ذكر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أن “تشكل التربية والتعليم أحد أهم اركان بناء الدولة، ولأنهما كذلك فهما يتأثران بكل العوامل التي تتأثر بها الدولة. وفي وضعنا الراهن فان التربية والتعليم هما أكثر ضحايا الازمة المالية والاقتصادية والاجتماعية التي تعصف ببلادنا منذ قرابة السنتين”.
ولفت، خلال افتتاح “اللقاء التشاوري الوطني لإنقاذ وتعافي قطاع التربية والتعليم العالي في لبنان” الذي تنظمه وزارة التربية اليوم في السراي الحكومي، إلى أن “هذا المنطلق كان لقاؤنا التشاوري الوطني اليوم كخطوة أساسية لإنقاذ قطاع التربية والتعليم العالي في لبنان وتعافيه. وفي هذا السياق لا بد من ان احيي جهود معالي وزير التربية عباس الحلبي وطاقم الوزارة، كما أتوجه بتحية تقدير خاصة لرئيسة لجنة التربية النيابية بهية الحريري التي تواظب منذ سنوات طويلة على متابعة الشؤون التربوية وايجاد الحلول المناسبة لها”.
وأوضح ميقاتي، أنه “منذ اليوم الاول لعملنا الحكومي، ونحن نواجه معضلة حل الازمات التربوية المتراكمة، ونسعى مجتمعين لحلها بالشراكة والتعاون بين الجميع رسميين وادارات مدارس وهيئات تعليمية محلية ودولية ولجان اهل”.
وأكد أنه “صحيح أننا لا نحمل عصا سحرية لمعالجة هذه المشكلة دفعة واحدة، لكننا بالتاكيد نملك الإرادة والعزم والتصميم على المحاولة، ونتطلع الى تفهم الجسم التعليمي من أساتذة واداريين لوضع الحكومة والامكانات المحدودة وعلى صبرهم وصبر أهالي الطلاب، خاصة وأن الازمة الاقتصادية الخانقة التي نعاني منها ترافقت مع انتشار جائحة كورونا التي زادت من تعميق الازمة في قطاع التربية والتعليم”.
وأشار ميقاتي، إلى أنه “لقد عاجلت الحكومة في أول إنطلاقتها الى تثبيت العطاءات الخارجية، ثم في أول اجتماع لها بعد انقطاع دام ثلاثة أشهر بادرت الى تقديم المساعدة المالية للمعلمين شأنهم في ذلك شأن كل موظفي القطاع العام، وانا أعرف ان هذه المساعدة غير كافية في وضعنا الراهن ولا تفيهم حقهم، ولكن وكما كان أهلنا يقولون لنا “البحصة بتسند خابية” فان هذه المساعدة في وقتنا الراهن هي البحصة التي نريدها ان تسند خابية حياتهم اليومية مع عائلاتهم”.
وأوضح أن “في هذا اللقاء، سنتشاور في سبل تعزيز هذه التقديمات المؤقتة في انتظار وضع البلد والقطاع التربوي من ضمنه على سكة التعافي وفي المقابل فان المطلوب من الاساتذة والمعلمين التعاون معنا لتمرير هذه المرحلة الصعبة باقل الاضرار وعدم رمي المطالب دفعة واحدة في وجه الحكومة والطلاب والاهالي، لا سيما وان حال الخزينة العامة لا يحتمل اي انفاق خارج القضايا الاكثر الحاحا. الاولوية لدى الجميع في الوقت الراهن بجب أن تكون للمواءمة بين تأمين مقومات العيش الكريم للجميع والمحافظة على رسالة التعليم التي يحملها المعّلم منذ اليوم الاول لدخوله سلك التعليم”.
وذكر أن “في هذا اللقاء التربوي الجامع، أعرب عن فخري واعتزازي بالجامعة اللبنانية وبكادرها التعليمي الذي يعتبر من بين ارقى الكوادر التعليمية في المنطقة العربية وأكثرها معرفة وكفاءة، وان كانت الازمة الاقتصادية الراهنة قد ضربت الكثير من المكتسبات المادية لهذا الكادر التعليمي واجبرت الكثير منهم على الهجرة فاني أؤكد لكم اننا في الحكومة نعمل جاهدين على أوسع عملية اصلاح اقتصادي واداري لإعادة البلد الى سكة السلامة، وفي حال نجاحنا في ذلك، وان شاء الله سننجح، فان أوضاعهم ستعود ليس فقط كما كانت عليه بل ستكون افضل. ولكن ذلك لا يمنع ان نعيد النظر في انتشار فروع الجامعة اللبنانية وإعادة توزيعها وفق الحاجة وليس وفق محاصصات اثبتت انها بعيدة كل البعد عن حاجة المواطنين”.
ولفت ميقاتي، بشأن القطاع الخاص، إلى أنه “شكلت الجامعات العريقة على مدى سنوات طويلة رافعة للسمعة الطيبة للتعليم في لبنان، لكننا وللأسف بدأنا في السنوات القليلة الماضية نشهد تراجعا ملحوظا في أداء بعض هذه الجامعات الخاصة، بسبب ابتعاد البعض من أصحابها عن الرسالة التربوية للجامعة والجنوح نحو ابتغاء الربح غير المشروع والطرق الملتوية في تحقيق هذا الربح، لذلك فان المسؤولية تقع أولا على أصحاب هذه الجامعات لاستعادة سمعة جامعاتهم وثانيا علينا لملاحقة هذه الجامعات ومراقبة التزامها بالقوانين المرعية الاجراء من اجل حماية سمعة التعليم في لبنان ومن اجل رفع مستوى الخريجين”.
وصرّح أن “أما في التعليم الخاص فلا بد ان أؤكد ضرورة التعاون بين ادارات المدارس والاساتذة والاهل لايجاد حلول مقبولة من الجميع وعدم ترك التلامذة رهينة الخلافات التي تترك انعكاسات جسيمة على القطاع التربوي ككل. ويجب أن يكون التكامل بين القطاع الخاص والرسمي محور نقاشاتكم اليوم وفي الأيام المقبلة من اجل الخروج بتوصيات واضحة في هذا المجال. وانا اتعهد لكم بان حكومتنا ستولي كل الاهتمام لهذه التوصيات والحرص على تنفيذ ما يمكن منه”، مشيرًا إلى “أننا هنا اليوم لأن أولادنا هم على رأس أولوياتنا ومحط اهتمامنا الأول والأخير، ولبنان سيتعافى من خلالهم ومن خلال التربية والتعليم، واذا استطعنا اليوم معكم انقاذ التعليم نكون قد وضعنا حجر الاساس لانقاذ لبنان وبناء الانسان”.