كتبت صحيفة “الديار” تقول: لا شيء يعلو فوق صوت الحرب الروسية – الاوكرانية غير المحدودة النتائج سواء على الامن والسلام العالمي او على الاقتصاد الذي ستكون تداعياته مباشرة وسريعة على دول العالم بغض النظر عن سير المعارك العسكرية على الارض، وسط مخاوف من حسابات خاطئة تورط العالم بحرب غير محدودة ستؤدي الى خلق موازين قوى جديدة لن يكون الشرق الاوسط بعيدا عنها. واذا كان لبنان المنهار قد تبنى وجهة النظر الاوكرانية بضغط اميركي، فانه لن يكون بمنأى عن التداعيات الاقتصادية المرتبطة بالامن الغذائي كونه يستورد نصف القمح من اوكرانيا، مع توقعات بارتفاعات كبيرة باسعار المحروقات. وقد بدات حسابات الربح والخسارة لدى اكثر من دولة في المنطقة التي تعيش ارباكا في كيفية مقاربة الحدث خوفا من ارتداداته، وقد توقع مركز دراسات الامن القومي الاسرائيلي انهيارات وفوضى في عدة دول ومنها لبنان الذي يعيش مجددا خطر «تسلل» تنظيم داعش الارهابي الذي عاد ينمو في سوريا على نحو مقلق للغاية. وفيما لا يزال «الارباك» سيد الموقف في ظل البحث المستمر عن «ملء فراغ» غياب الرئيس سعد الحريري عن المشهد السياسي من خلال تحرك الرئيس فؤاد السنيورة الذي بدأ يحصد تفهما لموقفه وخصوصا من دار الفتوى المقتنعة بوجهة نظره دون القدرة على الافصاح عن موقف سلبي اتجاه موقف الحريري، دخلت واشنطن على خط وضع المزيد من الضغوط على الجانب اللبناني في ملف ترسيم الحدود البحرية، وعقب تاكيد رئيس الجمهورية ميشال عون عن عدم التفريط بالحقوق اللبنانية الغازية، «زعم» مساعد وزير الخارجية الاميركي الأسبق دافيد شنكر ان بعض أعضاء الحكومة اللبنانية عرضوا صفقة لرفع العقوبات عن رئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل خلال محادثات «الترسيم»، وقال لا اعتقد ان الادارة الاميركية تقبل بهذا النوع من المقايضة، ولكنه عاد والمح الى انه يجب الانتظار الى اين تصل،وذّكر ان «الوسيط» الاميركي عاموس هوكشتاين قال انه سينتظر لمدة اسبوعين ثم سيلغي الاتفاق!.
ضغوط اميركية
بعد ساعات من «الصمت» والاحراج، وفيما كان لبنان يعد لصياغة موقف متوازن من الاحداث، علمت «الديار» ان تبني لبنان موقف داعم لوجهة نظر اوكرانيا، جاء نتيجة لضغوط اميركية مباشرة على رئيسي الجمهورية والحكومة، في ظل مخاوف من تاثيرات سلبية على العلاقة مع موسكو. فقد ادانت الخارجية اللبنانية الاجتياح الروسي لاوكرانيا، ودعت الى انسحاب الجيش الروسي من اراضيها، فيما طلبت من اللبنانيين الراغبين بالمغادرة تسجيل أسمائهم على موقعها الإلكتروني، والبقاء في أماكن آمنة إلى حين تمكّنها من تأمين ممرات آمنة لإجلائهم من الأراضي الأوكرانية. في حين اوضحت مصادر عين التينة أن بيان الخارجية صدر بعيداً عن عين التينة ولم يكن لديها علم بالامر.
