كتبت صحيفة الديار تقول: لا هدنة على جبهة المواجهة السياسية- القضائية – المصرفية، وبات مصير اللجنة المكلفة للوصول الى تسوية برئاسة وزير العدل في «مهب الريح» في ظل المواجهة المفتوحة على «كوارث» اقتصادية دون وجود اي «كوابح» للانهيار النقدي والمالي حيث تستخدم كافة «الاسلحة» المحرمة في هذا الصراع، والنتيجة «حلق» سعر الدولار مجددا ولامس الـ 25 ألفا على وقع ازمة محروقات اعادت طوابير «الذل» الى المحطات في ظل شكوك حول صمود «الحلحلة» التي اتفق عليها وزير الطاقة مع حاكم مصرف لبنان، فيما الامن الغذائي في خطر مع عجز الحكومة حتى الان عن اقناع مصرف لبنان بتمويل استيراد 50 الف طن من القمح الهندي تحسبا لنفاد المخزون بعد بضعة اسابيع. وبدا التصعيد مع اصدار قاضي التحقيق الاول في جبل لبنان نقولا منصور مذكرة توقيف وجاهية بحق رجا سلامة، كما حدد جلسة للاستماع الى الحاكم الخميس المقبل، فيما طلبت مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون من الجمارك منع 6 مصارف من تحويل الاموال الى الخارج. وفي تطور قضائي منفصل اعيد فتح ملف احداث الطيونة من خلال الادعاء على رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع «كمدعي عليه» وليس كشاهد بعد معطيات تفيد بالاعداد المسبق «للكمين». انتخابيا، القلق من نجاح المرشحين السنة على لوائح حزب الله حرك «المياه الراكدة» في السعودية بعد سلسلة انتقادات خليجية لاستراتيجيتها في لبنان، في ظل تحرك خليجي-مصري لاعادة احتواء دمشق ومحاولة ابعادها عن طهران، والبحث عن امكانية معدومة للتاثير في العملية الانتخابية في بيروت لصالح «الحلفاء»، بعدما بات «العزوف» السني المفترض عن صناديق الاقتراع «الخاصرة الرخوة» لتعزيز موقع حلفاء طهران التي تحركت دبلوماسيتها لتطمين الحلفاء في بيروت ودمشق.
اهداف «الانزال» الايراني؟
وفي هذا السياق، تلفت اوساط دبلوماسية الى ان زيارة عبداللهيان الى دمشق وبيروت بمثابة «انزال» دبلوماسي وهي تحمل في طياتها اهمية كبيرة لجهة توقيتها الذي يسبق «الامتار الاخيرة» قبل العودة الى الاتفاق النووي الذي يعمل حلفاء واشنطن في المنطقة «بيأس» شديد لعرقلة مساره، ولكن دون جدوى حتى الان بسبب اصرار الادارة الاميركية في واشنطن على المضي قدما في اقفال هذا الملف بما يتناسب مع «الشروط» الايرانية.
لا «تنازلات» على «الطاولة»
ووفقا للمعلومات، يحمل رئيس الدبلوماسية الايرانية «تطمينات» للحلفاء في بيروت حيال الموقف الايراني الراهن على «طاولة» التفاوض في «فيينا» والذي اصبح اقوى عقب الحرب الروسية في اوكرانيا،حيث لا تنازلات في الاقليم ولا «بيع ولا شراء» في اي ملف في المنطقة، واي اتفاق سيوقع سيكون ضمن الخطوط «الحمراء» الايرانية، اي لا بحث في ملف الصواريخ الباليستية، او الدورالاقليمي لطهران.
قلق «حلفاء» واشنطن
وفي هذا الاطار، تلفت تلك الاوساط الى ان هذا «الارتياح» الايراني تقابله حالة من القلق لدى حلفاء واشنطن في المنطقة ازاء دور ايران وموقعها بعد «اعادة» احياء الاتفاق النووي، وهو ما عكسته القمة الثلاثية الامارتية-المصرية- الاسرائيلية في شرم الشيخ قبل ايام قليلة، هذا «الارتباك» يفسر الموقف الخليجي المستجد ازاء الساحة اللبنانية، حيث طرأ على المشهد اعادة تحريك «للمياه الراكدة» في العلاقة الخليجية اللبنانية المقطوعة بقرار سعودي، وقد كشفت تلك المصادر عن خلفية هذا «التحول» الخجول حتى الان، والذي وضع «سلما» للنزول عن «شجرة» التصعيد في الوقت المناسب، حيث طلب الكويتيون من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اصدار بيان من خارج اي سياق «يتغزل» فيه بالعلاقة مع دول الخليج، لترد عليه الخارجية السعودية بكلمات «احسن منها».
