أكد الرئيس ميشال عون، في حديث صحافي أن “هذه السنة سنضع الحلّ على سكته”، قائلا: “لا أعرف من أين تأتي مشاكلنا. بعضها يأتي من بعض. كأنه مخطط لها في بلد مفتوح على كل كبيرة وصغيرة، لم يعد في الإمكان بسهولة جبهها”.
وقال: “قلت مراراً إنني أريد أطيب العلاقات وأفضلها مع السعودية. ناديت بما يمكن تسميته مأسستها، كي لا تتأثر في كل مرة بفرد ما أياً يكن. ليس في كل مرة يتسبب فرد بأزمة علاقات بين البلدين. الآن وزير الإعلام جورج قرداحي بسبب تصريح. قبلاً رئيس الحكومة السابق سعد الحريري قبل الوصول إلى 4 تشرين الثاني 2017 ثم بعدها. أمضينا سنة ونصف سنة لتأليف حكومة من أجل أن يصالح السعودية. عندما أخفق اعتذر عن عدم تأليف الحكومة. الآن المشكلة قائمة. لا وسيط بيننا وبينها، لأن أصل الحل في التحدث المباشر مع المملكة. لكنه مقطوع الآن. مع رئيس الحكومة كذلك. ثمّة إشارات معالجة نحاول العمل عليها بكتمان، علّها تأتي بنتائج إيجابية من أجل فتح الحوار”.
وعن إذا كان الموقف السعودي السلبي، ومن خلاله الخليجي، سببه تحالفه مع حزب الله: أوضح أن “هو أولاً تفاهم وليس تحالفا. الجميع يعرف، العرب والأميركيون والأوروبيون، أنني لا استطيع محاصرة حزب الله الذي يحترم بالنسبة إلي قواعد ثلاثاً أساسية لا غنى عنها: القرار 1701، الاستقرار الداخلي، عدم التعرّض لسفراء الدول التي صنّفته حكوماتها منظمة إرهابية أو رعاياهم كالأميركيين والبريطانيين والألمان ودول عربية. أما إذا كان الأمر مرتبطاً بما يجري في اليمن، فهو شأن آخر. لا خلاف بيني والسعودية، وكانت أولى الدول زرتها بعد انتخابي (9 كانون الثاني 2017). لا علم لي أنها كانت ضد وصولي إلى رئاسة الجمهورية، ولم أتلقَّ منها علامات سلبية مرتبطة بي بالذات. ما أعرفه أن أزمتنا معها بدأت يوم انهارت علاقتها بالحريري وحدث ما حدث في تشرين الثاني 2017. كان ذلك بداية الخلاف”.
وعن النزاع الناشب حول المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار، أكد الرئيس عون أنه “ليس للسلطة الإجرائية التدخل في مسألة لا تدخل في اختصاصها. للقاضي مرجعية تحاسبه إذا أخطأ. هي المعنية ولسنا نحن. أنا مصرّ على تأكيد فصل السلطات”. وأضاف “لا رابط بين الخلاف على هذه المسألة وتعطيل اجتماعات مجلس الوزراء: عندما يكون ثمّة مَن يصرّ على تعطيل اجتماعات مجلس الوزراء، لا أرى بداً من جلسات المجلس الأعلى للدفاع. كل الأجهزة ممثلة فيه لمعالجة المشكلات التي تئن منها القطاعات الحياتية”.
وشدد على أنه “لن أوقّع مرسوماً يدعو الهيئات الناخبة إلى 27 آذار للاقتراع. إذا أتاني سأرده من حيث أتى كي يصار إلى تعديله. لن أوافق على انتخابات نيابية سوى في أحد موعدين: 8 أيار أو 15 أيار. بعد 15 أيار لا يعود أمامنا سوى أسبوع لانتهاء الولاية القانونية لمجلس النواب (21 أيار 2022)، ما يقتضي أن يكون انتخب برلمان جديد قبل الوصول إلى هذا اليوم. أكثر من مرة شرحت وجهة نظري. قلت إن 27 آذار يحرم آلاف اللبنانيين الذين يبلغون السن من الاقتراع، أضف الظروف المناخية غير الملائمة في هذا الوقت. لم يسبق أن جرت في لبنان انتخابات نيابية سوى في أيار أو حزيران. حتى في حالات حل مجلس النواب، كان يدعى إلى انتخابات في الربيع، وليس في الشتاء. يبدأ صيام رمضان في مطلع نيسان ويختتم في آخره، ما يتيح إجراء الاقتراع في الأسبوع التالي أو الأسبوعين التاليين. أما المتذرّعون بتعذر إجراء حملاتهم الانتخابية في شهر الصوم، فلا جواب أبسط من القول إن مَن لم يُعدّ لحملته قبل صيام رمضان لا حاجة إليها إبانه أو بعده. ثم في نيسان يمر جزء من صيام المسيحيين”.
