1. لا جدوى من أي اقتراح أو تعديل دستوري اذا كان الدستور أساسًا معلّقًا وغير مطبّق ومُخترق يوميًا. تُشكل بالتالي الطروحات والمداولات والسجالات حول المنظومة الدستورية اللبنانية طمسًا لمعضلة الدولة في لبنان التي تتلخص في مسألتين:
آ. وجوب تمتع الدولة اللبنانية بالمواصفات الأربعة المسماة ملكية وهي:
احتكار القوّة المنظمة،
احتكار العلاقات الدبلوماسية،
فرض وجباية الضرائب،
إدارة السياسات العامة.
ب. الدستور اللبناني، في نصّه وروحيته، مُعلّق وغير مُطبّق ومُخترق يوميًا، بخاصة من خلال تأليف حكومات برلمانات مصغّرة، مما يخرق مبدأ الفصل بين السلطات. الحكومة موصوفة قصدًا في الدستور اللبناني “بالاجرائية”. والحكومات في لبنان تُمثل “الطوائف”، كما هو وارد في المادة 95، وليس قوى سياسية ولا “أحجام”…! وليس للحكومات عالميًا صفة تمثيلية بالمعنى الانتخابي.
2. يتوجب في مُجمل ما يتعلق بالطوائف الانطلاق من تشكيل الهيئة الوطنية لوضع خطة مرحلية في تخطي “الطائفية” (المادة 95 من الدستور). اما معالجة الموضوع “بالقطعة” فهو اختزال واجتزاء للطابع الشمولي والمتعدد الجوانب حول تطوير النظام الدستوري اللبناني.
3. توجب وثيقة الوفاق الوطني-الطائف التمييز في بنودها بين اثنين:
– الثوابت الدستورية التي وردت في معظمها في مقدمة الدستور اللبناني.
– الشؤون التنظيمية: قانون الانتخاب، اللامركزية، مجلس الشيوخ… التي يتوجب العمل بها استنادًا الى ظروف المكان والزمان والتحوّلات، كما “مقاصد الشريعة” وليس حرفية الشريعة.
4. مجلس الشيوخ هو التجسيد للقمم الروحية المشتركة في لبنان والتي لها دور بارز في كل تاريخ لبنان، بخاصة خلال 1975-1990، في ترسيخ الوحدة الوطنية وحماية السلم الأهلي.
5. من أبرز مخاطر معالجة تخطي الطائفية “بالقطعة” وخارج الهيئة الوطنية الواردة في المادة 95 من الدستور اللبناني مزيد من تطييف النظام.
يتطلب تكوين وتنظيم مجلس الشيوخ مقاربة من منطلق طبيعة النظام الدستوري اللبناني والأنظمة البرلمانية التعددية، وبالتالي بدون اغتراب ثقافي aliénation culturelle وبدون مقاربة استنادًا الى مجالس الشيوخ في أميركا وفرنسا وبريطانيا وفي الدول ذات التنظيم الفدرالي الجغرافي.
6. اذا كان تعيين أعضاء مجلس الشيوخ من خلال انتخابات عامة، فهذا قمّة الانقلاب على مفهوم الثنائية البرلمانية بالمعنى اللبناني وإنما المطلوب ان يحمل كل ناخب الى انتخاب عضو من طائفته مما يؤدي إلى فرز واقعي في العائلة الواحدة استنادًا الى الانتماء المذهبي! انه تكريس لما سُمّي “مشروعًا أورثوذكسيًا” .
وهكذا يتم انتخاب أعضاء مجلس الشيوخ من قبل هيئة ناخبة مُصغّرة Collège électoral restreint على قاعدة الإنتماء الطوائفي، واستنادًا الى معايير يتوجب التقيّد بها بشكل دقيق وصارم، في الاختصاص والخبرة، لأن الموضوع يتطلب اختصاصًا وخبرة على نمط لجنة برنار ستازي Bernard Stasi حول العلمانية في فرنسا (2003) ولجنة بوشار-تايلور Bouchard-Taylor (2008) في كندا وليس على أساس قوى سياسية وأحزاب.
7. ان المادة 65 من الدستور التي تفرض أكثرية موصوفة majorité qualifiée في ما يتعلق بـ 14 قضية مُحددة حصرًا هي الضامنة اساسًا لحماية حقوق كل مكوّنات المجتمع اللبناني. تحول المادة 65 دون طغيان فئوي minority control ودون طغيان أقلية وطغيان أكثرية abus de majorité/ abus de minorité . تم التلاعب بهذه المادة في التطبيق وخرقها من خلال شعارات “الثلث” و”التعطيل و”طغيان فئوي…”
8. مجلس الشيوخ اللبناني غرفة ثانية Seconde Chambre، وهو هيئة تعكس صفة المشاركة في السلطة ولا تتمتع بصلاحيات تشريعية.
اذا كان لها صفة تشريعية فهذا يؤدي الى مزيد من تطييف كل القضايا بدون استثناء: سوف نطيّف الضرائب والتنظيم المدني، وأسعار السلع الاستهلاكية والإدارة…!
9. يتوجب أن يكون أعضاء مجلس الشيوخ متفرغين و يتقاضون تعويضات ثابتة ويجتمعون في سبيل التخطيط الدائم لمجتمع الدولة الضامنة للعيش المشترك والسيادة الوطنية والثقافة اللبنانية الجامعة وحماية الثوابت اللبنانية والدفاع عن لبنان “عربي الهوية والانتماء” ورسالته العربية والدولية.
10. ان ضمان الحريات الدينية والادارة الذاتية في ما يتعلق بالمادتين 9 و 10 من الدستور هو مُحقق بفضل المادة 19 من الدستور حيث يحق لرؤساء الطوائف الطعن بأي قانون متعلق حصرًا بهاتين المادتين. وهو محقق أيضًا بفضل المادة 65 في اشتراط أكثرية الثلثين في 14 قضية أساسية. لا يجوز بالتالي لمجلس الشيوخ أن يتضارب في صلاحياته مع المادتين 19 و 65 من الدستور.
11. من الأفضل أن تكون رئاسة مجلس الشيوخ للطائفة الدرزية واغلبية أعضاء مكتب مجلس الشيوخ من الطوائف الصغرى. كل الطوائف في لبنان أقليات ولكن لدى بعضها وهم أو إدراك أكثري او ممارسة طغيان فئوي.
**