اعتبرت صحيفة “الخليج” الإماراتية أن زيارة الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، إلى دمشق، أمس، واجتماعه إلى الرئيس السوري بشار الأسد، لم تكن مفاجئة، كما يعتقد البعض. فالعلاقات بين البلدين والشعبين لم تنقطع، لأن الإمارات كانت دائماً وفي أحلك الظروف التي مرت فيها سوريا تؤكد أهمية الدور العربي لسوريا باعتباره أحد المكونات المهمة الرئيسية للمحافظة على وحدة أراضي سوريا كدولة عربية عضو في الجامعة العربية. وكانت الإمارات ترى بأن غياب الدور العربي سمح للقوى الدولية والإقليمية بإدارة الملف السوري من دون أي حل في الأفق للأزمة الحالية التي تعانيها سوريا جراء التدخل الخارجي.
وأكدت الصحيفة أن التواصل لم ينقطع حتى في أحلك الظروف؛ إذ أعادت دولة الإمارات افتتاح سفارتها في دمشق يوم 27 كانون الأول 2018، وجرى أول اتصال للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مع الرئيس السوري في 27 آذار 2020، وتبعه اتصال آخر في 20 تشرين الأول من العام الحالي، ولم توفر دولة الإمارات جهداً في تقديم العون والمساعدة للشعب السوري في الداخل وللاجئين السوريين في الأردن ولبنان والعراق واليونان، منذ بدية الأزمة عام 2011، من منطلقات إنسانية ووطنية؛ إذ قدمت أكثر من مليار دولار.
وأشارت إلى أن دولة الإمارات من منطلق إيمان بأهمية دور وموقع سوريا، ظلت على الدوام تدعو إلى ضرورة وضع حد للأزمة التي تواجهها، وأهمية التوصل إلى حل سياسي بما يخدم وحدة أراضيها وسيادتها، ويعيد إليها الأمن والسلام، باعتبار أن ذلك يصب في مصلحة أمن واستقرار المنطقة، ويضع حداً لظاهرة الإرهاب والتطرف التي وجدت لها بيئة مناسبة للتمدد في غير بقعة عربية وارتكاب مختلف صنوف الإرهاب.
وشددت على أن تأكيد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، أمن واستقرار سوريا ووحدة أراضيها، ودعم الإمارات لكل الجهود المبذولة لوضع حد للأزمة السورية وتلبية تطلعات الشعب السوري في التمنية والتطور والرخاء، يمثل في الواقع منطلقاً لعودة سوريا إلى الحضن العربي، وتشق مساراً جديداً يعطي الأمل بأن سوريا سوف تعود كما كانت القلب العربي النابض.
وفي سياق متصل، أشارت صحيفة “الإتحاد” الإماراتية إلى أن الإمارات سباقة دائماً في نظرتها، وحكمتها، ورؤيتها، لدفع الاستقرار في العالم. ولأن أولويتها القصوى السلم، والانفتاح، والأخوة الإنسانية، يتصدر سياستها الخارجية منهج الدعوة إلى المفاوضات والحوار لحل الخلافات، وترسيخ السلام إقليمياً ودولياً من خلال تطوير العلاقات.
واعتبرت أن في زيارة الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، إلى دمشق، ولقائه الرئيس السوري بشار الأسد، أكثر من رسالة، وأبلغ من معنى، لموقف إماراتي جامع، أكد الحرص على أمن واستقرار ووحدة سوريا الشقيقة.
ولفتت إلى أنها رسالة موحدة للدولة، تمنت للجمهورية الشقيقة الاستقرار والتقدم والازدهار، ودعم كل الجهود المبذولة لإنهاء الأزمة السورية، وترسيخ دعائم الاستقرار، وتلبية تطلعات الشعب السوري في التنمية والتطور والرخاء، مؤكدة أن الإمارات لا تريد لسوريا إلا الاستقرار، والخروج من أزمتها إلى طريق البناء والتقدم إلى الأمام.
وفي إطار المواكبة الإعلامية للزيارة وأهميتها ودلالاتها، رأت صحيفة “البعث” السورية أن زيارة الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيّان وزير الخارجية والتعاون الدولي في دولة الإمارات العربية المتحدة، واستقبال الرئيس السوري بشار الأسد له وللوفد الشقيق المرافق أمس، كانت خطوة عروبية أصيلة وواعدة، تنبع أهميتها من ضرورة وأولوية سياسة التقارب والتواصل والحوار مع سوريا في هذه الظروف الصعبة التي تعصف بالأمة، ومن إنهاء القطيعة العربية معها، لأن هذا يشكّل ضمانة قوية لعدم العودة إلى الخلف، ويسدل الستار على حقبة قاسية من الصراعات العربية المريرة، بما في ذلك من فتح الطريق إلى عودة مناخ الاستقرار والثقة والحوار الشعبي والرسمي بين العرب.
واعتبرت أن “هذه الزيارة وهذا الاستقبال الودي الأخوي المشرق الواعد هو في طريق تأسيس قاعدة انطلاق رسمية معلنة لتجاوز كثير من العقبات والإشكالات الإقليمية العديدة والمؤذية التي سببها ما دُعي بالربيع العربي، ولا سيما أن كل ما طُرح خلالها كان حاجةً وضرورة، والأهم هو ما اتُفق عليه من وضع حل المشكلات في سياقها العربي بعيداً عن التدخلات الخارجية”.
وأشارت إلى أنه “مع هذه الزيارة يقف النظام الرسمي العربي اليوم أمام خيارات إيجابية من جهة، وأمام مفترق طرق واضح من جهة أخرى عليه العمل خلاله على عودته إلى الإمساك بقراره الوطني والعروبي، والالتفاف حول قضايا العرب ومصالحهم ومصيرهم الوطني والقومي كيلا يعودوا مرة أخرى إلى طريق مسدودة بائسة تقع الأمة كلها خلالها ضحية في شرك أطماع أعدائها”.
وأوضحت أنه “من اللافت في هذه الزيارة، وكل ما فيها لافت ومهم وواعد أيضاً، هو الاتفاق على استمرار التشاور والتنسيق حول مختلف القضايا والتحديات التي تواجه العرب من أجل تحقيق تطلعاتهم، وتكثيف الجهود بين البلدين لاستكشاف آفاق (جديدة) للتعاون في القطاعات الحيوية من أجل تعزيز الشراكات الاستثمارية فيها، وتأكيد الشيخ عبد الله بن زايد دعم الإمارات لجهود الاستقرار في سوريا، وأنّ ما حصل فيها أثّر على الدول العربية كلّها، وإعرابه عن ثقته بأن سوريا (وبقيادة الرئيس الأسد) وجهود شعبها قادرة على تجاوز التحديات التي فرضتها الحرب”.
وأضافت: نعم إنها خطوة عروبية أصيلة، نأمل أن تكون منطلقاً لخطوات أخرى قريبة ومتتالية في سبيل النهوض من هذا الواقع الذي لا يليق بمستقبل أجيالنا الطالعة، وأوطاننا الجريحة.