زحمة تحضيرات وحملات انتخابية وضجيج ماكينات، فيما الترشيحات الرسمية التي ينتهي موعد تقديمها منتصف آذار المقبل، ما زالت متدنية بحيث لم تتجاوز حتى الآن الـ12.
وتبعاً لذلك يمكن توصيف المشهد الداخلي بأنّ الساعة الرسمية باتت مضبوطة على حضور خجول وعمل حكومي يتحرّك ضمن حدود شيقة جدا، امّا الساعات السياسية في الموالاة والمعارضة وما بينهما، فباتت بدورها مضبوطة بالكامل على استحقاق 15 ايار، وصارت الساحة مشرّعة فقط لقوى الانقسام الداخلي للتموضع خلف متاريسها، ولا صوت يعلو فوق هدير ماكينات الشحن والتعبئة الانتخابية تحضيراً ليوم الحساب في صناديق الاقتراع.
وعلى ما تؤشّر الصورة في الدوائر الانتخابية، فلا شيء محسوماً حتى الآن، سوى اعلان ترشيحات بالمفرّق من قبل هذا الحزب او ذاك، فيما حسم التحالفات لم يكتمل بعد، وخصوصاً في الجانب المواجِه للثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر. وهو امر يحتاج الى بضعة اسابيع ليتبلور بصورته النهائية قبل الانتقال الى مرحلة تركيب اللوائح المتنافسة.
وبحسب المعلومات، فإنّ كل الاطراف من دون استثناء، محشورة، جرّاء عوامل اساسية:
– الاول، صعوبة صياغة تحالفات نهائية، لأنّ لكل دائرة انتخابية خصوصيّتها، وكذلك لكل طرف اهدافه واجندته وحساباته التي تتناقض مع الطرف الآخر.
– الثاني، انكفاء تيار المستقبل عن المشاركة في العملية الانتخابية ترشيحا واقتراعا، بما يعني انكفاء نسبة كبيرة من الأصوات السنية الى خارج اللعبة الانتخابية في الدوائر التي كان له نفوذ فيها من بيروت الى الشوف وصيدا والشمال وصولا الى البقاع الغربي وزحلة، وهو الامر الذي أوقعَ المُتّكئين على الصوت السني المستقبلي في هذه الدوائر، سواء المتحالفين سياسيا مع التيار او المتحالفين انتخابيا، في إرباك البحث عن الاصوات التعويضية، والتي قد لا توفّرها التحالفات التي تجري صياغتها. تحت عنوان وحيد، ليس تحقيق مقاعد اضافية، بل الحفاظ على مستوى التمثيل في المجلس النيابي المقبل على ما كان عليه في المجلس النيابي الحالي.
– امّا العامل الثالث، الذي يشكل عنصر قلق مزدوج وجدي لدى مختلف المكونات السياسية، فيتكوّن من أمرين، الاول من اصوات المغتربين وتأثيرها على الخريطة النيابية مع بدء الحديث في بعض الأوساط السياسية عن ضعف في الامكانيات التي من شأنها أن تضعف نسبة مشاركتهم في عملية الاقتراع. والثاني، ضعف نسبة الاقتراع، حيث تُجمع الاحصاءات والدراسات الانتخابية سواء التي تعدها المراكز المختصة او التي تعدّها الماكينات، ولا سيما الحزبية منها، على تراجع نسبة الاقتراع في كل الدوائر عما كانت عليه في انتخابات العام 2018 بالحد الادنى بحدود 10 الى 15 في المئة، لأسباب مختلفة مرتبطة بالازمة الاقتصادية والمالية وتفاعلاتها، والغضب العام على الطبقة السياسية. وهو امر ليس سهلا على المكونات السياسية ان تتمكّن من أن تبدّل في المزاج الشعبي وتجذب الغاضبين الى صناديق الاقتراع.
المصدر:”الجمهورية”
**