كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: يُنتظر ان تحسم الاتصالات في الساعات المقبلة مصير الجلسة الاولى للمجلس النيابي الجديد المقرّرة غداً لانتخاب رئيسه ونائبه وهيئة مكتبه، والمحسوم فيها حتى الآن انّ الرئيس نبيه بري سيُعاد انتخابه لولاية جديدة بلا منازع، فيما تتركّز الاتصالات على حسم من سيتولّى منصب نائب الرئيس وأعضاء هيئة مكتب المجلس، وهي منطلقة في مختلف الاتجاهات والكتل النيابية. وتحدثت اوساط معنية، عن عملية خلط اوراق جارية في موضوع نائب الرئيس، لأنّ المعركة الانتخابية حوله ستفرز فعلياً الأحجام والكتل في المجلس الجديد. إذ انّ هناك مجموعة من الأسماء المطروحة، ولم يرسُ أي منها على برّ بعد.
كل ذلك يجري على وقع تفاقم الأزمة المعيشية، وتتركّز الانظار على ما سيكون عليه الوضع المالي والمعيشي اليوم، مع بدء مصرف لبنان تطبيق مضمون قرار المصرف ببيع الدولار لمن يرغب من اللبنانيين حسب سعر منصة صيرفة، والذي أدّى صدوره الى تراجع سعر الدولار بدءاً من بعد ظهر الجمعة الماضي اكثر من 10ة آلاف ليرة ليرسو على 27 الف ليرة تقريباً.
قالت مصادر سياسية مطلعة لـ«الجمهورية» نقلاً عن أوساط ديبلوماسية غربية، انّها تابعت باهتمام شديد وارتياح كبير إتمام الانتخابات النيابية في لبنان والنتيجة التي آلت إليها، وانّها تترقّب المسار الذي ستسلكه الأمور في محطتي انتخاب رئيس مجلس النواب ونائب الرئيس وهيئة مكتب المجلس، ومحطة التكليف والتأليف الحكوميين، وهي تحضّ جميع الأطراف على تسريع المسار الدستوري النيابي والحكومي، لأنّ الوضع المالي في لبنان لا يتحمّل التأجيل والتسويف والفراغ.
وكشفت هذه المصادر نقلاً عن الأوساط الديبلوماسية نفسها، انّ مصدر ارتياحها الى نتيجة الانتخابات مردّه إلى انّ ما أفرزته وضع حداً للاصطفاف الحاد الذي كان قائماً بين فريقين منقسمين لم تفلح كل المساعي الداخلية والخارجية في توحيدهما حول مساحة ومصلحة مشتركة، وانّ عدم انتزاع اي فريق للأكثرية النيابية مع وجود كتل مستقلة وشخصيات غير تابعة لأي فريق ومحور، يمنع اي فريق من ان يحكم منفرداً، ويجعل كل فريق في حاجة إلى التعاون مع قوى أخرى، ما يؤدي إلى كسر حلقة التقاتل التي كانت سائدة، ويؤشر إلى وجود فرصة في ظل التعددية التي طبعت المجلس النيابي الجديد».
وأضافت المصادر: «كلمة السرّ التي تردِّدها العواصم المهتمة بالشأن اللبناني أمام كل مسؤول وزائر لبناني هي الاستقرار وفقط الاستقرار، وانّ البند الوحيد على أجندتها حالياً هو استمرار الاستقرار في لبنان والدفع أكثر فأكثر في اتجاه تثبيته وترسيخه، وترى انّ هناك فرصة، من الخطيئة على المسؤولين تفويتها، خصوصاً بعد انتخابات حصلت بسلاسة وأجواء من الديموقراطية. وتشدِّد على ضرورة استكمال المسار الانتخابي بتشكيل حكومة بلا تأخير، لكي تواصل مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، وان يعدّ مجلس النواب العدّة لانتخاب رئيس للجمهورية بعيداً من كل منطق الفراغ والتفريغ.
وكشفت المصادر نفسها، انّه في حال سلكت الأمور في لبنان مسارها المؤسساتي الطبيعي، فسيبقى المجتمع الدولي في موقعه المراقب والمشجِّع على انتظام العمل المؤسساتي والدستوري. ولكن في حال دخل لبنان مجدداً في دوامة الخلافات والانقسامات والفراغ، فإنّ التدخُّل سيتحّول ضرورة وأمراً واقعاً، بسبب الحرص الدولي على الاستقرار وتلافي الفوضى، خصوصاً انّ الوضع اللبناني الانهياري لا يتحمّل مزيداً من الفراغ الحكومي والرئاسي لاحقاً، بل يستدعي التكليف السريع والتأليف الأسرع وانتخاب رئيس جديد للجمهورية في مطلع المهلة الدستورية للاستحقاق الرئاسي.