وتجدر الاشارة الى وجود نحو 4400 لبناني في اوكرانيا 900 هاجروا خلال العام المنصرم هربا من الاوضاع الصعبة في لبنان، واعلن وزير الخارجية والمغتربين، عبدالله بو حبيب، أنه تبلّغ من دول جوار أوكرانيا موافقتها على عبور اللبنانيين المقيمين على الأراضي الأوكرانية إليها، وقد تم تشكيل خلية أزمة مكوّنة من موظفين وديبلوماسيين في وزارة الخارجية وسفراء لبنان في بولندا وأوكرانيا ورومانيا وروسيا، لتامين سلامة اللبنانيين.
واشنطن غير مستعدة للاصغاء
وبينما بدات حسابات الربح والخسارة في كل العالم جراء الحرب الاوكرانية، كشفت اسرائيل عن حجم الضغوط الاميركية على دول المنطقة لاتخاذ موقف مؤيد لوجهة نظرها، وقد خرج معهد دراسات الامن القومي الاسرائيلي بتداعيات سلبية قد تطال الكيان الاسرائيلي وكذلك الدول في الشرق الاوسط، ووفقا للمعهد اذا استمرت الحرب لوقت طويل، من المتوقع أن يطلب الرئيس بايدن والإدارة الأمريكية، المهتمة بترسيخ وتأكيد المكانة الرائدة للولايات المتحدة في النظام الدولي، اختيار طرف بصورة علنية والدعم الصارم والمشاركة في الضغوط التي ستُمارَس على موسكو، والانصياع لمجمل العقوبات المفروضة عليها. ويرى المعهد أنه في مثل هذه الظروف، من الصعب جداً أن تكون الإدارة الأميركية مستعدة للإصغاء، وأن تتفهم محاولات إسرائيل التوضيح والادعاء أن المصالح الإسرائيلية تفرض عليها المحافظة على قنوات مفتوحة مع موسكو. ولفتت الى انه ازاء تحفُّظ دول الشرق الأوسط عن إظهار تعاطفها الكامل مع موقف الولايات المتحدة وخطواتها، يمكن أن تقوم الإدارة الأميركية، لاحقاً، بتصفية حسابها مع الدول التي ستحاول الوقوف موقف المتفرج.
زعزعة الاستقرار في لبنان؟
الا ان الاخطر فيما ورد في التقرير هو انه كنتيجة غير مباشرة للأزمة بين روسيا ودول الناتو، من المحتمل أن يتزعزع استقرار سوريا ولبنان وليبيا والعراق، كما تزداد المخاوف أيضاً على استقرار الأردن ومصر، بسبب اعتماد هذه الدول إلى حد كبير على التزود بالمحاصيل الزراعية عموماً، وبالقمح خصوصاً، من أوكرانيا وروسيا، بالاضافة الى ارتفاع تكاليف الطاقة، وعدم الاستقرار في الدول المجاورة سيزيد في التحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل لان ما يحصل سيعزز توجّه الابتعاد الأمريكي عن الشرق الأوسط والحد من دعم الولايات المتحدة العسكري لحلفائها في المنطقة.
رد الفعل الروسي
مع ترجيح أن تستغل روسيا ساحة عملها في سوريا كي تثبت للولايات المتحدة أنها تملك أدوات لجعل جبهات إضافية قابلة للانفجار، إلى جانب أوروبا الشرقية. وقد بدات موسكو وضع العراقيل في طريق المعركة التي تخوضها إسرائيل ضد التمركز الإيراني في سوريا، وضد جهود طهران في نقل السلاح إلى حزب الله في لبنان، عبر الأراضي السورية. وقد تقطع موسكو التنسيق العملياتي الروسي- الإسرائيلي، وتحاول التصدي للهجمات الإسرائيلية في سوريا بواسطة منظومة الدفاع الجوي وطائرات اعتراض روسية. كل هذا يحصل، فيما تعتقد القيادة الاسرائيلية انها في بداية معركة جديدة مع حزب الله عنوانها استخدام واسع لطائرات بدون طيار ضد إسرائيل، وفي توقيت مريح له، سيدخل الى الميدان سلاح الصواريخ الدقيقة، ولذا يجِب على اسرائيل أنْ تكون مستعدة بشكل جيد لهذه الحرب الجديدة.
