في الوقت الذي تختلط فيه الملفات المالية والقانونية والسياسية والأمنية والصحية والغذائية والخدماتية، لا يتراجع منسوب التساؤلات حول المشهد في الأيام المقبلة، وتحديداً في لحظة تزايد الأعباء الناجمة عن ارتدادات الحرب الروسية في أوكرانيا على مستوى الغذاء والدواء والمحروقات، ومن أحد أهمّ الاسئلة التي تُطرح من قبل أوساط ديبلوماسية مطلعة، هو المقاربة اللبنانية لما بات معروفاً بخطر «المجاعة» الداهم، خصوصاً بعدما بات المثل يُضرب بلبنان في الأروقة الديبلوماسية الأممية، لجهة الحديث عن أزمة غذاء مرتقبة في العالم وفي بعض دول المنطقة، ومن بينها لبنان بسبب الحرب في أوكرانيا.
ومن ضمن هذا السياق، تأتي التحذيرات المتعاقبة بالأمس، من قبل مرجعيات وقيادات سياسية وحزبية ممّا ينتظر الساحة الداخلية على المستوى الإجتماعي والإقتصادي، خلافاً لما كانت عليه الإتجاهات منذ أيام عندما كانت التطمينات تتوالى لجهة تأمين المواد الغذائية الضرورية للمواطنين لفترة لا تقلّ عن شهرين، وهو ما استوقف الأوساط الديبلوماسية، التي تحدثت عن حالٍ من الإستنفار الدولي، وبشكلٍ خاص الفرنسي لدعم لبنان إنسانياً، وعن مساعٍ بذلتها إدارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع عواصم عربية خصوصاً مع المملكة العربية السعودية، من أجل تقديم المساعدات الإنسانية من غذائية وصحية للبنانيين، في المرحلة الحرجة التي يمرّ بها لبنان، وحيث تتنامى الضغوط بسبب الأزمات وفي مقدمها أزمة المحروقات.
ووفق هذه الأوساط، فإن نظام الغذاء الدولي قد تعرّض للإهتزاز، والحرب في أوكرانيا مرشحة لأن تتحول إلى حرب استنزاف طويلة، وبالتالي قد يكون من الضروري، تعليق أي سجالات أو حتى خلافات سياسية وغير سياسية، والتركيز على برنامج دعم خاص يبدأ بتمويل عمليات استيراد كميات من القمح والدواء عبر تمويل من البنك الدولي.
لكن اعتماد هذا التوجه، يفترض ظروفاً سياسية لم تتوافر بعد وتقوم على تحويل مجلس الوزراء إلى فريق عمل خاص ومستنفر لمواجهة التحديات الإقتصادية والإجتماعية، وفق ما تتحدث عنه الأوساط، لأن المجتمع الدولي، يدرك أن ما من صوت يعلو اليوم على صوت المعارك الإنتخابية، وبالتالي فإن استمرار المسار المأزوم الحالي على مستوى تناسل الأزمات من الصحية إلى الغذائية فالمحروقات، يحمل مؤشرات في ما خصّ الجلسة المقبلة من المحادثات مع صندوق النقد الدولي، والذي يصل وفد منه اليوم إلى بيروت، مع ما يعنيه هذا الأمر من احتمال ترحيل التقدم على صعيد إنجاز خطة التعافي، والحصول على دعمٍ مالي إلى ما بعد الإنتخابات النيابية المقبلة في أيار، خصوصاً في ضوء استحالة موافقة صندوق النقد على أي برنامج تمويل للبنان، من دون إقرار قانون الـ «كابيتال كونترول»، الذي بات، وكما العادة، عنواناً للإنقسامات السياسية ومادةً في السجالات ذات الطابع الإنتخابي.
ووفق الأوساط الديبلوماسية نفسها، فإن النقاش حول اقتراح القانون الذي انطلق في الأيام الأخيرة وراء الكواليس وبالأمس في الأونيسكو، لن يُحسم إلاّ من خلال تعديل بعض بنود هذا القانون ، في ضوء موجة الرفض القوية التي سُجّلت على أبرز بنوده.
المصدر”:الديار – هبام عيد”
**