استراتيجية «سحب البساط»
ووفقا لتلك المصادر، عادت دول الخليج الى عادتها القديمة في محاولة «سحب البساط» من تحت ايران في سوريا ولبنان، وهي تحاول اليوم ابتكار عودة «ملتبسة» الى الساحة اللبنانية لمحاولة الحد من تداعيات التفوق الايراني المفترض، وهي خطوة تتزامن مع محاولة مكررة لجذب الرئيس السوري بشار الاسد الى هذا «المعسكر» عبر تقديم اغراءات في السياسة والاعمار، وكانت الخطوة الاماراتية» الجريئة» باستقباله علنا مع «حفاوة» زائدة، قد فاجئت الاميركيين واثارت غضبهم، لكن حلفاء واشنطن يبدو انهم اخذوا على عاتقهم تدبير امورهم بانفسهم بعدما لمسوا وجود تخل اميركي فاضح عن حماية مصالحهم الاستراتيجية، وهو ترجم برفض الاماراتيين والسعوديين التعاون في زيادة الانتاج النفطي.
سذاجة» واخطاء «تكتيكية»
وهذا التحرك ياتي مع اجراءات ميدانية ارتدت عكسيا على دول الخليج التي ظنت «بسذاجة»أن الولايات المتحدة ستحميها من «الانتقام الإيراني». ويعتقد أعضاء الإطار الجديد بأن واشنطن تسارع الخط للوصول إلى تسوية في موضوع النووي الإيراني، بل ودفع الثمن وعلى حد فهمهم، فإن الولايات المتحدة ترتكب أخطاء تكتيكية ستتسبب لهم بالمعاناة في المستقبل. فمجرد الاستعداد الأمريكي للنظر في طلب طهران إخراج الحرس الثوري الإيراني من قائمة منظمات الإرهاب، أشعل كل الأضواء الحمراء فالصواريخ تنهمر على السعودية. والإيرانيون يطلقون النار على الأميركيين في العراق، والولايات المتحدة لا ترد.
عتب على الرياض؟
ووفقا لتلك الاوساط، ثمة عتب خليجي ومصري واضح على الرياض كونها ساهمت في خطوات اضعفت «الحلفاء» في بيروت، وثمة اقرار خطير بعدم الرهان على نتائج الانتخابات النيابية المقبلة التي باتت شبه محسومة لصالح حزب الله وحلفائه على الساحتين المسيحية والسنية على حد سواء، ويبدو ان اي اجراءات عملانية من الان وحتى موعد الاستحقاق لن تكون مجدية، الا اذا ارجأت الانتخابات؟!
«خسارة» النواب السنة
وهذا ما ينعكس «تخبطا» في تسويق العودة السعودية «المربكة» التي بدأ يروج لها الرئيس ميقاتي والنائب وائل ابوفاعور العائد من الرياض مع وعد بعودة السفير السعودي الى بيروت قريبا، بعدما نقل ومرشح القوات اللبنانية ملحم رياشي الى المسؤولين السعوديين الواقع الصعب «لخصوم» حزب الله في الانتخابات المقبلة، خصوصا اذا ما ترجم انسحاب تيار المستقبل عزوفا للناخبين السنة عن الاقتراع، وطالبوا تدخلا سعوديا اقله لحث السنة على التوجه لصناديق الاقتراع. ووفقا للمعلومات، بات امام السعوديين معطيات واضحة تفيد بان المجلس الحالي يضم أحد عشر نائباً سنياً مؤيداً بشكل أو بآخر لحزب الله، اما الترجيحات اليوم فتشير الى ان النواب السنة في المجلس المقبل سيكونون في اغلبيتهم تابعين للحزب الذي يعمل على تنسيق التحالفات لايصال هؤلاء الى المجلس.
«تخبط» وارباك سعودي
وفي هذا الاطار، تفيد المعلومات الى ان السعودية لا تملك بعد تصورا واضحا لمايمكن فعله في المدة الفاصلة عن الانتخابات، وهي غير مقتنعة اساسا بالقدرة على استعادة الساحة اللبنانية او التاثير فيها لقلب «الطاولة» على النفوذ الايراني، لكنها تواجه ضغوطا من قبل حلفائها في المنطقة للمساعدة في الحد من تداعيات الملف النووي ومحاولة عدم اعطاء شرعية كاملة لحزب الله في الانتخابات المقبلة، تزامنا مع المحاولات المستمرة لابعاد دمشق عن طهران والتي ستشهد مزيدا من الخطوات النوعية قريبا. في المقابل، تفيد اوساط مطلعة ان دمشق سلمت عبداللهيان «رسالة» سعودية نقلها الامارتيون وفيها استعداد سعودي للتفاوض الجدي حول الحرب في اليمن.