التداعيات الاقتصادية على لبنان
اقتصاديا، وفيما تقوم بعض المطاحن باستغلال الموقف من خلال رفض تسليم القمح بإنتظار ارتفاع اسعاره العالمية، بدأت وزارة الاقتصاد البحث عن مصادر جديدة لاستيراد القمح، وقد اكدت مصادر الوزارة ان مخزون القمح يكفي لمدة شهر ونصف، فيما هناك 4 و5 بواخر في طريقها الى لبنان، واعلن مدير عام الحبوب والشمندرالسكري في وزارة الاقتصاد جرجس برباري ان الطحين لا يزال مدعوما 100%». وقال انه «قبل انفجار المرفأ كانت تخزن الاهراءات 120 الف طن من القمح على مدى 3 او 4 اشهر، اما المطاحن فتخزن لـ 5 اشهر»… من جانبه،اكد نائب رئيس اتحاد نقابات المخابز والافران علي ابراهيم ان «القمح موجود في المطاحن، لافتا الى انه «اذا لم تسلّم مادة الطحين للافران سنصل الى ازمة رغيف !
ارتفاع اسعار المحروقات
وفي انعكاس مباشر مرتقب على اسعار المحروقات، وبعد ارتفاع سعر برميل النفط الى 105 دولار، ومرشح لمزيد من الارتفاع اذا استمرت الحرب، اعلن عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس ان الازمة الروسيّة – الأوكرانيّة ستؤثر حكماً على أسعار المحروقات وسيرتفع سعر البنزين ليصل إلى حوالى الـ400 ألف هذا إذا بقي سعر الدولار مستقرا على ما هو عليه اليوم.
تهديدات داعش جدية
امنيا، وبعد ساعات على اعلان فرع المعلومات في احباط عمليات انتحارية مفترضة في الضاحية الجنوبية من قبل خلايا لتنظيم «داعش» الارهابي، وبعيدا عن محاولات التوظيف السياسي للحدث، علمت «الديار» ان السلطات الامنية السورية سبق وحذرت الجانب اللبناني من خطورة عودة «التنظيم» الى العمل على الاراضي اللبنانية في ظل»انتعاشة» مشبوهة لمجموعات ارهابية على الاراضي السورية، وكان لافتا ان مسالة انتقال نحو ٦٥ شاباً لبنانياً عبر الأراضي السورية للالتحاق بالتنظيم في العراق، كانت مدار متابعة حثيثة بين الجانبين السوري- واللبناني امنيا، لان الخطورة الكامنة في هذا الخط المفتوح ذهابا وايابا، ما يفتح الباب امام ازدياد حجم المخاطر على الساحة اللبنانية.
خطر جدي من سوريا
وفي هذا السياق، كشفت صحيفة الإندبندنت البريطانية تقريرا عن عودة «داعش» بقوة الى سوريا، ولفتت الى إن سكان دير الزور يخشون عودة التنظيم الذي يقوم بتجنيد أعضاء جدد بين السكان المحليين الذين يعانون من الفقر، وانتشرت عمليات ابتزاز الشركات التجارية ومهاجمة المتاجر، في حين تم اغتيال العديد من القادة المحليين، فيما تبدو قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد عاجزة عن السيطرة على شمال شرق البلاد، فيما لا يقدم الغرب الدعم المطلوب لمنع عودة الزخم الى عمليات التنظيم.وترجح المعلومات وجود ما يصل إلى 10000 عضو نشط في العراق وسوريا يواصلون شن الهجمات بمعدل ثابت، بما في ذلك عمليات الكر والفر والكمائن والقنابل المزروعة على جوانب الطرق في كلا البلدين، ولا شيء يمنع من تسللهم الى لبنان الذي عاد ليكون مسرحا لعمليات «التنظيم».