اعربت مصادر ديبلوماسيّة عربية لـ “الجمهورية” عن تفاؤلها حيال حدوث انفراج في علاقة لبنان بالسعودية ودول الخليج، الا انها اكدت في الوقت نفسه انها لا تملك تاريخا محددا لدخول هذه العلاقة مدار الانفراج، لكن هذا الانفراج حتمي، ليقيننا ان السعودية لن تترك لبنان، وهو ما جرى التأكيد عليه في لقاء الرئيس ايمانويل ماكرون والامير محمد بن سلمان، فضلاً عن ان استقالة الوزير جورج قرداحي كانت محل تقدير، وخطوة مسؤولة في محلها عكست حرص لبنان على علاقاته مع اشقائه.
واكدت المصادر ان على لبنان الا يقيّد نفسه بانتظار اجراءات خليجية قد تكون عاجلة او مؤخرة، الا انها قد تتم في أيّ لحظة، خصوصاً ان الوضع اليوم بات أقلّ حدة مما كان عليه مع بداية ازمة لبنان مع دول الخليج. بدليل أنّ التواصل الذي تم بين ولي العهد السعودي ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي كسر جانبا كبيرا من هذه الحدة، وما توفر لنا من معطيات يؤكد ان الامور تميل الى انّ الاجواء بين الاشقاء ستعود الى الصفاء في نهاية الامر، وهذا من مصلحة لبنان بالتأكيد.
ولفتت المصادر الى مجموعة هواجس ما زالت قائمة، وقد أشار إليها البيان الختامي السعودي الفرنسي في اعقاب محادثات الرئيس ماكرون والامير بن سلمان، والذي اكد بشكل او بآخر على مسؤولية لبنان في المسارعة الى تبديدها وطمأنة اشقائه، بالتوازي مع التفاعل جدياً مع المطالبات الدولية والعربية والشروع سريعا في اجراء الاصلاحات المطلوبة التي بات من الملح على المسؤولين في لبنان ان يدركوا انها المفتاح لباب المساعدات التي يحتاجها لبنان، ومن دونها لا امل لهذا البلد في ان ينهض من جديد.
ولفتت المصادر في هذا السياق الى ان العائق الأساس امام وصول المساعدات ليس خارجيا، بل هو من الداخل اللبناني، فثمّة فرَص عديدة أتيحت أمام لبنان وجرى تفويتها بخلافات سياسيّة نعتقد انها مفتعلة، وهو ما يبعث على الاستغراب.
وقالت: “العرب مع لبنان ولكن على لبنان ان يكون مع نفسه، وهذا يوجِب عليه بالدرجة الاولى ان يبادر الى ترتيب بيته الداخلي، والاولوية هنا لإعادة إحياء عمل الحكومة، التي يتسبب الاستمرار في تعطيلها بمزيد من الضرر على لبنان وعلى الشعب اللبناني بصورة عامة”.
وخلصت الى القول “ان لبنان مطالَب بإصلاحات، والإصلاحات هي مهمّة الحكومة، وتعطيل الحكومة يعني رسالة الى المجتمع الدولي بنقض الإلتزامات والتعهدات التي يطلقها المسؤولون في لبنان ورفضهم إجراء الإصلاحات، واللاإصلاحات تعني حتماً أن لا مساعدات، ومفاقمة إضافيّة للأزمة”.
تحدثت “الجمهورية” عن حديث متواصل في الصالونات السياسيّة حول الترجمات المنتظرة لما سمّيت “ايجابيات” لقاء جدة بين الرئيس الفرنسي ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان. على ان هذا الحديث مشوب بحذر واضح، وبأسئلة تتوخّى اجابات صريحة وواضحة: هل ان لبنان سيشهد فعلا ترجمة لإيجابيات جدة وفق ما يؤكد المتفائلون بنتائج اللقاء؟ وهل انّ السعودية ستقابل استقالة الوزير جورج قرداحي بإلغاء اجراءاتها بحق لبنان او بالحد الادنى تعديلها؟
وفي السياق، اكدت مصادر حكومية لـ “الجمهورية” على الأهمية البالغة لنتائج لقاء جدة، والتي ستُنتِج ايجابيات قريبا على المشهد الداخلي، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي يعوّل على انفراجات أكيدة في المدى المنظور، ولا يرتبط الامر فقط في ما اكده الرئيس ماكرون في هذا الخصوص، بل ايضا في ما أبداه الامير محمد بن سلمان من عاطفة تجاه لبنان، ورغبة في مساعدته وتأكيده على الوقوف الى جانب الشعب اللبناني.
وردا على سؤال قالت المصادر “انّ الموقف السعودي واضح ولا يحتاج الى اي شرح او تفسير، ونَصّ عليه البيان الفرنسي السعودي المشترك، والذي يضع امام لبنان خريطة طريق لا بد من سلوكها في اتجاه اجراء الاصلاحات التي تفتح باب المساعدات الدولية امامه، وكذلك في ما خص امرين اساسيين، الاول يتعلق بسلاح حزب الله والثاني بالتهريب، وهما امران سبق للحكومة أن نصّت عليهما في بيانها الوزاري”.