لم يقُل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، في كلمته أمس، كل شيء، وكان واضحاً بأنه يحتفظ في جعبته بالكثير والأهم، وخصوصاً في ملفّين أساسيين هما: الترسيم البحري الذي أجّله إلى موعدٍ لاحق، وتسييس ملف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت. هذه المرة، زاد نصر الله من جرعة الهجوم على المحقق العدلي القاضي طارق البيطار بعدما نصحه مراراً بعدم تكرار أخطاء سلفه. إلا أن إمعان البيطار في ارتكاب الأخطاء والاستنسابية والتصرف كحاكم بأمره، واستخدام القانون لتصفية الحسابات السياسية، دفع نصر الله إلى التأكيد أن التحقيقات «تحتاج الى قاض نزيه وشفاف». وبما أنه «لا محكمة تريد البتّ بطلبات الرد وكفّ يده عن الملف»، لمّح الأمين العام الى إمكانية اللجوء الى سبل أخرى حين اعتبر أن على الحكومة أن تعالج الملف، ما يوحي بأن الأيام المقبلة ستحمل تطورات على هذا الصعيد.
وأكد نصر الله في كلمة متلفزة أمس أن «حزب الله يريد التحقيق حتى لو تخلّت العائلات عنه، لأننا نعتبر أننا من الذين أصيبوا معنوياً وسياسياً وإعلامياً بانفجار مرفأ بيروت». وقال «بالاعتبار الإنساني، نحن نريد الحقيقة والمحاسبة، وبالعنوان السياسي والمعنوي الذي يتعلق بنا كحزب الله نريد الحقيقة والمحاسبة».
وتساءل «لماذا لم يستمع القاضي الحالي إلى فخامة الرئيس ميشال عون ولا إلى الرئيس السابق ميشال سليمان؟ هل سأل القاضي الحالي رؤساء الحكومات السابقين؟ هل هم مسؤولون أم غير مسؤولين؟ لماذا ركض إلى الرئيس حسان دياب؟ لماذا سأل الوزراء السابقين ولم يسأل الوزراء الحاليين؟». واعتبر أن «الاستهداف واضح، وأن المحقق العدلي يتعاطى على أنه الحاكم بأمره في الملف، بينما الأصل أن يقول المحقق العدلي لعوائل الشهداء كيف أتت الباخرة؟ وباسم من أتت؟ وبموافقة من؟»، لكنه بدلاً من ذلك «ذهب إلى ملف رقم اثنين وهو الإهمال الوظيفي»، متوجّهاً إليه بالقول: «أنت تكبّر ملف الإهمال الوظيفي، رغم أننا مع المحاسبة فيه»، محذّراً من «كارثة كبيرة سيذهب إليها البلد إن أكمل القاضي بهذه الطريقة».
ولفت إلى أن «مسؤولية القضاة أكبر من مسؤولية الرؤساء والوزراء والنواب لأنهم هم من أعطوا الموافقات»، مضيفاً إن «القضاء يريد أن يحمي نفسه، لكنّ رئيسَ وزراء محترماً مثل حسان دياب تريد أن تجلبه إلى الحبس، هل هذه دولة قانون؟ هل هذه دولة قضاء؟». وأكد أن «لدينا إشكالات حول الملف، وما يحصل خطأ كبير جداً جداً، ولن يوصل إلى الحقيقة في التحقيقات. وهذا لا يعني أننا مع وقف التحقيقات، لكننا نطالب بقاضٍ صادق وشفاف وأن يكمل التحقيق بشفافية»، موجهاً نداءً إلى مجلس القضاء الأعلى بأن ما يحصل «لا علاقة له بالعدالة أو القانون، وعليه أن يحلّ الأمر. وإذا لم يقم بذلك، على مجلس الوزراء أن يقوم بحل هذا الأمر، ونحن نتكلم باسم شريحة كبيرة في هذا البلد، ومن حقنا أن تجيبوا علينا».
وتناول نصر الله موضوع الانتخابات، وأعلن تأييد اقتراع المغتربين، طالما أن فيها مصلحة وطنية، رغم أنه في الاغتراب لا تكافؤ للفرص في الترشيح ولا بالحملات الانتخابية ولا بممارسة الاقتراع بحرية وخصوصاً بالنسبة إلى حزب الله. وفي موضوع خفض سن الاقتراع إلى 18 عاماً، لفت إلى أن حزب الله كان يؤيد هذا الاقتراح منذ دخوله في الحياة السياسية عام 1992، ومشيراً إلى أن عدم إعطاء هذا الحق للشباب اللبناني فيه ظلم لهؤلاء الشباب، وقال: «نحن عملنا جدياً من أجل تعديل دستوري لتعديل سن الاقتراع وتخفيضها إلى 18 سنة»، و«للأسف، معظم الكتل كانت ترفض تعديل سن الاقتراع داخل جلسات مجلس النواب باستثناء حزب الله وحركة أمل وبعض النواب». وشدد على أن حزب الله يؤيد كل وسيلة ممكنة لإجراء الانتخابات، سواء بالبطاقة الممغنطة أو عبر الهوية أو أي وسيلة أخرى.
وفي ملف الكهرباء، اعتبر أن العتمة الشاملة «تعني الدخول في كارثة عملياً على كل اللبنانيين، وهذه الأزمة بحاجة إلى حلّ جذري»، مطالباً الحكومة بأن تكون الكهرباء أولوية في جدول الأعمال لأخذ البلد إلى طريق الحل وليس فقط عبر المسكنات. وأشار إلى وجود عروض متنوعة من الشرق والغرب لحلّ مشكلة الكهرباء في لبنان ويجب حسم الموضوع، و«إذا كان هناك فيتو أميركي لعدم حلّ هذه المشكلة فيجب الإعلان عن ذلك ليبنى على الشيء مقتضاه، كما أنه ينبغي الردّ على العرض الذي قدّمه وزير الخارجية الإيراني لحلّ مشكلة الكهرباء في لبنان»، معرباً عن خشيته من أن يكون المطلوب هو انهيار قطاع الكهرباء لتبرير خيار الخصخصة.
وتناول نصر الله الحملات على بواخر المحروقات الإيرانية، فقال «ما زلنا نسمع يوم الأحد وما بعد الأحد وما قبل الأحد وبين الأحدين اعتراضاً على دخول قوافل المازوت والمحروقات». وأعلن «عن تجديد هبة المازوت لنفس العناوين التي ذكرت سابقاً لمدة شهر جديد وهي المستشفيات الحكومية وغيرها»، وأن «المرحلة الثانية ستبدأ في تشرين الثاني ضمن عنوان التدفئة للعائلات»، و«يمكن أن ندخل عناوين إضافية لها علاقة بموسم الشتاء».
**