وعوّل رئيس الجمهورية على دور المجلس الدستوري في تثبيت ما أكده هو في قانون الانتخاب، وتبنّاه تكتل لبنان القوي في مراجعة الطعن التي تقدّم بها الأربعاء الفائت. وأكد تمسكه بـالـ”ميغاسنتر”، والاقتراع لستة نواب قاريين تبعاً لما نصّ عليه قانون الانتخاب المقرّ عام 2017. وقال: “من خلال ميغاسنتر نقلل من مقاطعة الاقتراع تحت وطأة حاجة الناخبين إلى الانتقال إلى أماكن بعيدة حيث مساقطهم كي يقترعوا، فيصوّتوا حيث هم. لا نحتاج إلى جهد طويل وكبير لتجهيز الـ”ميغاسنتر” التي لا تعدو كونها شبكة إلكترونية. بها نقلل المقاطعة، ونقطع دابر الرشوة من خلال نقل الناخبين في باصات المرشحين”.
أما ما يتردّد عن احتمال تعطيل نصاب المجلس الدستوري لمنع إبطال مواد في قانون الانتخاب، فقال:”سنكون عندئذ أمام فضيحة تبدأ بالمجلس الدستوري نفسه. صحيح أن هذا التعطيل حدث قبلاً عام 2013. الآن يصعب تحمّل فضيحة يراقبها المجتمع الدولي. ليس لدى السفراء الذين يزورونني سوى السؤال عن الانتخابات النيابية والإصرار على حصولها. في كل مرة أُسأل أجيبهم: لا خطر على الانتخابات إلا إذا أراد أحد ما تعطيلها. فليفصح عن نفسه هذا الأحد”..
وأضاف “لا تمديد لمجلس النواب، ولا داعي للتفكير فيه حتى. المهل لا تزال متاحة أمامنا، ولسنا محرجين حتى الوصول إلى 8 أيار على الأقل. لا سبب لعدم إجراء الانتخابات النيابية. لكنني لن أوافق على حصولها في 27 آذار. لن أوقّع المرسوم، وأنصح بعدم إرساله إليّ لأنني سأردّه. المرسوم العادي لا تسري عليه المهل الملزمة، شأن المراسيم التي تصدر عن مجلس الوزراء، ولا يسع أحد فرضه على رئيس الدولة. إذا أرسلوا إليّ مرسوماً بـ8 أو 15 أيار فأهلاً وسهلاً”.
وأضاف “فعلاً لا أعرف سبب المناكفات على موعد الانتخابات، ومبرّر الاستعجال. لسوء الحظ أن السفراء الذين يحضرون إليّ ملمّون بخلافات كهذه ومطلعون على جرصتنا”.
ورفض أن يُساق إليه اتهام أن عدم توقيع مرسوم 27 آذار يحمّله مسؤولية تأخير الانتخابات. وقال: “لا تبكير ولا تأخير. المهلة القانونية معروفة ومحددة في الدستور لإجراء الانتخابات النيابية قبل انتهاء ولاية المجلس الحالي”
وشدد على أن “الانتخابات النيابية ستجرى، وهي الثانية في ولايتي، ولن يستطيع أحد وقف دورتها. أما الانتخابات الرئاسية فشأنها مختلف. لن يأتي بعدي رئيس كما قبلي. لن يكون بعد الآن رئيس للجمهورية لا يمثّل أحداً، ولا يمثّل نفسه حتى، بل ابن قاعدته. إذا وصلنا إلى نهاية الولاية سأترك قصر بعبدا حتماً لرئيس يخلفني. أخشى تعذّر انتخاب خلف لي، فيكون على الحكومة القائمة تسلم صلاحيات رئيس الجمهورية، لأنها صاحبة المسؤولية المنوطة بها دستورياً. أخشى أن ثمة مَن يريد الفراغ. أنا لن أسلّم إلى الفراغ”.