وختمت المصادر بالتأكيد «انّ لبنان ليس متروكاً لأمره وقدره، إنما العين الدولية ساهرة على أوضاعه أكثر من بعض المسؤولين فيه. ولن تسمح بإدخال لبنان في الفوضى التي سيكون لها تداعيات على مستوى المنطقة، فيما كل الساعة الإقليمية مجمّدة حالياً، ومن مصلحة اللبنانيين تجميد ساعتهم على وضع مستقر لا متفجّر، لأنّه في حال انفجرت أوضاعهم، لا سمح الله، فإنّ المجتمع الدولي المنشغل في أوضاعه وأزماته لن يتمكن من مساعدتهم».
اكتمال التحضيرات
وفي هذه الاجواء، تتجّه الأنظار الى جلسة الغد الاولى للمجلس النيابي الجديد، الذي دعاه رئيس السن الرئيس نبيه بري الى انتخاب رئيس للمجلس ونائبه وأميني السر والمفوضين. والى سلسلة التدابير الأمنية التي اتُخذت في ساحة النجمة ومحيطها، كما التدابير الإدارية منها، حيث قال مكتب الإعلام في مجلس النواب إنّه سيصار الى تنظيم جولة للاعلاميين بعد ظهر اليوم، للاطلاع على التحضيرات المنجزة. وبالإضافة الى غرفة الصحافة في مبنى المجلس، سيتمّ مؤقتاً وضع قاعة المكتبة العامة الملاصقة للباحة الخارجية لمبنى المجلس بتصرف الزملاء والزميلات، لإجراء مقابلات صحافية، وذلك افساحاً في المجال لكافة الوسائل الإعلامية بتغطية وقائع الجلسة.
خلف الكواليس
وعشية الاستحقاق، تواصلت اللقاءات والاجتماعات بعيداً من الأضواء، في مرحلة توقّعت فيها مصادر نيابية عليمة، ان يُصار الى الإعلان عن اتفاق مساء اليوم، يؤدي الى تراجع بعض الاطراف الأساسية عن مواقفهم، توصلاً الى تفاهم يحسم نتائج الانتخابات قبل فتح صناديق الاقتراع عند الحادية عشرة قبل ظهر غد، إحداها لانتخاب الرئيس وثانٍ لنائبه وثالث لأميني السر ورابع للمفوضين الثلاثة.
مقاربة براغماتية
وأبلغت اوساط واسعة الاطلاع الى «الجمهورية»، انّ «الأجواء ايجابية» بين بري ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، عشية جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه، مشيرة الى انّه يبدو انّ هناك تفاهماً معقولاً قد تمّ بينهما على طريقة التعامل مع جلسة الغد.
واعتبرت الاوساط، انّ كلاً من بري وباسيل «قرّرا ان يقاربا علاقتهما بواقعية، بعيداً من السقوف المرتفعة. وهذه المقاربة البراغماتية يجب أن تُترجم خلال جلسة الثلثاء، عبر مرونة متبادلة ينبغي أن تفضي الى انتخاب بري لرئاسة المجلس والياس بوصعب لموقع نائب الرئيس، اذا لم يستجد ما ينسف هذه المعادلة.
اجتماعات
وبعيداً من هذه التوقعات، تتكثف الاجتماعات اليوم على مستوى الكتل النيابية، والى الاجتماع المقرّر لكتلة «التنمية والتحرير» برئاسة بري عصر اليوم، وتناقش الكتل الاخرى، التي أعلنت عن اجتماعات استثنائية لها، الموقف النهائي من جلسة الغد، ومنها: كتلة «الوفاء للمقاومة» و«القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» و«الكتائب اللبنانية» و«اللقاء الديمقراطي» و«إنماء عكار» و«إنقاذ وطن» و«نواب التغيير» الـ 13 الذين يواظبون على اجتماعات يومية لتكوين تكتل يجمعهم.
وعلم انّ «اللقاء الديمقراطي» الذي سيجتمع اليوم برئاسة النائب تيمور جنبلاط يتجّه الى انتخاب بري وقد لا ينتخب بوصعب. كذلك علم انّ كتلة «الانماء لعكار» التي تضمّ النواب وليد البعريني ومحمد سليمان وسجيع عطية وأحمد رستم ستصوت لبرّي.