أدى ارتفاع درجات الحرارة في أوروبا، خصوصا في جنوبها وغربها، إلى انتشار الحرائق الهائلة في جنوب أوروبا، بينما سجلت بريطانيا أعلى درجة حرارة على الإطلاق أمس.ويقول العلماء إن الموجة الحارة الأخيرة تتماشى مع تغير المناخ وارتفعت فيها درجات الحرارة إلى ما يزيد على 40 درجة مئوية في بعض المناطق مع اندلاع حرائق غابات في مناطق ريفية جافة بالبرتغال وإسبانيا وفرنسا.
في بريطانيا، قالت هيئة الأرصاد الجوية إن البلاد سجلت أمس درجة حرارة تجاوزت 40 درجة مئوية لأول مرة على الإطلاق.
وأعلنت بريطانيا، التي يمكن أن تواجه صعوبات في الحفاظ على خدمات النقل الرئيسية في الطقس غير المتوقع مثل تساقط الثلوج بكثافة أو الرياح الشديدة، حالة “طوارئ وطنية” بسبب ارتفاع درجات الحرارة بشكل لم يسبق له مثيل، وفقا لرويترز.
وقال وزير النقل غرانت شابس إن الأمر سيستغرق عدة سنوات قبل أن تتمكن بريطانيا من تحديث بنيتها التحتية بالكامل للتعامل مع درجات الحرارة المرتفعة، بعد أن ظهرت علامات الأضرار على مدرجين على الأقل والتواء بعض قضبان القطارات.
وقال في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي”: “نرى قدرا كبيرا من الاضطرابات في السفر. البنية التحتية، التي يعود الكثير منها إلى العصر الفيكتوري، لم تكن مبنية لتحمل هذا النوع من درجات الحرارة”.
واندلعت العشرات من الحرائق في مناطق مختلفة من إنكلترا وويلز، جراء درجات الحرارة القياسية، فيما تفيد تقارير حول الطقس أن درجات الحرارة قد تنخفض بصورة طفيفة اليوم.
وأعلنت السلطات البريطانية، مساء الثلاثاء، حالة الاستنفار القصوى، في العاصمة لندن، لمواجهة الحرائق، بينما سجلت البلاد أقصى درجة حرارة في تاريخها، وسط مخاوف من تفاقم أزمة المناخ في العالم.
ووصف عمدة مدينة لندن، صديق خان، الوضع الناجم عن الحرائق بـ”الحرج”، داعيا الناس ليبقوا آمنين، لافتا إلى أن عناصر الإطفاء يعملون تحت ضغط كبير.
وبحسب شبكة “سكاي نيوز” البريطانية، فإن المئات من عناصر الإطفاء تحركوا من أجل السيطرة على عشرة حرائق على الأقل حول لندن.
وفي فرنسا، يكافح رجال الإطفاء لاحتواء حرائق غابات هائلة في جنوب غربي البلاد، وسط تقارير عن احتمال تسجيل درجات حرارة قياسية في جنوب وغرب ألمانيا وبلجيكا أيضا مع توجه الموجة الحارة، التي يعزوها العلماء إلى تغير المناخ.
وتنتشر الحرائق على مساحة 19300 هكتار في المناطق الريفية المحيطة ببوردو منذ 12 تموز مما أجبر 34 ألف نسمة على إخلاء منازلهم.
ويكافح الحرائق زهاء 2000 رجل إطفاء مدعومين بثماني طائرات قاذفة للماء.
وقالت سلطات المنطقة في بيان انه “على الرغم من المكافحة برا وجوا، لم يستقر الوضع بعد”، مضيفة أنه لم ترد تقارير عن سقوط قتلى أو جرحى.
وفي إسبانيا، تسببت موجة حارة استمرت أكثر من أسبوع، في أكثر من 510 حالات وفاة مرتبطة بالحرارة، حسب تقديرات معهد كارلوس الثالث الصحي.
واحترق أكثر من 173 ألف فدان في إسبانيا حتى الاثنين هذا العام، وهو أسوأ عام خلال 10 سنوات بحسب البيانات الرسمية.
وفي الشهر الماضي، دمر حريق هائل في سييرا دي لا كوليبرا وقشتالة وليون نحو 30 ألف هكتار من الأرض.
وفي البرتغال، انخفضت درجات الحرارة في مطلع الأسبوع لكن المعهد البرتغالي للأرصاد الجوية يقول إن خطر حرائق الغابات ما زال مرتفعا للغاية في معظم أنحاء البلاد.
وقالت السلطات إن أكثر من ألف من رجال الإطفاء، تدعمهم 285 مركبة و14 طائرة، يكافحون 9 حرائق غابات مستمرة لا سيما في المناطق الشمالية من البلاد.
وفي إيطاليا التي شهدت حرائق أصغر في الأيام الأخيرة يتوقع خبراء الأرصاد أن تتجاوز درجات الحرارة 40 درجة مئوية في عدة مناطق في الأيام المقبلة.
كما عانت سويسرا من آثار الموجة الحارة. وأعلنت شركة أكسبو، التي تدير محطة بيزناو النووية اليوم الاثنين إنها اضطرت إلى خفض الإنتاج حتى لا تتسبب في ارتفاع درجة حرارة نهر آر الذي تستمد منه مياه التبريد.
وخلصت دراسة نشرها علماء المناخ في عدد حزيران بدورية “انفايرونمنتال ريسيرتش: كلايمت” إلى أنه من المحتمل جدا أن يكون تغير المناخ قد زاد الموجات الحارة سوءا.
وأفاد تقرير أصدرته الأمم المتحدة في شباط 2022 أنه مع تغير المناخ الذي يسببه الإنسان والذي يؤدي إلى الجفاف، من المتوقع أن يزداد عدد حرائق الغابات الشديدة بنسبة 30% في غضون 28 عاما.
**