ماذا يحمل عبداللهيان؟
وهذا الملف، هو في صلب زيارة عبداللهيان الى دمشق وبيروت، حيث جاء التحرك الدبلوماسي الايراني «لقطع الطريق» امام اي تاويلات خاطئة في شان موقف القيادة السورية التي اوضحت بما لا يقبل الشك للمسؤول الايراني ان الانفتاح السوري على الدول العربية لن يكون على حساب العلاقة مع طهران وستحاول دمشق ايجاد علاقة «متوازنة» في هذا الشأن، فيما اكد المسؤول الايراني على تفهم بلاده للتحرك السوري الذي يصب في مصلحة رخاء الشعب السوري.
«رسائل» متناقضة
وقد تحدث عبداللهيان من بيروت عن «رسائل» سعودية متناقضة، مرحبا بتطوير العلاقة معها، متمنيا على السعوديين ان يتحركوا في الاتجاه الذي يخدم مصحلة هذه المنطقة، كما جدد العرض الذي قدمه لميقاتي على هامش مؤتمر ميونخ باستعداد الجمهورية الإسلامية لبناء معملي كهرباء مع امكانية التعاون في المجالات الاخرى. وحول التفاهم النوووي اكد الاستعداد لانجاز اتفاق نووي قوي وجيد ومستدام ولكن ليس ان يكون ثمنه اجتياز الخطوط الحمراء لايران.
«الكباش» «والنزف» مستمران
في هذا الوقت، يبدو ان «الكباش» القضائي – المصرفي- السياسي مستمر دون «سقوف» حتى الان في غياب اي تسوية بين اطراف النزاع المتورطين في الكارثة المالية التي تستمر فصولها ارتفاعا مشبوها في سعر صرف الدولار حيث تخطى بالامس الـ 25 ألف ليرة للدولار الواحد، فيما بقي سعره على منصة «صيرفة»، 21850 ليرة للدولار الواحد. وفي مؤشر واضح على الوضع «السوريالي» القائم في البلاد، استدعى القاضي نقولا منصور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى جلسة استماع يوم الخميس المقبل، فيما دعاه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لحضور جلسة الحكومة «للتشاور» في الوضع النقدي قبلها بيوم واحد، تزامنا امر قاضي التحقيق الأوّل في جبل لبنان، نقولا منصور، ببقاء شقيق حاكم مصرف لبنان، رجا سلامة، قيد الاحتجاز بعد اتهامه الأسبوع الماضي بالتواطؤ في الإثراء غير المشروع.ووفقا لمصدر قضائي فان مذكرة التوقيف صدرت بانتظار توفير الوثائق التي تظهر مصدر الأموال المستخدمة في شراء عقارات قيد التحقيق؟ وجاء ذلك بعد فشل المدعى عليه بتوثيق كيفية دفع الاموال لشقة في باريس وعقارات في بيروت…وقد اكد محامي سلامة ان التهمة الموجّهة إلى موكّله لا أساس لها من الصحة. وكانت قد وُجهت إلى الحاكم رياض سلامة تهمة الإثراء غير المشروع غيابياً في القضية نفسها المتعلقة بشراء وتأجير شقق في باريس، بعضها للمصرف المركزي.
وقف «شحن» الاموال
في هذا الوقت منعت النائب العام الاسئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون بعض المصارف من تحويل الاموال الى الخارج، وارسلت الى المديرية العامة للجمارك قرار بمنعها من «الشحن»، وفيما ناشدت المصارف النائب العام التمييزي بوقف قرار القاضية عون لانه يتجاوز حد السلطة، وهو يدخل حصرا في تخصص مجلس النواب، وتنفيذه يقضي على ما تبقى من ثقة بالقطاع المالي،اوضحت عون في بيان، ان هذا القرار يتناول فقط اصول المصارف الـ 5 التي كانت موضوع قرار منع التصرف واموال رؤساء مجالس الادارة واعضائها، وهذا القرار لا يتعلق بتحويل الأموال من اجل شراء المواد الغذائية او الطبية او ما يتعلق بتحويل الاموال للطلاب وبكل تحويل مبرر بحاجات خاص.
المصارف تصعد وتتحدى؟
في غضون ذلك، تركت جمعية المصارف اجتماعاتها مفتوحة لمتابعة التطورات القضائية في ظل وجود اقتراحات للتصعيد المتدرج على «الطاولة» اذا لم يتم التوصل الى حل منطقي لتسوية الملفات العالقة قضائيا والتي تعتبرها المصارف بداية لتدمير القطاع المصرفي، وفي هذا السياق قد تتجه المصارف الى تبني اقتراح تقليص عدد أيام العمل تدريجياً، ضمن الخطوات التصعيدية المتوَقّعة، إذا لم يحصل تصحيح للخلل الحاصل وكذلك صدور قانون الـ»كابيتال كونترول»، وإقرار خطة التعافي الاقتصادية.