعطيل تأليف الحكومة، وقال: “يبدو أنّ صيف اليونان أضرّ برئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، فحاول التنصل من مسؤوليته المباشرة عن تعطيل تشكيل الحكومة، وفق ما اوردت “قناة الجديد” في نشرتها (مساء أمس)، بتوجيه سهامه عمداً إلى دولة الرئيس نجيب ميقاتي”. واوضح “انّ دولة الرئيس يستخدم الاسلوب المباشر والواضح في الكشف عن اي معلومة او موقف يريد اعلانه، وانّ تعطيل الحكومة يتحمّل مسؤوليته باسيل مباشرة، وكل اتهامات باطلة لن تفيده في شيء. فاقتضى التوضيح“.
ونفى المكتب الاعلامي لباسيل في بيان ما سمّاه “التلفيقات والأكاذيب المعروفة المصدر التي اوردتها قناة “الجديد” في مقدمة اخبارها المسائية حول موضوع تأليف الحكومة”، وأكّد “انّ هذه الفبركات الاعلامية لن تفيد صاحبها رئيس الحكومة المكلّف، ولا تعفيه من مسؤوليته الكاملة عن عدم التأليف، مع العلم انّ موقفه غير المبالي بالتأليف سيتغيّر فور تغّير موقف داعميه وموجّهيه“.
تعقيب على تعقيب
وردّ مكتب ميقاتي على باسيل بالآتي:
“تعقيباً على تعقيب النائب جبران باسيل، ينبغي الايضاح والتأكيد انّ على باسيل ان يفهم انّ الحكومة لن تُؤلّف الّا وفق الاصول الدستورية وبالتعاون بين فخامة رئيس الجمهورية ودولة الرئيس المكلّف حصراً. وابتداء من هذه اللحظة فليساجل باسيل نفسه في المرآة. وانتهى الكلام“.
الترسيم البحري
على صعيد ترسيم الحدود البحرية، وفيما تفاعل قول الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله امس الاول من انّ الوقت قد ضاق امام هوكشتاين، وعلى وقع تسجيل استنفارات متبادلة على جانبي الحدود الجنوبية بين “حزب الله” واسرائيل، لم يتبلّغ لبنان بعد من الوسيط الاميركي اي ردّ اسرائيلي لا شفوياً ولا خطياً، كما لم يتبلّغ منه موعد عودته الى بيروت، وسط استمرار التوقعات في أن يزورها قبل نهاية الشهر الجاري.
وبثت القناة الرابعة الإسرائيلية إنّ إسرائيل قدّمت من خلال الوسطاء عرضاً جديداً للبنان لحل أزمة ترسيم الحدود البحرية. وذكرت أنّ إسرائيل أكّدت للوسطاء أنّها “لن تتنازل في مسألة منصة كاريش”، التي بدأت تشغيلها في الآونة الأخيرة لاستخراج النفط والغاز، وسط نزاع مع لبنان.
وإلى ذلك تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية أمس عن وجود “استنفار إسرائيلي مرتفع في الشمال”. وأضافت: “سيستمر كذلك في الأيام القريبة”. وأشارت الى أنّ سبب الاستنفار هو الخشية من محاولة “حزب الله” تنفيذ “عمل عدواني”، حسب تعبيرها، قبيل توقيع اتفاق على الحدود البحرية.
في غضون ذلك، نشرت هيئة البث الإسرائيلية مقاطع فيديو قالت إنّها لعناصر من “حزب الله” وهم يصبّون عدداً من الحاويات على الحدود اللبنانية في منطقة قالت إنّها “محظورة” على مدى الشهرين الماضيين. وذكرت الهيئة أنّ تلك المشاهد تظهر عناصر من “حزب الله” “وهم يهدّدون الجنود الإسرائيليين المتمركزين على الحدود الشمالية”، كما أظهرت الصور مسيرة لعدد من المركبات ترفع أعلام الحزب. وقالت الهيئة “إنّ عناصر من الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان “اليونيفيل” كانت موجودة قرب الموقع